ليلى نور
ترتكز الرؤية المستقبلية للتعليم في مصر كما حددها برنامج الرئيس الانتخابي على 6 محاور، وتعتمد على مدخلي التطوير القطاعي الشامل والجودة الشاملة، وعندما تقلد الوزير الجديد التعليم أعلن عن تلك الرؤية في اطار اللامركزية، الوزير أحمد زكي بدر أكد قيادته لثورة تصحيح مسار التعليم قبل الجامعي في مصر، وخلق مدرسة فعالة تقدم تعليما عالي الجودة لكل متعلم في بيئة تعليمية غير نمطية تركز على المتعلم وتقوم على استخدام التكنولوجيا، ومعلم متميز على مستوى عال من المهنية والخبرة التي تمكنه من القيادة التربوية والتخطيط الجيد والتفكير المتأمل وتجعل منه عنصرا فعالا في التغيير والتطوير، أما عن المناهج فقال الوزير انه يريد مناهج ترتكز على التعلم النشط وترتبط باحتياجات الواقع المحلي وتدعم التفكير العلمي الناقد وحل المشكلات والتعلم مدى الحياة وقيم المواطنة في مجتمع المعرفة.
الوزير بدر لخص توجهاته في ضرورة مشاركة مجتمعية تطلق الطاقات الفعالة للمجتمع المدني لدعم جودة التعليم وخلق ثقافة المشاركة وبناء المجتمع الديموقراطي في ظل التوجه القومي نحو اللامركزية، وشدد على الإدارة التربوية التي تعتمد على المعلوماتية والشفافية والمحاسبية والقيادة المسؤولة والواعية لرؤية التطوير.
وإذا كانت الضجة التي صاحبت تعيين الوزير أحمد زكي بدر في الثالث من يناير الفائت خلفا للدكتور يسري الجمل قد أثارت العديد من علامات الاستفهام الا ان بدر القادم من قيادته لجامعة عين شمس والمعروف بالصرامة واجه العديد من المشكلات والمواجهات مع الجماعات الإسلامية واستطاع تحجيم نشاطهم داخل أسوار الجامعة، كذلك مشكلة المنتقبات واحتواء المشكلة بتطبيق القانون والسماح لهن بأداء الاختبارات بعد التأكد من شخصياتهن.
القرارات التي اتخذها الوزير منذ توليه الوزارة كما يؤكد هي متابعة لتنفيذ الخطط التنفيذية لبرامج الاستراتيجية القومية لتطوير التعليم والتي تمت الموافقة عليها من لجان التعليم ومجلسي الشعب والشورى، كما أعلن عن تنفيذ خطة الأبنية التعليمية لبرنامج الرئيس الانتخابي لبناء 3500 مدرسة.
وفي قرار مفاجئ بعد توليه الوزارة أحال مدير عام ادارة 6 أكتوبر التعليمية الى النيابة الإدارية والغاء اختبارات طلاب الصفوف الرابع والخامس والسادس الابتدائي والأول والثاني الإعدادي بمدارس المحافظة من امتحان نشاطي الحاسب الآلي والمكتبات في نهاية الفصل الدراسي الأول وتوقيع جزاءات مادية على الموجهين والمعلمين حيث أدينوا بإدراج مادة المكتبات ضمن جدول الامتحان كمادة نجاح ورسوب وليس لها كتب مقررة في مدارس المحافظة.
وجاء قرار الغاء اجراءات مواجهة انفلونزا الخنازير من المدارس عقب انتهاء اجازة الربيع ليثير موجة من ردود الأفعال المختلفة بين أساتذة المناعة إذ صوّت البعض ورفضه البعض الآخر لأنه صادر من دون استطلاع رأي وزارة الصحة.
وأعلن الوزير بدر عن تطوير نظام الثانوية العامة وتطبيقه في 2011 بعد تأكيد رئيس الوزراء د.أحمد نظيف على تخصيص 2.5 مليار جنيه خلال 3 سنوات لتطوير الثانوية العامة واعتماد 250 مليون جنيه لمشروع اعداد المدارس الثانوية للنظام الجديد وعددها 1730 مدرسة، لافتا الى ان النظام الجديد يبدأ دخول حيز التنفيذ اعتبارا من العام 2011، كما تقرر تحويل المدارس الثانوية الصناعية الى مدارس متخصصة تعمل بنظام المصنع مثل المدارس التي تعمل تحت اشراف شركة المقاولون العرب أو تحت اشراف وزارة الإسكان، كما أشار الى ان تطوير التعليم يشمل إنشاء جامعة عامة في كل محافظة والتوسع في الجامعات الخاصة مع مراقبة أدائها.
وضمن القرارات التي أصدرها الوزير بدر خلال شهر من توليه وزارة التربية والتعليم في تاريخ 7 فبراير الجاري وقرار يحمل الرقم 21 والذي قرر الزام المدارس الأجنبية بـ «تحية العلم» والنشيد في طابور الصباح بالنسبة للطلاب المصريين المقيدين بها وشدد على تنفيذه. وأثار القرار العديد من الآراء التي رأت انه قرار تنقصه الإرادة التنفيذية وسيظل حبرا على ورق، فهناك مدارس مسلمة ومسيحية لا ترفع العلم ومدارس دينية لا تؤدي تحية الصباح، وهناك مدارس ترى تحية العلم من الوثنية وان العلم رمز وثني، فالمدارس الدينية مسلمة ومسيحية لها علمها وأناشيدها وتحيتها وتفرضها على الطلاب كما تفرض طائفيتها في مناهجها ومعاملها وعلى كل من يعمل فيها أو يلتحق بها فهل سيدخل الوزير تلك المدارس ويواجه أصحابها؟
وفي مواجهة ساخنة مع الدروس الخصوصية تستمر حملة الوزير بدر لإعادة الهرم المقلوب في العملية التعليمية، اذ يأتي قراره بالعزل من الوظيفة لكل من ضبط بإعطاء دروس خصوصية وذلك مستندا إلى المادة 103 من قانون تنظيم الجامعات ويبحث الوزير عن مدخل لتطبيقه على كل من يعمل في سلك التعليم عامة.
وضمن مواجهة التحديات أمام التعليم الخاص ومنها المعايير التي تتطلبها مرحلة رياض الأطفال ومعايير الهيئة العامة للأبنية التعليمية لإنشاء المدارس الخاصة وخاصة في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية والغاء الإعفاء الضريبي والمصروفات المخفضة لبعض المدارس والتي لا تتناسب مع متطلبات التأهيل للحصول على الجودة، يؤكد الوزير على دور جديد للمدارس الخاصة لتطويره ليهتم بالمعلم ورعايته وتأهيله وكرامته ووضع آليات ردع لكل من يتطاول على المعلم والمدرسة ووصف الوزير الاعتداء على المعلم بأنه اعتداء على الوزارة والقيم كلها معلنا استمرار الاجراءات الاحترازية لمواجهة انفلونزا الخنازير حتى منتصف مارس المقبل.
وفيما يخص الكادر رأى الوزير انه يمثل نقلة نوعية للمعلمين وهذا يظهر من الإقبال الشديد من قبل الفئات التي لم يشملها الكادر للتقدم للأكاديمية، ويؤكد ان قانون التعليم الحالي يحتاج الى تغليظ العقوبة لتكون رادعة بالنسبة لأولياء الأمور وذلك يدخل في اطار منع التسرب.
أجندة الوزير التي لم يعلن عن تفاصيلها حتى الآن واكتفى بعبارة «التطوير الشامل» خلقت أجواء من التساؤلات، البعض خرج عن صمته وانسحب من المؤسسات التعليمية واداراتها وخاصة بعض رجال الوزير السابق يسري الجمل، وخرجت الاستقالات في عدة صور منها المسبب ومنها الجماعي ومنها لعدم التمكن من مواصلة العمل خاصة ان الوزير بدر جاء برجاله ليعيد صياغة وزارة التربية والتعليم حسب رؤاه الخاصة وخططه وكان آخر هذه الاستقالات تلك التي تقدم بها أعضاء المركز الإعلامي بوزارة التربية والتعليم يوم الأربعاء الفائت للوزير بسبب عدم قيام المركز خلال الأسابيع الماضية بمهامه على حد وصف الاستقالة وتعد هذه الاستقالة الجماعية هي الثانية خلال الأسابيع الستة الماضية التي تولى فيها بدر منصبه الوزاري حيث تقدم 7 من مستشاريه باستقالة جماعية قبل 4 أسابيع وأعضاء الفريق الإعلامي المستقيلون هم: أيمن العوضي رئيس الأحداث الجارية بقطاع الأخبار، ورجائي السخاوي مدير عام المونتاج ومحمد توفيق مدير عام الهندسة الإذاعية والصيانة وحسن رزق مدير عام التصوير ومصطفى نجيب مصور أول وماجد برنابه مصور أول وجميعهم من المنتدبين من التلفزيون المصري، وجاء بالاستقالة ان الوزارة تعاقدت معهم لتطوير الأداء الإعلامي لها وشرح سياسات التعليم وانهم نقلوا ما يحدث من تطوير للخطة الاستراتيجية للرأي العام وان استقالتهم جاءت بسبب ضغط من جانب أحمد حسن ومحمد علي وكلاهما من رجال الوزير الجديد.
حزمة من التحديات تواجه الوزير بدر فهل يقود أحمد زكي بدر قاطرة التعليم بالصورة التي رسمها له البعض كنجل لوزير داخلية مصر الأسبق؟ وهل قطار الإصلاح التعليمي الذي أعلنه فور توليه الوزارة خطوة لمشروع تعليمي قومي يلتف حوله كل المصريين لوقف الهدر والتدهور في المناهج وسلبياتها وإعادة المنظومة القومية للتعليم من حالة الشتات؟
التغيير وإعادة الهرم المقلوب الى وضعه الطبيعي هو ما ينتظره الشارع المصري في قضية التربية والتعليم في مصر فهل يفصح بدر عن أجندته التفسيرية؟