بيروت ـ محمد حرفوش
موضوع الحقوق الانسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان لايزال في دائرة التجاذب النيابي والسياسي، خصوصا لجهة التباينات بشأن الطروحات التي تتناول كل الجوانب والابعاد والهواجس.
والاعتقاد السائد ان نضوج هذا الموضوع ووضعه على السكة غير متوافر في المدى المنظور، على خلفية عدم حسم التوافق على معادلة الحقوق والواجبات حيث كان اللافت على هذا الصعيد، تحفظ العماد ميشال عون على الحقوق الانسانية وتأييده السلاح الفلسطيني تحت عنوان واحد «رفض التوطين»، وهو ما يولد تعقيدات اضافية في مقاربة الحلول نظرا لارتباط هذا السلاح بكل محطات الوضع اللبناني منذ الستينيات وحتى اليوم. vفقد فتح هذا السلاح جبهة الجنوب بعد نكسة 1967، وفي العام 1969 تمت شرعنته بموجب اتفاق القاهرة وعندما اندلعت الحرب الاهلية في العام 1975 بات جزءا من الانقسام السياسي الاهلي، واعقب ذلك في العام 1982 الاجتياح الاسرائيلي وخروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية بسلاحها الفردي، ثم انفجر الوضع على نطاق واسع بين 1982 و 1985 وكان ما تبقى من هذا السلاح جزءا من عملية تعديل ميزان القوى واسقاط نتائج الاجتياح. ومنذ التسعينيات وحتى العام 2005 كان هذا السلاح موجودا، لكنه محكوم بمظلة العلاقات اللبنانية ـ السورية، بعد الخروج السوري وتتالى القرارات الدولية عاد هذا السلاح ومصيره ليطرح بقوة، وفي هيئة الحوار الوطني التي شاركت في طاولتها القوى اللبنانية الاساسية تم التمييز بين سلاحين: سلاح داخل المخيمات الفلسطينية وسلاح خارجها ومن خلال البنود التي تم التوافق عليها تقرر سحب الثاني والابقاء على الاول، وهو البند الذي لم يكتب له النفاذ على اي حال جراء اندلاع الوضع الداخلي، وخصوصا في اعقاب حرب يوليو 2006 وما خلفته من انفجار الشرخ الداخلي بين الاكثرية والاقلية، وحتى اللحظة مازال تنفيذ هذا البند معطلا وسيستمر في «ثلاجة» الانتظار في حال بقاء الوضع السياسي على ما هو عليه لجهة الانقسام. وواضح ان السلاح الفلسطيني لا يمارس دورا فعليا في الصراع مع اسرائيل منذ التسعينيات، وبعد العام 2000 بات اشد صعوبة ويستوي في ذلك الوضع الذي كان عليه مع حزب الله عندما كان ممسكا بخط الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، وما هو عليه الوضع الحدودي من مرابطة القوات الدولية المعززة، لا يغير من هذا الوضع بعض العمليات الاستعراضية التي شهدها الجنوب قبل حرب يوليو من نوع اطلاقه بعض الصواريخ، أو ما شابه، ومثل هذا الامر يدركه الفلسطينيون الذين يعلمون ان قضيتهم تتحدد مصيرا في الداخل الفلسطيني ولم تعد قائمة على الحدود اللبنانية او سواها. ولا شك انه في ظل انسداد افق التسوية الاقليمية بما تتضمنه من حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها المعضلة الاكثر تعقيدا في الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي والعربي ـ الاسرائيلي، اضافة الى انسداد الوضع اللبناني على امكان العلاج العربي والمحلي او حتى عن صياغة تسويات حول النقاط الخلافية، فإن من البديهي القول ان الملف الفلسطيني وعالم المخيمات سيظل مؤجلا حتى اشعار آخر، ووسط هذه الانسدادات تبدو الامور مفتوحة في كل الاتجاهات.