بيروت ـ ناجي يونس
تقول أوساط مسيحية لبنانية متابعة لـ «الأنباء» ان اتساع الشقة بين تركيا وإسرائيل، الحليفتين الرئيسيتين للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، أربك الولايات المتحدة بقدر إرباكه لحليفتيها السائرتين على طريق العداوة.
وتذهب تركيا بعيدا في إشاراتها السياسية والديبلوماسية، إلا انها لن ترتكب أخطاء إستراتيجية، فهي لم تعد السلطنة العثمانية وهي ليست فارسية او عربية، بل انها تركيا الدولة العظمى في المنطقة وهناك دول عظمى سواها على المستوى الإقليمي، اضافة الى حاجتها الى «ارتداء» الزي العربي.
وتبقى الحاجة الى ترقب التعاطي الأميركي على المديين المتوسط والبعيد مع السياسات والطموحات التركية التي يبدو انها لم تدوزن خطواتها في تحدياتها وذهابها الى حد الاصطدام مع الجيش الاسرائيلي من خلال أسطول الحرية.
وقد تجاوزت إسرائيل أيضا حدودها، ولا يخفى على احد مغالاتها في تحدي الجميع وصولا الى ما تقوم به في قضية المستوطنات وتهويد القدس والاعتداء على أسطول الحرية.
إلا ان تركيا لا تستطيع ان تذهب بعيدا جدا ضد مصالحها مع الولايات المتحدة ولن تتمكن اسرائيل من الاستمرار في سياسات التعنت والمكابرة ومواجهة الجميع والضرب بكل ما يطلب منها او يكون عليها ان تنفذه عرض الحائط.
إسرائيل عاجزة وإيران في المنحدر!
ولم يعد بمقدرة إسرائيل مثلا ان تتفرد باحتمال توجيه ضربة للمفاعل النووي الإيراني بغياب الإجماع او أقله الرضا الدولي لا بل في ظل قرار دولي بوضع حد للطموحات الإيرانية النووية وسيتولى المجتمع الدولي القيام بهذه المهمة.
وتقف ايران أمام منحدر ستتهاوى فيه يوما بعد آخر فهي دخلت نفقا ولم يعد بإمكانها ان تخرج منه لا بل فإنها ستنغمس أكثر فأكثر في سياساتها التي ستزيد من التشنج في المنطقة ومن تسريع وتيرة المواجهة مع المجتمع الدولي ومن طبيعة الاصطفاف على الصعيدين العربي والدولي.
وإذا كانت هذه هي طبيعة الأولويات فإن طهران ستواجه فصلا جديدا من العقوبات التي ستأتي أشد وأكثر إيلاما للشعب الإيراني ولمصالحه في كل مكان، الأمر الذي سيدفع بالحكام الإيرانيين الى انتقاء واحد من 3 خيارات: الرضوخ والتحول ناحية إنضاج تفاهم مع المجتمع الدولي او الاستمرار في التكتكة وكسب الوقت الى أقصى حد او الذهاب الى المواجهة الكبرى في نهاية المطاف ولعل هذا الخيار الأخير هو الأكثر ترجيحا.
ويقف المجتمع الدولي أمام مشهد واضح فالمطلوب تفادي الصدام إلا انه لن يقبل احد بامتلاك ايران للسلاح النووي ويبدو انه أمر يقترب تحقيقه يوما بعد آخر، ما يعني ان العقوبات ستكون أولى الوسائل وستتصاعد باستمرار واطراد بقدر ما ترفض طهران التجاوب مع المطالب الدولية منها على هذا الصعيد.
لغة الحرب!
وبقدر ما تتصاعد العقوبات بقدر ما ستواجه إيران نظاما وشعبا صعوبات على مختلف الأصعدة، الأمر الذي قد يفضي الى حالة من الاهتراء الداخلي او الى الإمساك بقبضة من حديد بالداخل الإيراني والذهاب بعيدا في المواجهة وهنا تصبح اللغة الفاعلة هي الحرب.
وبقدر ما تتوتر الأوضاع في المنطقة بقدر ما ترتفع مخاطر قيام إسرائيل بعدوان على حزب الله او حماس او حتى على سورية، مما سيزيد من حراجة الموقف اللبناني من ناحية ومن ضرورة الإسراع في تكثيف المساعي اللبنانية الآلية الى حماية لبنان من اي انزلاق ليس في مكانه وزمانه على الإطلاق من ناحية ثانية.
من هنا تظهر أهمية الاتصالات والجولات التي يقوم بها رئيسا الجمهورية ميشال سليمان والحكومة سعد الحريري اضافة الى ما يقوم به السياسيون بينهم د.سمير جعجع الذي جال عربيا وأوروبيا في سعي لإبراز حقيقة الموقف اللبناني من جوانبه كافة ولتعزيز المطالب التي تصب في خانة حماية لبنان في ظل المخاطر المحدقة.