أنهى تيار المستقبل مؤتمره التأسيسي ليل أمس الأول بإجراء انتخابات للمرة الأولى وفق هيكلية تنظيمية هي الأولى التي يقرها منذ انطلاقته بزعامة الرئيس رفيق الحريري في التسعينيات من القرن الماضي. وانضم التيار الى نادي الأحزاب اللبنانية رغم ان بعض قيادييه كانوا يصرون على النأي به عن هذا النادي بصفته تيارا شعبيا متعدد الرأي والاتجاه، وسجلت حول هذا المؤتمر الملاحظات التالية:
ـ تم انتخاب سعد الحريري رئيسا بالتزكية لـ «التيار»، النائب سمير الجسر رئيسا لهيئة الاشراف والرقابة بالتزكية، ثم انتخب باسم السبع وأنطون اندراوس وسمير ضومط نوابا لرئيس «تيار المستقبل».
ـ تميز الانتخاب والتعيين في المكتب السياسي بخليط طائفي ومذهبي، فقد تم تشكيل المكتب السياسي من 28 عضوا 18 منهم بالانتخاب وهم: أحمد الحريري (أول الفائزين) وباسم السبع وحسن منيمنة وسمير ضومط وفايز مكوك وصالح فروخ ومصطفى علوش ويوسف النقيب وخالد أرناؤوط وجان أوغاسبيان ورولا عجوز وأنطوان اندراوس ونصير الاسعد ومحمد الصميلي ووليد يونس وبلال علايلي وراشد فايد وداوود الصايغ. واختار الحريري العشرة الباقين وهم: أحمد فتفت وعلي حمادة ومحمد مراد وحسان الرفاعي ورضوان السيد ومحمد السماك وريا الحسن وسليم دياب ووليد النقيب وغسان بلبل، (السنيورة رفض في المؤتمر عضوية المكتب السياسي لكنه سمى النائب أحمد فتفت ممثلا لكتلة المستقبل النيابية).
ـ سجل عدد من الحاضرين مواقف حادة وتسأل عن أمرين أساسيين: «من الذي أوصلنا إلى نتائج آيار؟ وكيف تجري محاسبة القيادة والمسؤولين الذين تخلوا عنا في تلك الأيام السوداء»، وكرر الحاضرون سؤال الحريري عن زيارة سورية، مشددين على فكرة وحيدة: «لم تقم يا دولة الرئيس باستشارتنا، ولم تهيئ جمهورك، ولم تضعه في أجواء هذا التغير الذي حصل نتيجة الصعود إلى سورية»، ويربط أحد المستقبليين بين هذه المواقف المتصلبة وظاهرة التصفيق الحاد المتواصل عند ذكر اسم الرئيس السابق فؤاد السنيورة خلال المؤتمر.
ـ اللافت أن النائب نهاد المشنوق غاب عن المؤتمر غيابا تاما، ولم يحضر حفل الافتتاح ولم يشارك في أي جلسة، على عكس ما فعل أعضاء كتلة المستقبل، الذين تابعوا معظم النقاشات، وعند سؤال المشنوق عن سبب غيابه، رفض التعليق، والبعض رأى الجواب عن ذلك في حماسة قيادة التيار لـ «تعويم» الصقور، كالنائب أحمد فتفت، والنائبين السابقين مصطفى علوش وباسم السبع، عبر الأدوار التي تعطى لهم، أما المفاجأة الكبرى، فتمثلت في غياب أي دور للنائب السابق غطاس خوري الذي كان متوقعا أن يتبوأ منصبا مهما في قيادة التيار.
ـ التطورات السياسية طغت على عملية ولادة «حزب المستقبل»، وكل التحضيرات كانت جاهزة لاستقبال «المولود الحزبي» الجديد، الديكور الذي صبغ قاعة «البيال» بالأزرق، الأوراق السياسية، الاقتصادية والتنظيمية، لكن السياسة خطفت منه الأضواء وكل التفاصيل التنظيمية الممهدة لانطلاقة «تيار المستقبل»، من بين أحضان المؤتمر التأسيسي، بدت خلال اليومين الماضيين ثانوية، مقارنة مع الحدث الخارجي الذي استضافه المؤتمر، من خلال كلمة «رئيسه» سعد الحريري.
ـ سعد رفيق الحريري رفض بشكل قاطع اضفاء الصبغة المذهبية على «تيار المستقبل» على أنه «حزب السنة في لبنان»، وأعلن «باسم جماهير تيار المستقبل في كل مناطق لبنان، أن تيار المستقبل لن يحمل هوية مذهبية أو طائفية أو مناطقية»، وتقول أوساط المؤتمرين ان تيار «المستقبل» هو نتاج ثورة الارز التي أشعلها استشهاد الرئيس رفيق الحريري، لكنه يأتي في ذروة مرحلة تجذرت فيها الثورة فاجتازت في خمس سنين تجارب خطيرة كان لبنان اثناءها في مهب عواصف متلاحقة، واستشهاد الرئيس رفيق الحريري دفع مئات الآلاف من اللبنانيين الى الساحات في سابقة تاريخية لاعلان الولاء لقيم تليق بشخصية استثنائية في تاريخ لبنان، وفي قلب هذا الالتفاف اللبناني الكبير حول رفيق الحريري كان تيار المستقبل يشهد ولادته، ويطل اليوم تيار «المستقبل» بصيغة جديدة للعلمانية في زمن الطوائف والمذاهب، كل الاحلام التي جسدها رفيق الحريري افعالا كانت عابرة للطوائف والمذاهب وايضا للطبقات، وسيأتي يوم يستطيع التفكير الهادئ ان يتبين حجم ما انجزه لوطنه.
ـ شددت التوصيات السياسية الختامية للمؤتمر في موضوع المحكمة على ان «العنف والاكراه نقيضان للاستقرار والسلم»، ودعم التيار للمصالحات العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز وترحيبه بالمرحلة الجديدة من العلاقات اللبنانية ـ السورية.