شكل موقف رئيس تيار التوحيد الوزير السابق وئام وهاب الذي دعا فيه الرئيس ميشال سليمان الى الاستقالة مفاجأة سياسية وكان موضع تداول واستغراب وتساؤل في الأوساط السياسية لأسباب ثلاثة أساسية:
1- اعلان وهاب هذا الموقف السياسي الذي هو على درجة دقيقة وحساسة من الرابية وبعد لقائه مع العماد ميشال عون، ما أعطى انطباعا بان هذا الموقف يعكس بشكل أو بآخر أجواء عون وان لديه انتقادات ومآخذ على الرئيس سليمان لا يخرجها الى العلن، ولكن مسارعة العماد عون عبر أوساطه الى التوضيح أنه فوجئ بما قاله وهاب، وعبر اعلامه الذي «عتم» على التصريح ولم يأت على ذكره، اضافة الى التأكيد الصادر عن وهاب أن ما قاله يمثل رأيه الشخصي، كل ذلك ساهم في تبديد الانطباع السلبي واحتواء أزمة كانت مرشحة للانفجار بين بعبدا والرابية.
2- صدور هذا الموقف عن واحد من أبرز حلفاء دمشق والذين حافظوا على علاقة ثابتة معها رغم كل المتغيرات، ما أعطى انطباعا بأن رئيس تيار التوحيد يعكس بشكل أو بآخر أجواء دمشق وان لديها انتقادات ومآخذ على الرئيس ميشال سليمان، وانها تريد ايصال رسالة سياسية اليه بطريقة غير مباشرة ولكنها واضحة ومتقدمة.
3- ذهاب الموقف السياسي المعلن بعيدا الى حد المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية وتصوير عهده بأنه بات في حكم المنتهي وسط همسات تتحدث عن «تقصير الولاية الرئاسية» وان الرئيس سليمان ليس في امكانه الاستمرار على هذا النحو، وفي رفع درجة الضغوط الى هذا المستوى، ما يعد من جهة إخلالا بقواعد اللعبة والمعادلة السياسية التي أرساها اتفاق الدوحة والتفاهم السوري ـ السعودي، ويعاكس من جهة ثانية المسار السياسي في هذه المرحلة وما يتميز به من هدوء واستقرار ومصالحات وتوافق مقدما عليه مسارا آخر من التوتر وعدم الاستقرار السياسي والمواجهة. وفي الواقع فإن هذا الموقف الذي اخترق حالة الهدوء والهدنة عزز تساؤلات مقلقة طرحت مؤخرا حول سر هذه الحملة المباغتة التي تشن ضد الرئيس ميشال سليمان وحول الرسالة السياسية التي تنطوي عليها:
- هل ان الأمر يتعلق بما يعتبره حلفاء دمشق أخطاء سياسية متراكمة، من خطأ التقدير في الانتخابات النيابية الى خطأ التوقيت في الدعوة الى هيئة الحوار؟
- أم يتعلق الأمر بما يعتبره هؤلاء تبدلا في موازين القوى الداخلية والاقليمية تفرض تغييرا في تموضع رئيس الجمهورية وخروجه من الموقع الوسطي التوافقي بعدما زالت الظروف والأسباب التي أدت الى قيام هذا الوضع ولم يعد استمراره متناسبا مع مقتضيات وطبيعة المرحلة الجديدة؟
- أم يتعلق الأمر بضغوط استباقية، وحيث ان رفع درجة الضغوط السياسية على رئيس الجمهورية يستبق أحداثا واستحقاقات آتية ولدفعه الى تكييف موقفه منها والتعاطي معها بطريقة مختلفة؟ وهل هذه الاستحقاقات داخلية صرف تتعلق بتعيينات ادارية وانتخابات بلدية، أم تذهب الى ما هو أبعد وأهم في منطقة مضطربة ومقبلة على تطورات وخلط أوراق، وحيث لا يعود مقبولا ان ينسحب الموقع التوافقي للرئيس سليمان في الداخل اللبناني على سياسته وموقعه في المعادلة الاقليمية ولا تعود مقولة لبنان خارج سياسة المحاور الاقليمية كافية؟ اذا كانت الدعوات المبكرة والمفتعلة الى استقالة الرئيس سليمان تشكل مؤشرا سياسيا سلبيا ومقلقا، فإنه لا يمكن تحميلها أكثر مما تحمل أو البناء عليها في تحديد مسار ومستقبل الوضع، وفي اعتبارها تعكس حالة سياسية موجودة ومرشحة للتفاقم، ومن ايجابيات ما حدث انه أدى الى تظهير وحدة الحكم، وان الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري سارعا الى الدفاع عن رئيس الجمهورية واحتواء الهجوم عليه وعزله عن المسار السياسي العام، فكان الرئيس سليمان في غنى عن الرد والدفاع عن نفسه.
واقرأ ايضاً:
لبنان: انتفاضة سياسية للدفاع عن سليمان.. ووهاب يتهمه بالإساءة إلى المقاومة
إلهام فريحة لـ «الأنباء»: إسرائيل عدونا حتى لو اعترفت بها الكرة الأرضية
أخبار وأسرار لبنانية