أنهت اسرائيل مناورة «تحول 4» لاختبار جهوزية الجبهة الداخلية. وأظهر الاسرائيليون حيال هذه المناورة - التي كشفت عن ثغرات مهمة - لامبالاة واضحة، في حين أنهم أظهروا اهتماما أكثر بخطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله التصعيدي، وهذا الاهتمام ظهر على المستوى الشعبي ولم يظهر على المستوى السياسي لأن حكومة نتنياهو تتبع سياسة تجاهل خطب نصرالله وادراجها في سياق حرب نفسية ودعائية.
التعليق الرسمي الوحيد حتى الآن على معادلة «الردع البحري» التي أطلقها نصرالله صدر عن وزير البنى التحتية عوزي لانداو، في حديث للفضائية الإسرائيلية ردا على سؤال يتعلق بـ «التهديدات الأخيرة التي يطلقونها ضد إسرائيل»، فقال إن «من الواضح لدى السوريين، وأيضا لدى الجميع من حولنا، أن من يتجرأ على توجيه ضربة لنا فسيعود مئات السنين إلى الوراء، وليس لدي أي شك في ذلك»، مضيفا أن «أي نظام يقوم بضربنا، لن يبقى موجودا. الدولة التي تقوم بذلك لن تبقى على حالها في المستقبل، كما هي عليه الآن». وردا على سؤال مباشر عن الجهة المقصودة بكلامه، وما إذا «كان الكلام موجها إلى سورية ولبنان»، قال لانداو: «لا أريد أن أذكر الأسماء، لكن يجب أن يكون واضحا للجميع، أن الدولة العبرية ترى أن سورية هي المسؤولة عما يمكن أن يصيبنا في المستقبل انطلاقا من لبنان، فسورية هي التي تقف وراء ما يحدث هناك».
ولكن الاسرائيليين عبروا خلال اليومين الماضيين عن ردود فعلهم الخاصة على صفحات المواقع الإخبارية الإسرائيلية على الإنترنت، بين إطلاق الشتائم، كالعادة الإسرائيلية المتبعة، والإعراب عن تصديقهم لما يقول نصر الله الذي «عادة ينفذ كل ما يعد به». وفضل عدد كبير من رواد المواقع مهاجمة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، الذي «يتحمل المسؤولية» بسبب انسحابه من لبنان عام 2000 أما في موقع صحيفة «هآرتس»، فشدد أحد الرواد على وجوب تصديق ما يقوله نصر الله، وطالب بـ «وجوب الاهتمام بأقواله جديا، لأنه الوحيد الذي وعد ونفذ ما وعد به»، بينما قال آخر: «علينا في الحرب المقبلة أن نقضي عليه نهائيا». وأشار أحد الرواد إلى أن «استهداف سفينة غير إسرائيلية في عرض البحر، من شأنه أن يضع حزب الله في مواجهة مع نصف دول العالم». وفي عينة من الردود، قال أحد رواد موقع صحيفة «معاريف» على الإنترنت إنهم «في لبنان يحتفلون بذكرى هربنا، في الوقت الذي مازال لدينا من يفتخر بذلك»، في إشارة إلى إيهود باراك، بينما قال آخر: «نجري هنا المناورات ويصاب الجميع بالذعر، بسبب نصر الله الموجود في الشمال. هنا مناورات وهناك تصعيد ضدنا». وكتب أحد رواد موقع القناة العاشرة الإسرائيلية يقول: «على حكومتنا أن تتعلم من العدو كيف تقوم بالحرب النفسية»، فيما قال آخر: «أنا يهودي، لكن أحبك يا نصر الله، لأنك شجاع وقوي». أما في موقع واللا الإخباري على الإنترنت، فقال أحد الرواد: «عليكم أن تعيروه اهتماما كبيرا، فهذا الرجل يقول الحقيقة، وهو لا يخاف من الهزيمة». وقال آخر: «أين الموساد؟ يجب في المرة المقبلة أن نمحو لبنان عن الخريطة». من جهتها، كتبت صحيفة «هآرتس» أن «إسرائيل تجري مناورة واسعة النطاق لحماية نفسها من الصواريخ، بعد انقضاء عشر سنوات على انسحابها الأحادي الجانب من لبنان». وتقول إن تراجع مكانة إسرائيل يعود إلى الأسلوب الذي خرجت به من لبنان عام 2000، إذ «كان عليها أن تنهي وجودها في جنوب لبنان بإجراء ردعي، لا بهروب مخز يستدعي استمرار العدوان عليها». وتضيف: «لقد ألقى نصر الله خطابا في ذكرى ما سماه مرور عشر سنوات على الهرب الإسرائيلي المذعور، وإسرائيليون كثر يوافقونه (الرأي) على توصيف أكبر أعداء إسرائيل (نصر الله)، أن مناورة قيادة الجبهة الداخلية ليست إلا ثمرة الخوف من الصواريخ التي يملكها، وإذا هاجمته إسرائيل، فإن السفن الراسية في الموانئ الإسرائيلية أو الآتية إليها، ستكون عرضة للقصف، لا الجبهة الداخلية والمنشآت العسكرية وحسب، وهذا الذي يردع إسرائيل، لا النقيض من ذلك».
المعلق في «هآرتس» آري شافيت تحت عنوان «مسألة وقت» كتب يقول: «لا ينبغي لأحد أن يوهم نفسه. فالوضع الأمني القومي غير جيد. لقد جعل الانسحاب من طرف واحد من لبنان، اسرائيل تتعرض لتهديد استراتيجي من الشمال. والانسحاب من جانب واحد من قطاع غزة جعل اسرائيل تتعرض لتهديد بالصواريخ من الجنوب أيضا. إن حرب (ايهود) اولمرت في لبنان زادت في قوة حزب الله زيادة لم يسبق لها مثيل. وحرب اولمرت في غزة أضعفت شرعية اسرائيل على نحو خطر». وكان من نتيجة هذه الأحداث الأربعة التكوينية على اثر تطور السلاح المائل المسار أن أصبحت اسرائيل في 2010 أكثر تعرضا للتهديد مما كانت اسرائيل في 2000. إن قدرتها على استعمال قوة تسحق مهدديها تقلصت جدا، الهدوء هو هدوء مضعضع، والجليد جليد دقيق، لا نعلم متى سينكسر وأين؟».