*توسيع دائرة التأثير السوري: الذين التقوا كبار المسؤولين اللبنانيين خلال الأيام الماضية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، سمعوا منهم عدم وجود قلق جدي حول توتر الأوضاع في الخريف المقبل، وان المسائل ستبقى في اطار مضبوط وضمن حدود تسجيل المواقف السياسية ليس أكثر، لا بل ان هؤلاء كرروا استبعادهم حصول تغيير حكومي، وهو ما ردده السفير الفرنسي في لبنان خلال لقاءاته الرسمية والجانبية في المرة الأخيرة، وتعتقد أوساط ديبلوماسية ان القرار الاتهامي الذي سيصدر عن المحكمة الدولية انما سيطول عناصر في حزب الله دون سواهم، وان التطورات التي ستلي ذلك، ستلزم حزب الله على الاستعانة بـ«خدمات» دمشق للتخفيف من الاضرار التي ستحصل، وهو ما يعني توسيع دائرة التأثير السوري على حزب الله على حساب التأثير الايراني، وهو ما ستلبيه دمشق بسرور كونه يصب في مصلحتها، وكل ذلك حسب اعتقاد هذه الاوساط الديبلوماسية.
*القلق الفرنسي: الكلام الرسمي الفرنسي الحريص على تهدئة الأمور مع لبنان وخصوصا مع القوى الموجودة ميدانيا في الجنوب لا يعكس كامل المشاغل والقلق في باريس للمسار الذي تسلكه أوضاع الجنوب وحدها بل كامل المسار اللبناني، وأيضا تطور العلاقات اللبنانية ـ السورية بامتداداتها مثل مواصلة تهريب السلاح عبر الحدود المشتركة واشتداد وطأة «اليد السورية» على المشهد السياسي اللبناني، وخلاف ذلك من المسائل التي تراها باريس «مقلقة»، وانطلاقا من ذلك ورغم النفي الرسمي، لا تستبعد باريس أن تكون العقبات التي تواجهها الاتفاقية الأمنية مع لبنان »وسيلة» للتصويب على فرنسا، التي تقول مصادرها إن الاتفاقية «نوقشت ضمن الأصول» مع لبنان وإنه «إذا لم يرد البرلمان اللبناني أن يصادق عليها فلن تكون هناك اتفاقية للتعاون الأمني معه». ويفهم من هذا الكلام أن باريس «لا تحبذ» مراجعتها باعتبار أن ما نوقش قد نوقش وما اتفق عليه أقر ولا سبب يدعو للعودة.
*فخ المصطلحات: بعد الهجوم الذي تعرضت له اتفاقية التدريب بين المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي والسفارة الأميركية في بيروت، وبعد الحملة على الاتفاق الأمني مع فرنسا، سأل سفير عربي في بيروت ما إذا كان لبنان يتجه إلى عزل نفسه عن العالم، ورأى أن طريقة التعاطي مع الاتفاقيات، حيث تتعرض الدول التي تقدم المساعدات للتشكيك والتشهير، تفقد لبنان «بريقه « وتجعله يظهر بمظهر الدولة المغلقة، التي تتعاطى بحساسية مع سياسة الانفتاح والتعاون التي تعتمدها الدول حاليا، وهذا ما يلحق أضرارا «مصيرية» بدولة ميزتها الانفتاح وعدم الوقوع في «فخ المصطلحات».
*الحامي بحاجة لحماية: علقت شخصية ديبلوماسية غربية على تعهد أحد المسؤولين اللبنانيين بحماية قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب من أي اعتداءات قد تتعرض لها بالقول انها تقدر عاليا تصريحات المسؤول اللبناني، وان كانت تعتبر في الوقت نفسه ان وصول الوضع الى الحد الذي باتت معه القوات الدولية القائمة بحماية لبنان تحتاج الى من يحميها، فأمر يدعو الى الاستهجان والقلق من مغبة ما قد يحصل مستقبلا. ويذكر الوزير السابق وئام وهاب في حديث الى «او تي في» من يقوم بحماية اليونيفيل في الجنوب هم الأهالي والجيش وحزب الله، ولكن اذا تبين ان اليونيفيل شريكة في المؤامرة على حزب الله، فهو ومعه الأهالي سيتوقفون عن تقديم الحماية لهم، الأمر الذي قد يفتح الباب للمتطرفين والأصوليين للاعتداء على «اليونيفيل».
*التغيير الحكومي ودور جنبلاط: لم تكن فكرة التغيير الحكومي قبل أسابيع تلقى الرواج والاهتمام اللازمين عند طرحها، إلا أنها تدخل اليوم دون استئذان إلى المجالس السياسية، حتى لأكثر الأطراف تمسكا بالصيغة الحكومية الحالية. واللافت أن الحديث عن هذا التغيير يرتبط تلقائيا بموقف رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي، وليد جنبلاط، فكل الأطراف تشير، بعد الحديث عن الموقف العربي لنسف الصيغة الحالية، إلى الدور الذي يمكن جنبلاط أن يؤديه في تغيير المعادلة. وتقول مصادر في المعارضة انه على جنبلاط اليوم حسم خياراته، إما أن يكون إلى جانب حزب الله وحلفائه بوضوح، وإما أن نعود إلى ما كنا عليه، إذ لا تكفي المواقف الجنبلاطية العلنية الداعمة للمقاومة في مرحلة حساسة يتعرض فيها حزب الله لهجوم سياسي ميداني، وفي مرحلة التغيير الحكومي، تتحدث أوساط معنية بالمقاومة عن أنه سيكون على عاتق جنبلاط وضع حجر الزاوية للحكومة المقبلة ومشروعها السياسي الحامي لخط المقاومة، حيث المطلوب منه ببساطة تحويل الأكثرية النيابية إلى أقلية وبالعكس، والأهم في الأمر أن المقربين من المقاومة، الذين يتحدثون عن التغيير الحكومي، يؤكدون أن الحكومة لا يمكن أن يرأسها سوى الحريري الابن، على اعتبار أنه الممثل «الأقوى» لطائفته، إضافة إلى كون وجوده على رأس حكومة مماثلة يحمل الدلالات السياسية الواضحة في دعم المقاومة وإزالة العوائق الداخلية من أمامها.