شكلت مشاركة القوات اللبنانية عبر وفد رفيع المستوى (نائب الرئيس النائب جورج عدوان، الوزيران ابراهيم نجار وسليم وردة، النائبان أنطوان زهرا وأنطوان أبو خاطر) في احتفال السفارة السورية في البيال، مفاجأة سياسية للحضور وللجهة الداعية، اذ لم يتوقع السفير السوري علي عبد الكريم علي حضور القوات بطريقة تعكس وجود «قرار سياسي» بالمشاركة. وبعدما كانت الدعوات السورية وجهت «بالمفرق» الى كل النواب والوزراء من دون استثناء، تصرفت القوات وحضرت نوابا ووزراء كحزب سياسي وانطوى حضورها على رسالة سياسية تضاف الى رسائل أخرى أطلقها رئيس هيئتها التنفيذية د.سمير جعجع منذ زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق بأنه يدعم خطوات الحريري في اتجاه دمشق وعملية بناء علاقة من دولة الى دولة، وهذا الموقف اقترن بوقف تام من جانب «القوات» لكل أنواع الحملات السياسية والاعلامية ضد دمشق من دون توقيف الحملة على سلاح حزب الله.
بعد احتفال البيال و«المفاجأة القواتية» فيه، مفاجأة سياسية أخرى من دمشق تمثلت في استقبال الرئيس السوري بشار الاسد رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية. زيارة فرنجية الى دمشق ليست حدثا وانما هي أمر طبيعي ومألوف. الجديد كان الاعلان عن هذه الزيارة والطابع الرسمي للقائه مع الرئيس الاسد.
بعد احتفال البيال أيضا.. بدأ الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بفتح ناره السياسية على جعجع. وهذا يحصل للمرة الأولى منذ ٢ اغسطس ٢٠٠٩ تاريخ اعلان قراره الشهير بالخروج من ١٤ آذار من دون ان يهاجم حلفاءه السابقين لينحصر خطابه السياسي في اتجاه سورية وحزب الله، بإيجابية مفرطة ومن دون اتباع لغة سلبية ضد «مسيحيي ١٤ آذار».. وبالمقابل فإن «القوات» تفادت أي اصطدام سياسي أو اعلامي مع جنبلاط و«هادنته» رغم الانقلاب الذي أحدثه في مواقفه الى حد التعارض مع مواقفها، وفي تحالفاته الى حد التحالف مع خصومها خصوصا في الجبل..
في التفاصيل والمعلومات والتطورات السياسية على هذا الصعيد:
- قبل التئام هيئة الحوار في بعبدا في جلستها الأسبوع الماضي دار حوار بين رئيس الحكومة سعد الحريري وفرنجية الذي سمع يقول له «الهيئة عم بتعبد الطريق لجعجع لزيارة سورية؟ نحن بالمرصاد لهذه المحاولة». ضحك الرئيس الحريري ولم يعلق بعدما كان حرص عند دخوله القاعة على مصافحة الجميع وعلى تقبيل فرنجية الذي بادله النكات والمزاح.
- مصادر سياسية قريبة من دمشق تقول: «الحريري يشعر بان مبادرة «القوات» الايجابية بمشاركتها في احتفال السفارة السورية في البيال جاءت في التوقيت المناسب لتثبت صحة ما يروج له من ان جعجع واقعي وعقلاني في قراءته وحساباته السياسية، ما يستدعي الإحاطة به ليكون جزءا من معادلة التسوية الداخلية والاقليمية، بدلا من دفعه نحو خيارات متطرفة. وانطلاقا من هذه المقاربة، مازال الحريري يأمل إمكان إقناع دمشق بفوائد استمرار علاقته بجعجع، على قاعدة انها تفيد في تليين موقفه وقد تساعد تدريجيا في تقريبه من سورية.
ولكن الحريري سيكتشف عاجلا أو آجلا، حسب هذه المصادر، أنه من الصعب جدا التسويق لقائد القوات اللبنانية في دمشق، مهما كان بارعا في فن التسويق وفي تلميع صورة حليفه، أولا لأن القيادة السورية ليست بوارد التشويش على موقع زعيمين أساسيين في الساحة المسيحية هما العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، وثانيا لأنها لا تثق في نوايا جعجع والتزاماته في ظل إصراره على معاداة سلاح المقاومة، علما بأن الموقف من المقاومة هو المقياس بالنسبة الى سورية في تحديد الصديق والخصم.