بيروت ـ عمر حبنجر
كشفت احدى محطات التلفزة التركية عن وقائع الساعات الحرجة التي رافقت انعقاد جلسة مجلس الوزراء اللبناني الاربعاء الماضي والمعروفة بـ «جلسة اللاموقف» من العقوبات الدولية على ايران، والتي نجحت الجهود التركية خلالها في انقاذ الحكومة اللبنانية من الانهيار، بحسب المحطة.
ونقلت المحطة عن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان اتصالات هاتفية استمرت ثلاث ساعات وشارك فيها رئيس الجمهورية عبدالله غول ورئيس الحكومة رجب طيب اردوغان واوغلو نفسه مع الرئيس سعد الحريري والمسؤولين اللبنانيين الآخرين.
وقال اوغلو انه من اجل استمرار الحكومة اللبنانية تم الاتفاق على امتناع لبنان عن التصويت، فلو ان لبنان صوت بنعم او بلا على القرار لكان يمكن ان تنهار الحكومة اللبنانية وان يتهدد السلم الاهلي هناك.
اللقاء الوطني: إدانة التخاذل
في هذا الوقت، تصاعدت الحملات السياسية ضد موقف الامتناع عن التصويت في مجلس الامن من جانب حزب الله وبعض حلفائه في لبنان، وحاول بعض اطراف «لقاء الاحزاب والشخصيات الوطنية» الذي انعقد اول من امس اصدار بيان استنكاري عنيف لموقف لبنان تحت عنوان «شكرا ايران»، لكن اطرافا اخرى ذكرت بموقف ايران المرن من الامتناع اللبناني.
وفي النتيجة، صدر بيان عن اللقاء يدين «الموقف اللبناني المتخاذل» تجاه الجمهورية الاسلامية التي وقفت ولاتزال الى جانب لبنان شعبا وحكومة ومقاومة في شتى الميادين.
واشاد لقاء الاحزاب والشخصيات بموقف الرئيس ميشال سليمان الذي اكد على وزرائه في الحكومة ضرورة الوقوف الى جانب ايران في مجلس الامن.
من جهته، قال الوزير حسين الحاج حسن (حزب الله) ان مجلس الامن الدولي الذي لم يستطع قبل ايام ان يدين الاعتداء الصهيوني على اسطول الحرية هو نفسه الذي صوت للعقوبات على الجمهورية الاسلامية.
واضاف: بعد الموقف المربك والمرتبك الذي قدمه مندوب لبنان في مجلس الامن، كنا نتمنى لو ان لبنان سجل موقفا للتاريخ واضحا ضد العقوبات مع انصار الحرية في هذا العالم، انصار العزة والكرامة للشعوب، بأن يكون مع من وقفوا الى جانبه لا ان يحسب حسابا للحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني، الولايات المتحدة، للغرب المنافق الذي يكيل بأكثر من مكيالين.
اما النائب عباس هاشم (التيار الوطني الحر)، فاستغرب كيف ان مندوب لبنان (نواف سلام) لم ينسحب من جلسة مجلس الامن، انما اعلن بجرأة واضحة وفاضحة ومن اعلى منبر في العالم ان الحكومة اللبنانية عجزت عن التوصل الى قرار موحد، وبالتالي امتنع عن التصويت، علما ان الامتناع كان غير مبرر لأن النتيجة كانت متعادلة، ولم نفهم لماذا لم ينسحب مندوب لبنان كتعبير عن رفضه هذه الازدواجية في الحكومة.
موقف حكيم ورصين
لكن الرئيس فؤاد السنيورة رأى ان الموقف اللبناني الذي اتخذ بنتيجة وجهات نظر مختلفة في مجلس الوزراء لجهة الامتناع عن التصويت فيما يتعلق بقرار العقوبات ضد ايران كان موقفا حكيما ورصينا في آن معا، لافتا الى ان هذا الموقف يجب ان يتابع مع الاقتناع بأن اساليب ما يسمى بالحصار والعقوبات ليست اساليب مجدية.
الذين امتنعوا خسروا
من جهته، رأى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان الواقع اللبناني اقوى من الصورة التي ظهرت في مجلس الوزراء من خلال التصويت على العقوبات ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية، معتبرا ان الذين امتنعوا عن التصويت قد خسروا.
واضاف، في مناسبة ذكرى ارتحال الامام الخميني، انه كان من الافضل للبنان الا يمتنع عن التصويت في مجلس الامن، بل ان يصوت ضد العقوبات، لسببين كبيرين، الاول وفاء لايران بما قدمته من خدمات للبنان، والثاني ان هذه السابقة في مجلس الامن ستطال في يوم من الايام لبنان والدول المستضعفة.
وقال ان الواقع اللبناني اقوى بكثير من الصورة التي رأيناها في مجلس الوزراء، مشيرا الى ان الذين امتنعوا عن التصويت قد خسروا، فلبنان بشعبه وجيشه ومقاومته ضد فرض العقوبات على ايران.
صفي الدين: نحتاج لآلاف الصواريخ
من جانبه، قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين: اننا في لبنان بحاجة الى مئات وآلاف الصواريخ والامكانيات والقدرات لنواجه العدو دفاعا عن سيادتنا وكرامتنا وثرواتنا التي هي حق للشعب اللبناني.
في غضون ذلك، تبلغت الحكومة اللبنانية وجوب تكليف لجنة مهمتها وضع برنامج لما يجب على لبنان القيام به في قطاعات العقوبات المفروضة على ايران لئلا يتهم بخرق قرار العقوبات وكذلك اختيار ممثليه في الادارات المختصة من اجل تنسيق تطبيق البنود ذات الصلة.
واشارت الى ان القوة البحرية التابعة لليونيفيل تتولى الجانب البحري من القرار، على ان يتولى لبنان حركة المطار، حيث تسير شركة الخطوط الجوية الايرانية رحلاتها الى بيروت اضافة الى ان لبنان يتعامل مصرفيا مع ايران.
وسألت «النهار» الوزير سليم الصايغ المتخصص في القانون الدولي عن ابعاد الالتزامات التي يفرضها القرار 1929 على لبنان، فأجاب بأن لبنان مثل سورية، مثل سائر دول العالم الموقعة على ميثاق الامم المتحدة، وهو ملزم بالامتثال لموجبات هذا القرار.
واضاف: في اي حال، لا يمكن ان نكون في لبنان دولة اللاقرار وان نراهن على الوقت علما ان المسار طويل.