بيروت ـ أحمد منصور
تكتسب الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان اهمية كبيرة على المستوى السياسي وتداعياته، ولابد من التوقف عندها، وعلى وجه الخصوص في منطقة اقليم الخروب في قضاء الشوف ذات الخصوصية المرتبطة ارتباطا وثيقا بالانتماء المذهبي، حيث تختلف عن بقية مناطق الجبل، كونها تضم 70850 ناخبا غالبيتهم من الطائفة الاسلامية السنية وبينهم 19350 ناخبا مسيحيا.
ويتوقع من هذا المنطلق ان تشهد المنطقة مبارزة سياسية وللمرة الاولى بعد الانتخابات النيابية الماضية، وبعد خطوة انفصال النائب وليد جنبلاط عن قوى 14 آذار، بين الحليفين المتنافسين في المنطقة رئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وبطرق غير مباشرة وغير معلنة وستظهر صورتها على محاور المجالس البلدية والاختيارية في القرى والبلدات من خلال دور تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، لتأكيد الحضور كل في وجه الآخر واظهار حجمه، خصوصا ان المنطقة تعرف بالامتداد الجنبلاطي التاريخي منذ عهود قديمة وبحضور حريري حديث، والذي قد يكون سببا في اشعال فتيل الحساسية التنافسية بين الطرفين في المنطقة، في وقت يشدد الزعيمان (سعد الحريري ووليد جنبلاط) على التمسك بتحالفهما والعمل على تكريسه وانسحابه على مجمل الاستحقاقات الداهمة ومنها الانتخابات البلدية والاختيارية، ولهذا اوعزا الى مناصريهما ومحازبيهما بالتقيد بهذا «السقف» وضمن اطاره بغية عدم تعكير الاجواء والاوضاع ومنعا من الدخول في متاهات الصراعات والانقسامات ورسم المحاور.
ولكن يبدو ان حركة الاصطفافات السياسية التي نشأت في الآونة الاخيرة على خلفية التطورات والمستجدات على مستوى الساحة السياسية، لاسيما بعد احداث الثامن من مايو 2008 وما رافقها من عمليات «نفخ» في «البوق» المذهبي، فإنها سترخي بظلالها في المنطقة التي لن تكون بمنأى عن هذه التطورات وسيكون لها تأثير كبير ودور في مسار الانتخابات البلدية، خصوصا ان البعض يروج لها من دوافع الانتقام وتصفية الحسابات السياسية بين القوى المتنافسة والتي قد تخرق قاعدة وخارطة التحالف المرسوم وتأخذ الاتجاهات الفردية والذاتية لا التوجه العام.
البلديات المتوافقة
وانطلاقا من هذا الواقع الذي تعيشه المنطقة، وحفاظا على الاستقرار والاجواء الطبيعية، باشرت القوى السياسية المتعددة والعائلات حركتها تحت عنوان عريض وهو التوافق، حيث بدأت تتكثف الاتصالات والمشاورات واللقاءات بين العائلات في جميع القرى والبلدات للاتفاق على مرشحيها، على اعتبار ان العائلية هي التي تتحكم في هذا الاستحقاق ومكوناته اكثر من العامل السياسي والذي لا يمكن ابعاد تأثيراته ومفاعيله في هذا الخصوص.
وتشهد في هذا المضمار معظم قرى وبلدات الشوف الصغيرة والكبيرة استنفارا عائليا واسعا وكبيرا، حيث يطول جميع الفروع التي لا يمكن ان تستثنى، وتسارع المشاورات والاجتماعات العائلية الداخلية لتسمية مرشحيها للمجالس البلدية في المرحلة الاولى قبل الدخول في عملية التحالفات وتركيب اللوائح، فيما تترقب القوى مجريات الاوضاع في انتظار تبلور الصورة وافساح المجال امام دور العائلات للتوافق فيما بينها، وعليه فقد فضلت القوى السياسية عدم تشكيل اللوائح في القرى والبلدات وتركت الامور للعائلات، ولكن هذا لا يعني انها تقف موقف المتفرج، فالاتصالات والمشاورات تشملها لتسمية المرشحين وتداول الاسماء، والتي يرجح ان يكون لها دور في المرحلة المقبلة من تشكيل اللوائح والتوافق بين الاطراف الاخرى.
المعقل الاساسي
وعلى محور آخر تتحضر الجماعة الاسلامية لخوض الانتخابات في العديد من القرى والبلدات والتي تتمثل فيها الجماعة في مجالسها البلدية، كبرجا وشحيم وكزمايا وسبلين وداريا وحصروت، انطلاقا من ان المعقل الاساسي للجماعة الاسلامية في جبل لبنان هو منطقة اقليم الخروب، ويبدو ان معركتها الكبرى ستكون في بلدة برجا التي تضم 13000 ناخب، حيث تمكنت الجماعية من الفوز بكامل لائحتها في المجلس البلدي في دورتي 1998 و2004، بمواجهة لائحة الاحزاب مجتمعة آنذاك، واليوم هناك محاولات عديدة من قبل الاحزاب والقوى السياسية لانتزاع المجلس البلدي من الجماعة التي تصر على خوض المعركة هذا العام متحالفة مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي ولكن على اساس الاحتفاظ برئاسة المجلس واغلبية الاعضاء لصالحها، وهذا ما يدفع الامور الى رسم معالم معركة حامية قد تستعمل فيها جميع الاسلحة الانتخابية بين القوات السياسية لايصال مرشحيها او مؤيديها.