- عون لـ «الأنباء»: الزيارة سعي مشكور لإزالة الاحتقان.. وأحس بحصانة عربية كون الأسد ـ عبدالله يحميان المجتمع اللبناني
بيروت ـ عمر حبنجر - هدى العبود – داود رمال
يوم استثنائي في تاريخ لبنان المعاصر، الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الاسد معا في بيروت لأول مرة، وللمرة الاولى ايضا يجري البحث عن مخارج للأزمة اللبنانية على الاراضي اللبنانية، وان كان ما جرى أمس في قصر بعبدا بمنزلة الترجمة لقمم ثنائية عقدها خادم الحرمين مع الرئيس السوري في دمشق وقبلها مع الرئيس المصري حسني مبارك في شرم الشيخ.
الحدث اللبناني ـ العربي انطلق في الواحدة ظهرا مع وصول الملك السعودي والرئيس السوري في الطائرة الملكية السعودية الى مطار رفيق الحريري الدولي.
وتناقلت وسائل إعلامية كلاما للرئيس السوري بشار الأسد لدى وصوله الى المطار بينما كان ينزل من الطائرة مع خادم الحرمين الشريفين، حيث قال على مسمع الجميع: «بقي أبو مصطفى ينادي بالسين السين حتى أصبحت السين سين عنده».
هدف الزيارة المزدوجة، احتواء التوتر في لبنان والحرص على الاستقرار والتوافق وإكمال مسيرة حكومة الوحدة الوطنية تحت الرعاية السعودية ـ السورية التي سبق لها ان انتجت اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الاهلية في لبنان، فاتفاق الدوحة.
ولا شك ان اجواء ايجابية مهدت للقمة اللبنانية ـ السعودية ـ السورية في بعبدا، تحت رعاية سورية ـ سعودية، سواء أكان على الصعيد اللبناني الداخلي أو على الصعيد العربي والدولي، ففي بيروت خفت حدة المساجلات حول المحكمة الدولية والقرار الاتهامي لمدعيها العام. وفي القاهرة كما في دمشق تخطت محادثات الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع الرئيس حسني مبارك والرئيس بشار الاسد، الكثير من الموانع والعقبات لتبلغ عمق الضرورات القومية التي تفرض وجوب العمل على منع المزيد من التدهور في لبنان.
فرملة التدهور
ومن هذه الزاوية التقت مختلف الاوساط اللبنانية على فهم إطلالة الملك السعودي والرئيس السوري، الى جانب ما ستعنيه من فرملة لحالة التدهور السياسي المشوب بالأخطار الامنية.
وذكرت مصادر صحافية أن الرئيس السوري بشار الأسد أبلغ «حزب الله» قبل نحو أسبوع أنه سيأتي الى لبنان برفقة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز.
وبحسب هذه المصادر فقد تم التوصل خلال الاجتماع المغلق في قصر بعبدا امس الى اتفاق لبناني ـ سوري ـ سعودي بشأن التعامل مع أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وفي هذا السياق أكدت أوساط المستقبل أننا «تخطينا مرحلة الخطر ودرئت الفتنة والتوجه لحلحلة الأوضاع بعد أن حصلت تسوية كبرى تقضي بأن تسير العدالة مع الوحدة الداخلية»، مشيرة الى أن كل الفرقاء اللبنانيين يسيرون بهذه التسوية، وأن الخطاب المتصاعد انتهى ونحن مقبلون على فترة تهدئة تليها إعادة ترتيب للبيت الداخلي تحت المظلة العربية.
وأكدت أنه ليس هناك أي تأجيل للقرار الظني، لأن لا أحد متأكدا إذا كان هذا القرار سيصدر ومتى سيصدر.
بدوره اكد النائب اللبناني ميشال عون لـ «الأنباء» ان الزيارة «سعي مشكور لإزالة الاحتقان والمساعدة على تقويم الاحتقان»، وأضاف «أحس ان لدى ميشال عون حصانة عربية والرئيس الأسد والملك عبدالله يحبان ان يحميا هذا المجتمع اللبناني».
وردا على سؤال فيما إذا كانت الزيارة من أجل الأمن قال عون: «هي فعلا زيارة أمن وأمان وأرجو أن تكون زيارة من أجل الأمن والأمان»، وأعرب عن أمله في أن تدوم «مفاعيل هذه القمة».
ولدى وصولها قالت النائبة اللبنانية ستريدا جعجع «حدث اليوم كبير وتاريخي ومن هذا المنطلق نحن موجودون هنا على الرغم من الخطأ الشكلي مع رئيسنا د.سمير جعجع».
وأضافت «في بناء الأوطان تتجاوز الشكليات والقوات مؤمنة ببناء الأوطان عن حق وساهمت في اتفاق الطائف وعلينا ألا ننسى أن المضيف الموجود هنا الملك عبدالله ساهم في استقرار لبنان ولا يزال»، ولم تشر في حديثها إلى الرئيس السوري.
وبعد عقد القمة الثلاثية السورية-السعودية-اللبنانية بالاضافة إلى اللقاءات الثنائية صدر بيان عن المجتمعين اكدوا فيه على ضرورة استمرار الحوار الوطني واتفاق الدوحة وتطبيق اتفاق الطائف والابتعاد عن العنف.
قمة دمشق لتجاوز الخلافات
وكانت القمة السعودية – السورية انتهت الى بيان يدعو الى تجاوز الخلافات ونبذ التفرقة بين اللبنانيين لتخطي المصاعب التي يمر بها لبنان، ولتحقيق الأمن والسلام لشعبه.
كما اكد البيان الحرص على دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وكل ما يثبت الاستقرار والوحدة وكل ما يعزز الاستقرار.
وتوقف البيان امام التطورات الاقليمية بشقيها الفلسطيني والعراقي، والاجواء عينها تناولها البيان الصادر عن الرؤساء الثلاثة، خصوصا لجهة دعم التوافق القائم منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
لقاء تشاوري بين سليمان والحريري
الرئيس سليمان كان عقد لقاء تشاوريا مع رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اكد لـ «العربية» ان زيارة الملك السعودي والرئيس السوري تضفي استقرارا كبيرا على الاوضاع في لبنان بعد التشنجات الاقليمية.
وقال ان العلاقات بين لبنان وسورية هي علاقات بين دولة ودولة، ومؤسسات ومؤسسات، واعتقد ان هناك الكثير من التأويلات ومنها ان بعض الناس لديهم هواجس، لكن نرى ان الزيارة مرتبطة بالتشنج في المنطقة.
رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة وضع زيارة الملك عبدالله والرئيس الاسد الى لبنان في اطار الحرص على الاستقرار في البلد وعدم جدوى ان يوتر اي فريق الاجواء أو يأخذ الأمور الى ما ليس فيه مصلحة لبنان.
حزب الله وحملة التحريض الصهيوني
في غضون ذلك لاحظت اذاعة النور الناطقة بلسان حزب الله استمرار حملة التحريض الصهيونية ضد حزب الله من باب المحكمة الدولية عبر فبركة المزيد من الاتهامات والافتراءات التي تضخها وسائل الاعلام الاسرائيلية، مستندة الى مصادر استخباراتية اميركية وفرنسية ضمن مخطط مكشوف الاهداف يضع لبنان على برميل بارود سينفجر عند صدور القرار الاتهامي كما عبرت القناة الأولى في التلفزيون الاسرائيلي.
ولفتت الاذاعة الى عدم صدور أي تعليق عن الدوائر المعنية بالمحكمة الدولية على كل هذه التسريبات المتوالية عن عمل المحكمة.
الشيخ قاسم: نحذر من الوقوع بالفتنة
بدوره الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لحزب الله قال: نحن عندما نرفع الصوت بوجه من يحاول اتهامنا ظلما وعدوانا انما نرفعه محذرين من الوقوع في الفتنة ولمساعدة الآخرين على تجنبها، ولا يقال بان صوتنا اوصل اليها.
واضاف: بالنسبة الينا القرار بالاتهام صدر لكن يبقى النطق بالحكم، وحزب الله ليس «مكسر عصا لأحد»، وليس معبرا لمشاريع اميركا واسرائيل التي ستتحطم بالموقف الحازم، ومن لم يختبرنا بعد فليختبر!
الناطقة باسم المحكمة الدولية فاطمة عيساوي دعت الى الابتعاد عن التساؤلات حول القرار الاتهامي.
وردا على سؤال لـ «رويترز» حول ماذا سيحدث لو صدر القرار متناولا عناصر في حزب الله، قال عيساوي: ان الحكومة اللبنانية ملزمة بالاستجابة لمطالب المحكمة باعتبار الحزب شريكا في الحكومة، وبناء عليه فهو يدعم الحكومة من حيث المبدأ، نافيا ان يكون للمحكمة دوافع سياسية، في معرض ردها على خطاب الامين العام لحزب الله.
مصطفى بدر الدين
وكان الاعلام الاسرائيلي واصل الدخول على خط المحكمة الدولية وفي جديده ادعاء التلفزة الاسرائيلية حصولها على معلومات خاصة، مفادها ان القرار الظني سيصدر بحق عنصر من حزب الله يدعى مصطفى بدر الدين، المساعد العسكري للقيادي عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق.
صور الأسد عادت إلى طرابلس
انتشرت في الساعات الماضية في الشوارع الرئيسية في مدينة طرابلس، صور كبيرة ومشتركة بتوقيع «ابن البلد» تضم الى جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، كلا من خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والرئيس السوري بشار الأسد، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ورئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان، اضافة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وتضمنت عبارة هي: «شعبنا يناديكم.. أنتم الخلاص والأمل»، واللافت في الأمر ان صور الأسد ترتفع في طرابلس للمرة الأولى منذ خروج الجيش السوري من لبنان قبل نحو خمس سنوات.
لقطات
-
رافق الرئيس الأسد عن طريق البر وفد إعلامي سوري كبير من ثلاثين صحافيا.
-
أول الواصلين إلى حفل الغداء وليد جنبلاط ثم عاصم قانصوه.
-
وصل رؤساء تحرير الصحف السعودية برا من سورية قبل وصول الملك عبدالله.
-
جرى سلام حار بين الرئيس الأسد والرئيس الحريري في المطار لفت جميع الحاضرين.
-
جرت مصافحة للمرة الأولى بين الرئيس الأسد ومروان حمادة (أشد المناهضين لسورية في السنوات السابقة) على أرض المطار بصفته عضوا في مكتب مجلس النواب.
-
دخل القادة الثلاثة إلى القصر الجمهوري يتوسطهم الرئيس سليمان.
-
في القمة الثلاثية جلس الملك عبدالله في الوسط وعن يمينه الرئيس الأسد وعن شماله الرئيس سليمان.
-
لدى انضمام الرئيسين بري والحريري إلى القمة الثلاثية جلسا على شمال الرئيس سليمان.
-
القمة الثلاثية والاجتماع الخماسي والاجتماع الموسع عقدت في صالون السفراء، وانتظر المدعوون إلى الغداء في قاعة الاستقلال وأقيم حفل الغداء في قاعة 25 أيار.
من أجواء الحدث
احتفاء استثنائي: جرت في دمشق مراسم احتفاء كبيرة للعاهل السعودي الملك عبدالله والوفد المرافق له. ونقل عن مصدر سوري رسمي ان استقبال الأسد لخادم الحرمين الشريفين في المطار يعكس أهمية اهتمام سورية بضيفها الكبير. كما أشار الى ان التلفزيون السوري الحكومي نقل وقائع الوصول والزيارة على الهواء مباشرة، وهذا نادرا ما يحصل أيضا.
واعتبرت أوساط عربية ولبنانية أن مجيء الرئيس الأسد في طائرة واحدة مع الملك السعودي من دمشق الى بيروت خطوة مهمة، لم تكن لتتم لو لم يكن هناك من أمل بتحقيق نتائج تتعدى التهدئة التي أنتجتها اتصالات دمشق والدوحة ونصائح الرياض لاحتواء التوتر الذي نجم عن التراشق الإعلامي حول المحكمة خلال الأسبوعين الماضيين.
ماذا أبلغ الأسد ـ عبدالله: ذكرت معلومات سياسية مصدرها «معارض» ان الرئيس بشار الأسد عرض للملك عبدالله وجهة نظره حيال ملف التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأكد أن المحاولة الفاشلة لإلصاق التهمة بسورية يراد الآن إلصاقها بالمقاومة في لبنان.
وقال المصدر إن الأسد عرض تفاصيل كثيرة عن هذا الملف في إطار تأكيد رفض اتهام المقاومة والتآمر عليها. ولفت انتباه السعودية إلى ضرورة فعل شيء لمنع الانعكاسات السلبية لصدور قرار اتهامي يتهم حزب الله زورا. وبحسب المرجع، فإن الاقتراح الوحيد قيد التداول هو سعي الملك عبدالله لدى دوائر القرار الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا إلى عدم إصدار القرار الاتهامي الآن.
من جهتها، مصادر حزب الله تنفي ان يكون الحزب طرح خلال أي اجتماع رسمي تأجيل صدور القرار الظني بضعة أشهر أخرى ريثما تتضح الظروف الاقليمية، وقالت ان الحزب لا يعتبر تأخير القرار الظني حلا بل يبقى سيفا مسلطا عليه.
إعادة التوازن: رأت صحيفة «الوطن» السورية امس الأول أن «الوصول الجماعي» لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني إلى بيروت «يحمل في أحد أكثر معانيه دلالة، ذلك الطابع الوقائي الآيل إلى محاولة منع وقوع أزمة مفتوحة في لبنان»، مضيفة: «الآن، ومع الهجوم المحتمل لـ «القرار الظني» للمحكمة الدولية على حزب الله والمقاومة، يبدو الحضور الرئاسي والملكي والأميري لسورية والسعودية وقطر وكأنه استجماع وضم لاتفاق الطائف وتسوية الدوحة معا، وهي عملية لا يمكن أن تفضي إلا إلى معنى واحد وهو إعادة التوازن بين الدولة اللبنانية والمقاومة بما يعيدها جملة سياسية واحدة».
وخلصت إلى القول إنه «إذا ما نجحت هذه العملية، فإن حفرة سان جورج تكون قد ردمت تماما، وإلا فإن القرار الظني سيتمكن من ضرب الطائف والدوحة معا، وإعادة لبنان إلى مربع حفرة سان جورج، ذات القرار الإسرائيلي».
استثناء في الدعوات على الغداء الرئاسي: ذكرت مصادر أن دعوة الرئاسة اللبنانية كبار المسؤولين والوزراء والنواب الى الغداء الذي يقيمه الرئيس ميشال سليمان على شرف الضيفين السعودي والسوري أمس لن تشمل دعوة أعضاء «هيئة الحوار الوطني»، بحيث يستثنى رئيس حزب «القوات اللبنانية» من حضورها، وهو ما اعتبره المراقبون تجنبا لمصافحة بين جعجع والرئيس الأسد.
وقالت مصادر رسمية انه في المقابل تمت دعوة الى العشاء الذي يقيمه سليمان مساء اليوم على شرف أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة، باعتباره راعي اتفاق الدوحة الذي نص على إحياء هيئة للحوار.
وذكرت مصادر أخرى ان البروتوكول السوري رغب في توجيه الدعوة إلى الشخصيات اللبنانية التي سيلتقيها الأسد، على أن تقتصر على الوزراء والنواب. وانطوى هذا الشرط على إرادة الأسد في ألا يلتقي بشخصيتين لبنانيتين تناصبان سورية العداء، هما بطريرك الموارنة مار نصر الله بطرس صفير ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع.
وعلم ان الرئيسين أمين الجميل لم يتلق دعوة، في حين تردد ان الرئيس إميل لحود تلقى دعوة.
وذكرت معلومات ان نواب ووزراء حزب الكتائب الذين تلقوا دعوات قرروا المقاطعة لعدم توجيه دعوة الى رئيس الحزب أمين الجميل، في حين ان نواب «القوات» ووزراءها سيشاركون، علما ان النائب أنطوان زهرا عضو في هيئة مكتب مجلس النواب الذين سيحضرون الاستقبال والغداء.