بيروت ـ زينة طبّارة
كشفت نتائج الانتخابات البلدية في الشمال وتحديدا في منطقتي سير والضنية عن تصدعات في بنية تيار «المستقبل» السياسية والشعبية في الشمال، وأشارت بحسب وقائعها الى ظهور خلافات تعصف فيما بين كوادره الشمالية، والى تباين بين طموح قواعد تيار المستقبل الشعبية والتوجهات السياسية الجديدة لقياداته، وهو ما أكده النائب أحمد فتفت في مؤتمره الصحافي من خلال كلامه بأن «أكثر ما آلمه هو ان تأتي بعض الضربات على المستوى الانتخابي من أقرب المقربين سياسيا وعائليا إليه» مما اضطره الى وضع استقالته بتصرف الرئيس الفعلي للتيار رئيس الحكومة سعد الحريري، وذلك إثر تعرض فتفت لانتقادات من قيادات التيار نفسه على خلفية خسارته الانتخابات البلدية في سير والضنية وعكار، والى كمين سياسي بحسب قوله من حلفائه والتخلي عنه من قبلهم باستثناء «القوات اللبنانية» المتحالفة معه.
وبناء على ما تقدم، أكد القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش ان ما يحصل على مستوى القيادة الشمالية وما يرافقه من ضجيج، استغلته بعض الوسائل الإعلامية المغرضة بشكل مغلوط لتصنع منه خبرا مبالغا فيه، وذلك بحثا منها عن إحداث شرخ بين التيار وقواعده الشعبية العريضة.
ممارسات غير مألوفة
واوضح ان ما أقدم عليه النائب فتفت لا يتجاوز بواقعه وأبعاده عتبة الاحتجاج على ما تعرض له من لوم إثر ظهور النتائج السلبية للانتخابات البلدية في «سير»، وجراء بعض الممارسات غير المألوفة من قبل بعض المسؤولين في التيار قبل وأثناء العملية الانتخابية سواء على مستوى الانتخابات البلدية أو على مستوى الانتخابات النيابية الفرعية، مؤكدا ان وضع النائب فتفت استقالته بتصرف الرئيس الحريري لا ينم عن وجود تباين أو تعارض سياسي بين فتفت والتوجه السياسي العام للتيار، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع سورية.
وردا على سؤال حول ما أكدته نتائج الانتخابات في شقيها البلدي والفرعي من تراجع في شعبية تيار المستقبل، لفت علوش الى انه من الطبيعي ان يؤدي كل حراك سياسي جديد داخل أي حزب أو تيار، الى بعض المتغيرات داخل صفوفه والى ظهور بعض المواقف المعبرة إما عن الانزعاج وإما عن التأييد، مؤكدا ان ما يشهده تيار المستقبل من متغيرات في المزاج الشعبي محدود وليس جذريا كما يحلو للبعض تفسيره وتسويقه إعلاميا وشعبيا ووصفه بالمهدد لكيان التيار ولبنيته السياسية، مشيرا الى ان نتائج الانتخابات الفرعية في المنية والضنية وبالرغم من انها تركت لدى البعض شعورا بتراجع شعبية تيار المستقبل، الا ان النجاح كان واضحا لجهة حجم القوى الشعبية المؤيدة لتيار المستقبل.
وأوضح علوش ردا على سؤال، ان القيادات السياسية في تيار المستقبل تعي أسباب التحول والتبدل في مسار التيار السياسي المبنية على معطيات إقليمية ودولية مستجدة، وهي المتغيرات التي أدت الى التوجه السياسي الجديد والتي لا يمكن للرئيس الحريري ولا للقيادات في التيار شرحها للقواعد الشعبية الا بعد ان تتحقق، وذلك لاعتقاده بان الإسهاب في عملية الشرح والتفصيل قد يؤدي الى نتائج معاكسة للنتائج المتوخاة من التوجه السياسي العام الجديد للتيار، معتبرا ان الرئيس الحريري أخذ على عاتقه مسؤولية التحول بالرغم من مخاطره على مستوى التأييد الشعبي.
استحقاقات إقليمية
واشار الى ان الاستحقاقات الإقليمية القادمة ستؤكد صحة التوجه السياسي الجديد الذي يسلكه الرئيس الحريري، خاصة مرحلة ما بعد العقوبات على ايران واحتمال التقدم بعملية السلام في المنطقة الشرق أوسطية، اضافة الى احتمال اصدار المحكمة الدولية البيان الاتهامي في أواسط شهر أكتوبر المقبل، مشيرا من جهة ثانية الى ان دور القيادة السياسية ليس بالضرورة ان يكون مرآة تعكس دائما رغبات القواعد الشعبية، اذ قد تُضطر تلك القيادات في بعض الأحيان الى اتخاذ قرارات ومواقف لا ترضي تطلعات الجماهير ولا تبلسم جراحها، انما المراهنة هي على ما قد تؤول اليه نتائج التحول وما قد تأتي به من مصلحة عامة.
وختم علوش بانه يجب الا ينحصر الهدف السياسي بنسبة التأييد الشعبي في صناديق الاقتراع، انما اختيار القرارات الصائبة التي تصب في مصلحة الشعب وتطلعاته ورغباته الوطنية وهي التي يجب ان تُبنى على أساسها المسارات السياسية، معتبرا انها قد تكون مخاطرة حيال ما يريده الشعب، انما نتائج الاستحقاقات الإقليمية لاحقا قد تقول ما لم تستطع القيادات وعلى رأسها الرئيس الحريري قوله، مطمئنا القواعد الشعبية بأن الرئيس الحريري لا يمكن ان يفرّط لا بدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولا بالعناوين والشعارات الأساسية التي انطلق بها على رأس تيار المستقبل مع قوى 14 آذار في العام 2005.