في إطار دراسات يصدرها «مركز الاجراءات الوقائية» التابع لـ «مجلس العلاقات الخارجية» (مركزه نيويورك) عن الأزمات الدولية المرشحة للانفجار وتقديم التوصيات لصانعي القرار، صدر تقرير تحت عنوان «مذكرة خطة طوارئ: حرب لبنان ثالثة» أعده دانيال كيرتزر.
يعتبر هذا التقرير ان «ترسانة حزب الله أكثر قوة في النوعية والكمية اليوم مما كانت عليه عام 2006. ورغم ان منطقة الحدود بين إسرائيل ولبنان هادئة أكثر من اي وقت مضى في العقد الماضي، فالتكهنات بأن حرب لبنان ثالثة ستحصل في فترة الـ 12 الى 18 شهرا المقبلة تتزايد بشكل مستمر، يمكن لإسرائيل ان تقرر ان التهديد الأمني الذي يطرحه حزب الله وصل الى مستويات لا تحتمل وتتخذ عملا عسكريا استباقيا، في حين أن حزب الله لا يظهر خارجيا اي اهتمام بمواجهة إسرائيل، قد يختار لعدة أسباب او يمارس الضغط عليه من ايران لاستعراض قدراته العسكرية الجديدة.
بغض النظر عن الأسباب العاجلة، هناك نزاع جديد حول لبنان قد تكون لديه تداعيات هامة على سياسة الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة».
وذكر كيرتزر ان «مؤشرات وعلامات التحذير من حرب وشيكة» هي الارتفاع في حدة خطابات حزب الله تجاه إسرائيل والزيادة في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين العلنية حول ايران وحزب الله ومستويات استعداد إسرائيل العسكرية والمدنية، مشيرا الى ان وفاة المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله «يمكن ان تشعل صراعا داخل لبنان حيث يقرر حزب الله الهجوم على إسرائيل كوسيلة لتوحيد مناصريه، او ان تدفع ايران حزب الله الى الهجوم على إسرائيل كوسيلة لصرف انتباه الضغط الدولي على ايران حول برنامجها النووي».
وينتقل كيرتزر الى السيناريو الثاني وهو «يمكن لإسرائيل الاعتداء على حزب الله او جره الى حرب تدمر القدرات التي تهدد أمن إسرائيل. ويمكن لإسرائيل ان تقرر ايضا تقليص قدرات حزب الله من أجل حرمان إيران من قدرة ضربة ثانية اذا ما قررت إسرائيل الهجوم على منشآت ايران النووية».
ومع ان كيرتزر يرى ان حصول نزاع عسكري لا يصاحبه وقوع خسائر مدنية كبيرة او تدمير واسع للبنية التحتية اللبنانية قد تكون نتائجه مفيدة لأميركا لأنه سيؤدي الى إضعاف حزب الله، إلا انه يرى ايضا ان حصول مثل هذه النتيجة «ضئيل»، وتاليا فإن نتائج الحرب بين إسرائيل وحزب الله لن تؤدي الى «نتائج ايجابية للولايات المتحدة». وأي هجوم إسرائيلي بصرف النظر عن فاعليته او نجاحه «سيؤدي الى تهييج الشارع العربي ويعقد جهود الدول العربية المعتدلة لدعم الأهداف الاميركية في المنطقة».
وفي رأيه ان من المستبعد ان تشارك سورية في القتال، إلا انها يمكن ان تعاود دعمها لهجمات المتمردين في العراق ضد القوات الاميركية، كما ان الحرب ستؤدي الى تجميد إحياء مفاوضات السلام. بيد ان كيرتزر يعتقد ان قدرة واشنطن على لجم اسرائيل او منعها من شن مثل هذه الحرب محدودة. ويتحدث ايضا عن امكان ان تشجع اميركا إسرائيل، كمحاولة لتفادي نزاع عسكري واسع، بتوجيه ضربات وقائية محددة الى خطوط امداد حزب الله او الى مراكز تدريبه او مستودعات الصواريخ البعيدة المدى التي يملكها والموجودة في مستودعات سورية. ومع انه لا يقول ان الحرب الثالثة بين حزب الله وإسرائيل حتمية، إلا انه وضع تحليله وكأنه مبني ضمنا على هذه الفرضية.
ويضيف في إشارة تعكس عجز لبنان الرسمي ان «الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني ليسا في الواقع لاعبين في هذه الدراما المفتوحة». ونظرا الى احتمال نشوب الحرب، يوصي بتعزيز النشاط الاستخباراتي الأميركي في المنطقة والتعاون الاستخباري الأميركي ـ الاسرائيلي، لضمان حصول المسؤولين الأميركيين على أفضل المعلومات في حال نشوب الحرب، كما يوصي «بتكثيف التبادل الاستخباري الاميركي ـ الاسرائيلي عن سورية ولبنان وحزب الله». ويوصي كذلك بأن تعيد أميركا علنا تأكيد دعمها «لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وان تبدي قلقها من معاودة تسليح حزب الله». وفي سياق حديثه عن تكثيف الضغوط الدولية على سورية لوقف تسليح حزب الله وتجنيد فرنسا وبعض الدول العربية في هذا المجال، يقول انه في حال إخفاق مثل هذه المساعي الدولية في اقناع سورية، عندها يمكن اللجوء الى مجلس الأمن والتهديد باستصدار قرار عقابي ضد سورية. ومع اعترافه بأن اعتماد مثل هذا القرار ليس مرجحا، إلا انه يرى ان التحركات الديبلوماسية في هذا الشأن في نيويورك «ستبعث برسالة قوية الى دمشق.
ويخلص الى ان على واشنطن بعد نشوب الحرب الثالثة ان «توفر القيادة التي تقلص فترة الحرب ومداها، وان تترجم ذلك الى رأسمال ديبلوماسي أميركي لتحريك مفاوضات السلام» في المنطقة.