- المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة اللبنانية أكبر بكثير من نسبة الـ 20% المخصصة لها في «البلدية»
- ثوابتنا بقيت ذاتها.. لا مصلحة تعلو فوق مصلحة الوطن.. والعلاقات بالأشقاء العرب قناعة راسخة
بيروت ـ عمر حبنجر
«أيام على غيابه» اول كتاب بتوقيع الهام سعيد فريحة، صنعته التجارب ورسمت الايام خريطة الطريق اليه.
تجربة الحياة في ظل الوالد الصحافي الكبير مؤسس «دار الصياد» في لبنان، تجربة القدرة على الاستمرار بعد رحيله، والعمل الشاق والممتع معا، في الاصرار على الصدور من تحت ركام الحرب. وتقول الهام فريحة المدير العام لدار الصياد، في مقدمة كتابها الذي صدر بالتزامن مع الذكرى الثانية والثلاثين لغياب الوالد المؤسس: لست «أديبة» بالمعنى المألوف، ولو انني ولدت وفي فمي قلم، وسط الحبر والورق، وعشت على هدير المطابع.
وهذا الكتاب حصيلة افكار وحوارات ومواقف ومشاعر صدرت في «الأنوار» بتوقيع «نادرة السعيدة» وغدت صرحا مفتوحا على اهتمامات الناس.
طفولتي كانت سعيدة، في احضان الوالدين، مصدر آخر للسعادة في مرحلة الطفولة: شقيقاي عصام وبسام، عصام الشقيق البكر الذي تصرف بدور الشقيق الاكبر منذ تلك المرحلة المبكرة، وبسام الذي تمتع منذ طفولته بدينامية مذهلة. وكانت الحرب في سبعينيات القرن الماضي، حيث خاضت صاحبة الكتاب مغامرة البقاء في لبنان الدامي، في ادارة دار تصدر تسع مطبوعات، بين يومية واسبوعية ودورية، ثلاث وثلاثون سنة، في غمرة التحدي والمسؤولية، اتسمت بالقسوة والحدة، المغايرة لطبعها، ريثما استطاعت حماية مؤسستها الاعلامية الكبرى من السيطرة الميليشياوية. هوى الصحافة جلب لي ارتياحا ورضا، تقول الهام فريحة في مقدمة كتابها، لكنه خلق لي في نفس الوقت خصوما ومؤيدين، كان «العدو» يظهر فور ان اكشف عن قضية او فضيحة وكان «الصديق» الحر يظهر حينا وحينا لا يظهر، لكن الصداقة تبقى في سياق التجانس الروحي. ترى ان التطرف يقود الى التهور والاعتدال الى الحكمة، وتؤمن مع غاندي بعدم معاداة الاشخاص بل افعالهم. في حديثها لـ «الأنباء»، وردا على سؤال حول ما أخذت من والدها، عميد الرعيل الاول من الصحافيين اللبنانيين، فردت بالسؤال: بل قل ماذا لم آخذ منه؟ رافضة اعتبار كتابها الاول «جعبة» جديدة، «لأن لا جعبة، بعد جعبة سعيد فريحة».
كان سعيد فريحــة يمثــل حالة سياسية وطنية وقومية، فأي منهج سياسي لـ «دار الصياد» اليوم؟ اختصرت الهام فريحة بالقول: لا مصلحـة فـوق مصلحـة الوطـن والعلاقـة بالاشقاء العـرب، مـع التأكيـد ان اسرائيل هي العدو حتى لو اعترفت بها الكرة الأرضية.
وفيما يلي نص الحوار:
تصادف اصدار كتابك الاول مع الذكرى الثانية والثلاثين لغياب والدك سعيد فريحة الصحافي والاديب اللامع، وصاحب «الجعبة» الشهيرة. السؤال: ماذا أخذت من والدك؟
أغرب ما في الصحافة، وأمتع ما فيها، في آن واحد، ان سؤالا من سطر واحد يستلزم مجلدات للاجابة عنه، ماذا أخذت من والدي؟ للاختصار أصوغ الجواب بصيغة سؤال: وماذا لم آخذ منه؟ من سعيد فريحة الاب أخذت الحنان والقلب الكبير وحب العائلة، ومن سعيد فريحة الاستاذ أخذت منه حب التلاميذ ومرافقتهم الى مرحلة الاحتراف، ومن سعيد فريحة عاشق الحياة أخذت حب الحياة، ولعل «ثقافة الحياة» التي راجت هذه الايام، بدأت معه.
هل «أيام على غيابه» «جعبة» جديدة؟
«جعبة» سعيد فريحة فريدة ونادرة وهي لكل الايام، فحين تشير في سؤالك الى «جعبة جديدة» كأن هناك «جعبة قديمة» هذا خطأ، فلا «جعبة» بعد «جعبة سعيد فريحة».
قصة نادرة السعيد
ما قصة «نادرة السعيد» التي توقعين باسمها يومياتك في «الأنوار»؟
انها قصة ممتعة ومؤلمة في آن واحد، ممتعة لأنني كنت أتخفى وراءها كمن يُصفق في العتمة اثناء فيلم السينما وحين تُضاء الانوار يتوقف التصفيق. كانت «نادرة السعيد» تقول ما لا نجرؤ على قوله، وكنت أحملها ما لا طاقة لأحد على تحمله، أما الوجه المؤلم للاسم المستعار فهي انها كانت تتلقى السهام من دون ان تكون لها القدرة على الدفاع عن نفسها.
الاستاذ سعيد فريحة كان يمثل حالة سياسية وطنية على المستوى اللبناني وقومية على المستوى العربي، فأين أنت من هذا الإرث الكبير، وبالتالي كيف تعرفين المنهج السياسي الذي تعتمده «دار الصياد» منذ رحيله، هل هو استمرارية أم ثمة تغيير؟
انه التغيير من ضمن الاستراتيجية. العالم تغير والمفاهيم تبدلت وثورة التكنولوجيا غيرت طريقة التفكير، لكن الثوابت بقيت هي اياها: لا مصلحة تعلو فوق مصلحة الوطن، والعلاقات بالاشقاء العرب قناعة راسخة، واسرائيل هي العدو حتى لو اعترفت بها كل الكرة الارضية.
كتاب جديد
المحلل السياسي لـ «الانوار» الذي هو بحسب الانترنت أنت شخصيا، هل نتوقع رؤية تحليلاته في كتاب؟
كل شيء يأتي في حينه وفي سياقه الطبيعي، ولا تنس ان الكتاب الذي صدر اخيرا جاء بعدما أكمل قلم «نادرة السعيد» عامه العاشر، اقول لك: كل شيء وارد والامور مرهونة بأوقاتها، ولكن ما أستطيع أن أكشفه لك هو أن كتابا جديدا وُضع على نار خفيفة يستوحي المحلل السياسي لكنه أقرب الى تأريخ مرحلة بكل عناصرها.
مع كل استحقاق سياسي، نيابي أو وزاري يظهر اسم الهام فريحة، هل من طموحات يمكنك الحديث عنها؟
ومن قال ان الطموح يقتصر على منصب سياسي، أنا أحقق طموحي كل صباح مع كل قارئ يفتح جريدته أو يشاهد صفحة الانترنت، المنصب السياسي عابر وغالبا لا يترك أثرا، أما القلم فأثره لا يمحى، فالناس تتذكر شكسبير ولا تعرف من كان رئيس وزراء بريطانيا في زمنه.
في مجلس النواب اللبناني مشروع قانون للبلديات يعطي المرأة 20% من رئاسات وعضوية المجلس البلدي، هل ترين في هذا تقديرا للمرأة أم ترين أن «الكوتا» تحط من قدرها ككل عمل فارض على حساب حرية الناس وقناعاتها؟
ومن قال إن المرأة لا تستحق نسبة أكثر أو أقل؟ لماذا يضع المُشرع نفسه مكان الناخب ويُقرر عنه؟ فماذا لو قرر الناخب «كوتا» أكبر فماذا نفعل بها؟ ان المسؤوليات الملقاة على عاتق المرأة اللبنانية أكبر بكثير من نسبة الـ 20%، فلماذا نُطالبها بأكثر من 50% ولا نعطيها سوى 20%؟ هذا إجحاف.
واقرأ ايضاً:
لبنان: انتفاضة سياسية للدفاع عن سليمان.. ووهاب يتهمه بالإساءة إلى المقاومة
تساؤلات كثيرة عن «سرّ ورسالة» الدعوة المفاجئة إلى «استقالة الرئيس»
أخبار وأسرار لبنانية