بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
الأصداء السياسية لتصريحات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مستمرة في بيروت، وما من كلام سياسي قيل إلا وكانت هذه التصريحات وردود قوى 14 آذار عليها طرفا أساسيا فيه.
وكان الأبرز في هذا السياق أمس، خطاب رئيس الحكومة سعد الحريري في المؤتمر التأسيسي الأول لتيار المستقبل، وكلامه السابق لهذا المؤتمر في اجتماع كتلته النيابية حيث أبلغ نواب المستقبل عدم صحة ما نسبه إليه السيد نصرالله حول القرار الاتهامي وفرضية اتهام عناصر من حزب الله، واتفق على ان يتولى النواب شرح الوضع والتوضيح، تجنبا منه للسجالات المباشرة.
وطرأ جديد هام أيضا يصب في خانة دعم الاستقرار الراهن في لبنان والمنطقة، ويتمثل بالمعلومات الصحافية عن الزيارة المتوقعة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى بيروت، قادما من دمشق، وقد بدأت التحضيرات لهذه الزيارة في دمشق وبيروت، والمقررة مبدئيا في الثلث الأول من أغسطس، وتحديدا قبل بدء شهر رمضان.
وفي تقرير الأوساط الديبلوماسية في بيروت ان زيارة خادم الحرمين الشريفين الى كل من دمشق وبيروت ستترك آثارها الكبيرة على مستوى العلاقات اللبنانية – السورية، وبالتالي على حجم الاستقرار اللبناني المهدد بتداعيات القرار الاتهامي للمحكمة الدولية.
بموازاة ذلك أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الأنباء» أن خادم الحريمين يصل الى بيروت في 30 الجاري قادما من دمشق تزامنا مع وجود امير قطر في لبنان.
ويؤكد مقربون من الرئيس الحريري رهانه الكبير على هذه المحكمة، وانه لن يتراجع عن مبادئه وثوابته، بمعزل عن التكتيك المعتمد.
وفي كلام لـ «الأنباء» قال هؤلاء ان سعد الحريري يعتبر السلم الأهلي والفتنة المذهبية خطا أحمر.
وعن تداعيات قضية قرار الاتهام بمحتواه الافتراضي ضد حزب الله، قال عضو في 14 آذار لـ «الأنباء» أيضا: رب ضارة نافعة، فالهجوم على 14 آذار بدأ يُثمر توحدها مجددا، ولمّ شملها كما في الملمات دائما.
ولم يستبق عضو 14 آذار التئام صفوف هذه القوى بعد الاشارات الواضحة من الأمين العام لحزب الله الذي دعاها بإلحاح الى مراجعة مواقفها.
المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار
لهجة الحريري الاحتوائية أضافت اليها مصادر المستقبل تأكيد الرئيس الحريري أن المصلحة الوطنية والسلم الأهلي فوق كل اعتبار.
عضو قيادة المستقبل مصطفى علوش قال موضحا: المهم ألا يتهم بريء في هذه الجريمة، وفسر توجه السيد نصرالله الى جمهور 14 آذار بأنه محاولة خفية للتحريض.
بينما رفض منسق 14 آذار فارس سعيد وصف نصرالله للمحكمة الدولية بالاسرائيلية، وقال انها محكمة دولية خاصة بلبنان ومن أجل لبنان.
النائب عمار حوري، عضو كتلة «المستقبل» نقل عن الرئيس الحريري قوله في اجتماع الكتلة النيابية ان ما بحثه مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سابقا حول اتهام افراد من حزب الله يستند الى معلومات صحافية، وليس الى ما سيرد في القرار الاتهامي للمحكمة.
واشار حوري لقناة ان. بي. ان الى ما كانت كتبته مجلة «دير شبيغل» الالمانية.
ويبدو ان الرئيس الحريري فضل ان يشرح ما دار بينه وبين السيد نصرالله أمام كتلته النيابية، تجنبا لحصول سجالات فيما لو تولى شخصيا الرد المباشر.
ونفت أوساط كتلة المستقبل ما أورده السيد نصرالله من ان الحريري أبلغه ان قرارا ظنيا سيصدر عن المحكمة في شهر كذا وسيتهم عناصر من حزب الله، وقالت ان الحريري زار نصرالله بعد عودته من واشنطن وليس قبل الزيارة، وانه لم يتم التطرق الى القرار الظني، واضاف النائب حوري عن اجتماع الحريري بكتلته، ان رئيس الحكومة بادر بنفي صحة ما نسبه اليه نصرالله وقال ان ما حصل هو معطيات إعلامية كانت متداولة قبل اللقاء ومنشورة، وترافق ذلك مع تحقيق يجرى مع عناصر من حزب الله، ونقل تأكيد الحريري بأن الهم الأساسي لديه هو مواجهة التوتر المذهبي، مؤكدا أيضا على انه «إذا لم يكن هناك دليل قاطع في القرار الاتهامي فأنا أرفضه».
خطاب الحريري
من جهة اخرى أكد الرئيس سعد الحريري خلال افتتاح المؤتمر التأسيسي لتيار «المستقبل»، ان «المحكمة الدولية ليست أمرا طارئا، وان قضية اغتيال رفيق الحريري باتت قضية وطنية وعربية ودولية»، مؤكدا «ان الالتزام بتحقيق العدالة غير قابل للمساومة وجزء لا يتجزأ من الإجماع اللبناني ومن البيانات الوزارية ومن قرارات القمم العربية التي أكدت على ضرورة تحقيق العدالة»، لافتا الى ان «هناك من يتصور أو يتخوف أو يهول او يتمنى ان تكون قضية اغتيال رفيق الحريري سببا لاندلاع الحرب اللبنانية ونحن نقول انه لا مكان بقاموسنا لهذه المخاوف ولا نبني موقفنا على معلومات او تسريبات فالقضية لنا مبدئية لا ترتبط بمسار التحقيق بل التزام شرعي وقومي نتعاطى معها بروح المسؤولية لمنع الفتنة من النفاذ لوحدتنا الوطنية الداخلية».
ولفت الحريري، الى انه «ليس هناك في سيرة رفيق الحريري الوطنية نقطة دم واحدة سقطت في ساحات الصراع على لبنان فهو قاوم الحرب اللبنانية في حياته»، مشددا على ان «روحه الطاهرة لن تكون سببا لتجديد الفتنة على أرض لبنان فكفى تأويلا وتهويلا واستنفارا في عواطف الناس».
وأشار رئيس الحكومة الى انه يعلم جيدا «الهواجس السياسية التي تعيشونها وكثيرا أطرح على نفسي الاسئلة التي تطرحونها، وأنتم في تيار المستقبل تسألون أيضا عن المستقبل وعن مشروع رفيق الحريري وعن قدرة التيار على مواجهة العواصف التي تواجه لبنان»، لافتا الى «اننا لسنا بعيدين عن العاصفة»، مؤكدا «ان العاصفة التي لم تتمكن من القضاء على حلم رفيق الحريري في الحياة اللبنانية لن تتمكن من اغتيال رفيق الحريري مرة ثانية».
وأكد الحريري «الالتزام بقضية تحرير أرضنا في شبعا وكفرشوبا ووضعها في خانة الدفاع عن حقنا ونرسم التزامنا بقضايانا القومية وموقعنا الخاص في الصراع العربي الاسرائيلي وفلسطين وفي هذا المجال ليست قضية موسمية او عنوانا انسانيا فقط، ففلسطين قضية موروثة بالدم قضية الآباء والأجداد والجيل الجديد الذي مازال يرى فيها منارة الماضي وأمل المستقبل وشدد رئيس الحكومة على ان «تيار المستقبل سيبقى وفيا لشركائه جميعا في 14 آذار مهما تبدلت المواقع وتباينت الآراء وتغيرت الظروف وسيتعامل مع المتغيرات بموضوعية في اطار الالتزام بالثوابت والقناعات الوطنية، ومن هنا كان قرار مشاركتنا بالحوار الوطني لمحاصرة أسباب الفتنة التي هبت في غير مكان»، مشيرا الى «اننا تراجعنا في محطات معينة ليتقدم لبنان خطوة في مسار الاستقرار».
وتطرق الحريري الى زياراته الأربع التي قام بها الى سورية، واصفا اياها بالناجحة و«انها أدت الى فتح صفحة جديدة مع دمشق ومع الرئيس السوري بشار الاسد وهذه الصفحة المبنية على الاخوة واحترام السيادتين ما كانت لتكون لولا الايجابية التي يبادلنا بها الاسد ولولا استلهامي من رفيق الحريري بمراجعة الفترة الماضية».