بيروت ـ عمر حبنجر
إلى جانب الاتفاقات التي وقعها مع نظيره السوري محمد ناجي العطري، يأمل اللبنانيون ان يعود رئيس حكومتهم سعد الحريري بالترياق السوري للأجواء اللبنانية المسمومة، إنها الحاجة الأكثر إلحاحا في ضوء الوضع السياسي المكفهر الذي ترتب على الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والردود عليه.
قوى 14 آذار، التي بدأت تتلمس مخاطر جدية على الاستقرار اللبناني، نتيجة تعاظم حملة المعارضة على المحكمة الدولية، ترى في مجالسها الخاصة ان الوضع لم يعد طبيعيا، كما يقول أحد نوابها، وان على من يدعي الحرص على لبنان ان يقرن قوله بالفعل الآن.
وثمة نائب آخر رأى لـ «الأنباء» اننا أمام 3 أشهر عجاف أخطرها الشهر الثاني عشر، اي شهر يناير، رافضا الإفصاح عن دلائله، وعما اذا كان الخطر المحتمل داخليا أم إقليميا، علما ان قاعدة الحرب الإسرائيلية، تعتمد الفصول الجافة، اي الصيف او الربيع على الأقل، تجنبا لفصول المطر الموحلة.
ومن هنا حجم الرهان على زيارة الحريري الى دمشق، وعلى دور سوري في كبح التحديات القائمة على خلفية قرار المحكمة الدولية، المتهم استباقيا بالتسييس وعدم المصداقية، تأسيسا على ما أظهره القبض على جواسيس الاتصالات في شركة «ألفا» الذين أوقف 3 منهم وفر الرابع الى مشغليه الإسرائيليين.
فقد كشف النقاب عن فرار متعامل رابع مع إسرائيل في شبكة «ألفا» للاتصالات عبر الحدود الجنوبية الى الأراضي الفلسطينية يدعى ن.ر.م.أ.
وتقول مصادر أمنية ان العميل الرابع، فر من بوابة عيترون والمعروفة ببوابة الكيلو 9 منذ 3 أيام. والعميل الهارب هو من أهالي بلدة ضبية في قضاء المتن الشمالي. في موازاة ذلك طلب وزير الداخلية زياد بارود من قوى الأمن الداخلي تزويده بالمعطيات المتعلقة بالتحقيق في ملف عملاء إسرائيل، انطلاقا من دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله له كي يحقق مع جهاز المعلومات في الأمن الداخلي، حول أسباب تأخره في القبض على العميل الخطير شربل قزي، وقد تلقى تقريرا أوليا يحتاج الى مزيد من المعلومات كي يكتمل، تمهيدا للتشاور بشأنه مع الرئيس ميشال سليمان، ورفع معطياته الى الرئيس سعد الحريري لاتخاذ الموقف الملائم.
«الاتصالات» جزء من المشكلة
وبشأن السؤال حول التأخر في اعتقال قزي، قالت مصادر معنية ان فرع المعلومات سلم الى الوزير بارود تقريرا كاملا عما يعرفه بشأن قزي، بعد ساعتين من انتهاء خطاب نصرالله.
ووفق هذا التقرير فإن «فرع المعلومات» كان اشتبه بأحد الأرقام الخليوية وبأرقام اخرى تتصل بها، نتيجة ملاحقتها قبل أسابيع عدة من توقيف قزي، وانه طلب في حينه من وزير الداخلية ان يحيل على وزارة الاتصالات طلبه للحصول على «داتا» حركة هذه الأرقام التي كان رقم قزي من بينها، وذلك في كتاب رسمي بتاريخ 14 يونيو، وان الوزير بارود حول الطلب الى الوزارة وفق الأصول، وانتظر الفرع الحصول على «الداتا» لتحديد شبكة مكالمات الأرقام المشتبه بها، وإذ جرى توقيف قزي في 24 يونيو، وقد أعطيت «داتا» الاتصالات الى فرع المعلومات في اليوم التالي لاعتقاله اي في 25 منه، بيوم واحد من توقيفه.
وفي إطار الردود السياسية المستمرة على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قال منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار د.فارس سعيد ان المليون ونصف المليون الذين طالبوا بالعدالة ليسوا بيئة حاضنة لمحكمة اسرائيلية انما بيئة حاضنة لسيادة الدولة اللبنانية واستقرارها.
في المقابل قال الوزير السابق الوثيق الصلة بمحاور المعارضة المحلية اللصيقة بقوى الممانعة الاقليمية وئام وهاب انه سيتعامل مع المحكمة الدولية في حال اتهامها جهة ما على انها عدوان اسرائيلي. وناشد وهاب عبر قناة «المنار» رئيس الحكومة سعد الحريري عدم التعاطي مع هذه المحكمة التي اتضحت أهدافها، محذرا من ان هذا الأمر ليس لعبة، لأن كل من يتعامل مع هذه المحكمة سنعتبره إسرائيليا إذا صوبت مهامها على حزب الله، وسندعس على رقبته. وأشار وهاب الى ان لدى حزب الله الكثير من أسماء الشخصيات من الصف الأول التي تعاطفت مع المشروع الإسرائيلي وسارت فيه، وأكد ان الحزب الذي تجنب اعلان هذه الأسماء سابقا لن يتجنب اعلانها مستقبلا، ولفت الى ان المحكمة الدولية لن تفاجئ الحزب كما يعتقد البعض بل هو من سيقوم بمفاجأة المحكمة.
عون يخفف من وقع تصريحاته
إلى ذلك أوضح رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون ان ما نسبته اليه صحيفة السفير في عددها أمس الأول، قراءة تحليلية مستندة الى وقائع سياسية ومؤشرات ووقائع ميدانية ظهرت منذ مدة. وقال عون ان هذه المعلومات تظل مجرد قراءة لكن ظهورها الى العلن يبقى مفيدا في كل الأحوال، اما بفضح المخطط واجهاضه اذا كان صحيحا واما ان نكون أكثر السعداء بعدم صحته. وكانت الصحيفة نقلت عن عون تخوفه من سيناريو دراماتيكي في لبنان ناصحا نصرالله بتغيير قواعد اللعبة.