- تنسيق مع السفارات وديوانيات المصطافين لمعالجة الأمور بالتي هي أحسن
بيروت ـ عدنان الراشد وعمر حبنجر
احتفلت قوى الأمن الداخلي في لبنان بعيدها التاسع والأربعين بعد المائة في التاسع من يونيو الجاري، هذا الاحتفال يكون حاشدا في العادة لكن مع المهمات الكبرى التي نفذتها هذه القوى على مستوى الانتخابات البلدية وقبلها النيابية، لم يعد واردا إقامة احتفال كبير، كما قال وزير الداخلية والبلديات زياد بارود «على الرغم من ان العيد كبير وحق لتلك القوى العريقة ان تحتفل به».
رئيس الحكومة سعد الحريري ومن خلال هذه المناسبة تعهد باستمرار دعم الحكومة لمؤسسة قوى الأمن الداخلي «التي أثبتت جدارتها في تحمل المسؤوليات والحفاظ على أمن الوطن والمواطن في أدق وأصعب الظروف التي مر بها لبنان» كي تواصل بذل المزيد من الجهود لتوفير الأمن والاستقرار لكل المواطنين وفي جميع المناطق، دون استثناء، ولتحصين الوطن ضد آفات الإرهاب الأعمى المستشرية في المنطقة والعالم، وتقيه مخاطر شبكات التجسس الإسرائيلية وملاحقة المجرمين أيا كانوا، لتبقى بقيادتها وضباطها وأفرادها صمام أمان وثقة لكل اللبنانيين على حد سواء».
من «المتصرفية» إلى الاستقلال
الاحتفال بالمناسبة كان رمزيا، وقد تمثل بمعرض أمني توثيقي يختصر 149 عاما هي عمر المؤسسة الأمنية اللبنانية المولودة في المرحلة العثمانية، والتي اقترن اسمها بتطبيق القوانين وترسيخ الاستقرار وشملت المعروضات وثائق وصورا ومستندات تؤرخ أحداث هذا السلك منذ عهد «المتصرفية» الى الانتداب الفرنسي الى الاستقلال، الى جانب طرق الخدمة والتعيين والتسريح والتقاعد، والبزات العسكرية والمعدات القديمة والحديثة، وتولى الوزير بارود افتتاح المعرض بحضور المدير العام لهذه القوى اللواء أشرف ريفي الذي تلقى التهاني والتبريكات من الرؤساء والوزراء والقادة، وأكد بارود دعم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي اختارت حكومته في بيانها الوزاري ان تضع الأمن في أعلى سلم أولويات المواطنين وشدد على ان مجلس النواب سيواكب دون شك هذا التوجه رقابيا وتشريعيا.
رفيق السلاح
الجيش الذي كان الظهير القوي للأمن الداخلي في المهمات الصعبة، أبرق قائده العماد جان قهوجي الى اللواء أشرف ريفي مهنئا له ولضباط وعناصر قوى الأمن بالمناسبة، ومتمنيا للواء ريفي دوام التوفيق والنجاح في المسؤوليات القيادية النبيلة، مقدرا عاليا الجهود التي تبذلها هذه المديرية العامة تجاه الوطن الحبيب للبنان.
وترتبط قيادتا الجيش والأمن الداخلي في لبنان بعرى وثيقة من التنسيق والتفاعل الذي أرسى الرئيس ميشال سليمان قواعده، منذ كان قائدا للجيش، وبالتعاون الحميم مع اللواء أشرف ريفي، الذي دخلت قوى الأمن الداخلي في لبنان مع قيادته لها، طورا جديدا من الحضور والفاعلية والإمكانيات، الى جانب القدرة على تحمل المسؤوليات في الأزمنة الصعبة.
وتجلت جدوى التنسيق الذي بات من جانب الجيش برعاية العماد جان قهوجي في مكافحة جواسيس إسرائيل وفي إسقاط شبكاتهم الواحدة تلو الأخرى.
وفي توجيهاته لضباط وعناصر قوى الأمن الداخلي يركز اللواء ريفي على أهمية وحيوية التنسيق مع الجيش وجميع المؤسسات الأمنية التي بتفاعلها مع بعضها البعض تضمن النجاح لها والاستقرار للبلد، مؤكدا بالدليل على التراجع اللافت لمعدلات الجريمة في لبنان.
ريفي: خرّبنا شبكات التجسس
وفي التعميم الذي أصدره بهذه المناسبة بارك ريفي لضباط ورتباء وعناصر الأمن الداخلي، «بعيدنا الذي حرمنا الاحتفال به قسرا على مدى الاعوام الخمسة الماضية نتيجة الظروف الامنية الاستثنائية التي مر بها الوطن» متمنيا ان يكون هذا العيد عيدا لكل لبنان.
وبرر اللواء ريفي عدم إجراء مراسم احتفالية بهذه المناسبة، كما كان الحال في السنوات الخمس الماضية، منوها بانجازات قوى الامن الداخلي التي تمكنت وبالتنسيق مع رفاقكم في الجيش اللبناني من القضاء على أكبر تنظيم اجرامي وإرهابي عاث في لبنان فسادا. كما تمكنا من تسجيل انجاز غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي عبر توجيه ضربة قاسية للعدو الإسرائيلي من خلال تفكيك شبكات تجسس تعمل لصالحه على الاراضي اللبنانية.
قوى الأمن بين الأمس واليوم
قبل العام 2005، كانت قوى الأمن الداخلي في لبنان أقرب الى الموظفين الاداريين، محصوري الاهتمام بمخالفات البناء ومحاضر السير والاهتمام بكل ما ليس له علاقة بالامن الوطني، وبعد تسلم اللواء ريفي علم هذه القوى أخذت طريق الاحتراف، في مواجهة التحديات الكبرى المتمثلة بمكافحة الارهاب والاجرام المنظم وشبكات التجسس المعادية، كما يقول اللواء المدير العام. إضافة إلى الدور الفعال في مواكبة الاستحقاقات الوطنية، لاسيما الانتخابات النيابية التي جرت في يوم واحد لأول مرة، ثم الانتخابات البلدية الممرحلة، على أربع دفعات والتي تطلبت جهدا كبيرا.
والى جانب الاهتمام المركز بالبيت الداخلي عديدا وعدة ومباني عصرية، تطرق اللواء ريفي الى بناء العنصر البشري، من خلال اخضاع الضباط والرتباء والافراد الى دورات تدريب للوصول إلى مماثلة اقرانهم في دول العالم.
وكشف اللواء ريفي عن دورة تطوع للإناث والذكور، اسوة بالدول المتقدمة، باعتبار ان تواجد العنصر النسائي في قوى الامن بات مطلوبا في ضوء المهمات المتعددة.
الى ذلك يجري التركيز الآن على انشاء فريق تخطيط استراتيجي لمواكبة المستقبل عبر التحضير المسبق للتطوير ولمواجهة التحديات بطريقة علمية تعتمد الدراسة والتحليل، كما تم انشاء خلية دربت على أيدي خبراء عالميين مختصين في التخطيط المستقبلي وبكيفية تقديم صورة المؤسسة الى العالم، ووفقا لما يحتاج إليه المواطن اللبناني، وضيوف لبنان.
وكشف اللـواء ريفي في هذا السياق عن الشـروع بادخال مفهوم الشرطة المجتمعية في المناهج التدريبية لقوى الأمن.
خطط أمنية لراحة المصطافين
وعلى ابواب الصيف الواعد قال اللواء ريفي لـ «الأنباء» ان قوى الأمن الداخلي بادرت الى رسم الخطط الامنية والمرورية لتأمين سلامة وراحة المصطافين العرب واللبنانيين».
ويجري اشراك البلديات ووزارة الاشغال في مراقبة ومتابعة حالة الطرق العامة والفرعية تمهيدا لمعالجة الحفر والنتوءات، وكل ما من شأنه توفير حركة سير انسيابية سريعة، بين الساحل والجبل، وداخل مدن الاصطياف وتراه تحديدا، في ضوء متوقعات هذا الصيف من كثافة مصطافين خليجيين، وكويتيين خصوصا تبعا لقرار وزارة التربية الكويتية، بتأجيل افتتاح العام الدراسي 2010 ـ 2011 الى ما بعد انتهاء شهر رمضان المبارك، وحلول عيد الفطر.
الكويتيون «يرمضنون» في لبنان
وهذا يعني ان المصطافين الكويتيين «سيرمضنون» في لبنان هذه السنة، وبالتالي لن يكونوا مضطرين للمغادرة في منتصف الصيف بسبب افتتاح المدارس والجامعات.
وهذه حالة ستتكرر سنويا طالما اتى رمضان في الصيف، وهو سيأتي هكذا لعشر سنوات على التوالي، وفق ذوي الاختصاصات الفلكية.
بيد ان هذا الازدحام المحبب والمرغوب سيلقي اعباء اضافية على كاهل قوى الامن الداخلي، بمواجهة اختناقات السير على الطرق الرئيسية وداخل بلدات الاصطياف، وكذلك بمواجهة الصرعات الشبابية التي قد تأتي مع ابناء الجيل الطالع من البلدان الخليجية الى مصايف لبنان، والتي قد تؤزم حركة المرور في طرقات مدن الاصطياف الضيقة، ان لم يكن اكثر. المدير العام للامن الداخلي اكد لـ «الأنباء» ان كل هذه التوقعات مأخوذة باعتبار مختلف قطاعات قوى الامن الداخلي، الامنية والمرورية، وانه سيكون هناك اهتمام خاص بكيفية التعامل مع الفئات الشبابية من المصطافين الذين ربما اعتادوا نمطا معينا في بلدانهم قد لا تتسع طرق لبنان لاستيعابه، ولا بيئته الاجتماعية لاحتوائه، وستتم المعالجة الامنية للحالات الاستثنائية بمرونة ودودة مقرونة بالحزم وتحت سقف العادات والتقاليد، وأصول الضيافة التي يعرفها اللبنانيون تمام المعرفة، والتي لطالما طبعت علاقاتهم المديدة باخوانهم المصطافين العرب خصوصا.
إجراءات استباقية
واضاف اللواء ريفي قائلا: ان قوى الامن باشرت اجراءات استباقية لمواجهة ازمات السير المتوقعة في بعض المفاصل المرورية، خصوصا حيث توجد اعمال انشائية (انفاق وجسور) لتأمين التحويلات والاشارات الضرورية توفيرا لسلامة اتجاه السير، وتجنبا لما قد يترتب على ضياع الاتجاه من فوضى تشل حركة الناس وتوتر اعصابهم، وتلحق الضرر بمصالحهم، وبالتالي بسمعة البلد.
وأبرز هذه الاجراءات تعزيز مفارز السير بالرجال والمعدات، ومتابعة تأهيل وتجديدات اشارات المرور ويافطات الطرق والشوارع مع المؤسسات الادارية الحكومية او البلدية المعنية، كي يعرف المواطن او المصطاف الضيف طريقه مقدما ولا يفاجأ بـ «تحويلة» غير متوقعة او بطريق مسدود.
وطبعا، يقول اللواء ريفي انه سيكون هناك تنسيق مع السفارات ومع ديوانيات المصطافين عبر الدوائر الرسمية المعنية لمعالجة الامور بالتي هي احسن.