بيروت ـ داود رمال
اولى ترجمات المظلة العربية للاستقرار اللبناني والذي اجمعت عليه القمة الثلاثية التي جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان كانت في المشهد الوطني الجامع في الجنوب وتحديدا في بنت جبيل المحاذية للحدود مع فلسطين المحتلة، حيث حضر اركان الدولة جنبا الى جنب تدشين ازالة آثار العدوان الاسرائيلي عام 2006، اذ فاجأ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الجنوبيين بحضوره المعبر كل محطات اليوم القطري الطويل لأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، هذا الحضور الذي كان له الوقع الإيجابي والمؤثر بما يعني أن صفحة جديدة من الوفاق والوئام والوحدة الوطنية قد فتحت لمواجهة التحديات المحدقة بلبنان وفي طليعتها العدوان الاسرائيلي المستمر ضد لبنان تهديدا وخروقات يومية وشبكات تجسس، لمنع اصابع الفتنة من التسلل مجددا الى لبنان.
ولفت الحضور الشعبي الكبير في استقبال الضيف القطري الكبير والرئيس سليمان والرئيسين نبيه بري وسعد الحريري في هذه المنطقة التي تعرف بأنها من مناطق النفوذ الكبير لحزب الله، ولفت ايضا التفاعل الشعبي المميز مع حضور الحريري بما يدحض كل المقولات عما يزعم من وجود انقسام ذي طابع طائفي او مذهبي، فالحريري يدا بيد مع بري ورعد برعاية الرئيس سليمان والشيخ حمد وبمتابعة من الملك عبدالله والرئيس الأسد.
وفي اليوم الثاني من زيارته امس جال امير دولة قطر سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الجنوب برفقة رئيس الجمهورية وترافقهما عقيلتاهما الشيخة موزة بنت ناصر المسند والسيدة وفاء سليمان.
بنت جبيل
وبدأ الرئيس سليمان وضيفه الامير الشيخ حمد وعقيلتاهما الجولة في بلدة بنت جبيل حيث اقيم لهم استقبال شعبي على جانبي الطريق ليتوجهوا من ثم الى بوابة المجد في ساحة البلدة حث كان في استقبالهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ووفد من كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة ممثل الامين العام لحزب الله النائب محمد رعد، ووفد من كتلة التنمية والتحرير، والشيخ نبيل قاووق على رأس وفد قيادي من حزب الله وفاعليات سياسية واجتماعية وانمائية.
وبعدما ازاح الرئيس سليمان والامير حمد وعقيلتاهما الستارة عن اللوحة التذكارية لسوق بنت جبيل اعرب امير قطر عن سعادته لوجوده في هذا المكان الذي تعرض لعدوان، واراه الآن وقد عاد البناء والاعمار فيه، شاكرا «المجاهدين الذين ضحوا بحياتهم وبأموالهم في سبيل رفعة هذا الوطن والذي لا يمثل لبنان وحده وانما العرب مجتمعين».
وقال الشيخ حمد «بالمقاومة رفعتم رؤوس لبنان والعرب»، وبعد جولة الرئيس سليمان والامير حمد وعقيلتيهما في سوق البلدة انتقل الموكب الى مستشفى بنت جبيل.
حيث القى النائب محمد رعد كلمة شكر فيها قطر واميرها وشعبها على الاسراع في اعادة اعمار مربع بنت جبيل ـ عيناثا ـ عيتا الشعب والخيام وبناء المساجد والحسينيات والكنائس في لبنان.
واشاد رعد بجهود الشيخ حمد ايام الحرب لوقفها منذ اللحظة الاولى لاندلاعه، وباتفاق الدوحة الذي انجز برعاية سمو الامير، وفتح الطريق امام عودة الحياة السياسية الى طبيعتها، وفجر الانتخابات الرئاسية والنيابية وبعدها تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وانعقدت هيئة الحوار الوطني.
الا ان رعد لفت الى ان الاستقرار الذي شهده لبنان منذ ذلك الاتفاق يتعرض اليوم، وللاسف لتهديد جديد عبر التسلل تلفيقا وفبركة لصياغة قرار ظني ظالم يمليه التسييس الواضح من اجل تحقيق اهداف اسرائيل مجددا في لبنان بعدما عجزت عن تحقيقها في حرب تموز العدوانية العام 2006، وقال ان التسييس هو ألد اعداء الحقيقة.
عناصر المقاومة
كما ألقى الرئيس بري كلمة اشاد فيها بقطر وبأميرها الممتلئ بالحب، الرافض لبيع الحرية والضمير، والدين.
واشار بري الى ان عناصر المقاومة لاي عدوان اسرائيلي اكتملت اليوم حيث ان لبنان يملك اولا قوة الردع المتمثلة دائما، في سلاح الوحدة الوطنية والشعب والجيش والمقاومة، وثانيا: عملية النهوض بعد اعمار ما هدمته الحرب الاسرائيلية الاخيرة بدعم وتمويل من دولة قطر، دن ان ننسى فضل الاخوة في الكويت والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية وسورية والجمهورية الاسلامية في ايران على مساحة عدد كبير من البلدات والقرى وثالثا تحصين المنطقة الحدودية بخط دفاع صحي يتمثل في مستشفى الدوحة.
واضاف: الآن وحدها قطر تعرف الكلفة المادية لاعادة اعمار بنت جبيل، ونحن نعرف معنى تكامل صناعة النصر واعادة البناء.
ورد الشيخ حمد قائلا: يشرفنا ان نكون معكم اليوم في هذه البقعة بالذات من لبنان، وفي افتتاح هذا المشروع الذي يحظى باهتمامكم واهتمامنا وبالقرب من حياة جموع الشعب اللبناني ومواطنيه.
واضاف: الحقيقة اننا نرى في هذا المشروع، في هذا الموقع وهذه الاجواء، رمزا مؤثرا وخلاقا وسط شعب يملك القدرة والشجاعة على مداواة جراحه والارتفاع فوق آلامه رغم كل الطوارئ والازمات.
المزيد من التحديات
وتابع: ومع ذلك ما يزال لبنان يواجه الكثير من التحديات، وهو اهل لمواجهتها، وعلى رأسها تحدي اعمار المجتمع واعادة بناء المواطن، انها معركة لا يمكن تقسيم اللبنانيين فيها الى خاسر ورابح، فاما ان يكسبها اللبنانيون معا ويكسبها معهم العرب او يخسروها جميعا ومعهم العرب ايضا.
ومضى الشيخ حمد قائلا: ليس لدينا شك في أن لبنان قد اختار ان يواجه هذا التحدي وان يكسب هذا النزال، وهذا الخيار يعني التمسك بعروبة لبنان، فهي التي تجمع اهله وتربطهم بمحيطهم، كما يعني هذا الخيار التمسك بالمواطنة اساسا للانتماء الى هذا الوطن الذي يتسع لجميع الديانات والمذاهب.
وتابع قائلا: وليس لدينا شك في ان لبنان يعرف مصلحته ويمكنه ان يتخذ قراره بحكمة وروية، وقد وجدتم الدوحة والطائف وغيرهما من المدن العربية جاهزة لاحتضان لقاءاتكم لكنكم لن تحتاجوا لمثل هذا في المستقبل ان شاء الله، غير انكم سوف تجدوننا داعمين لازدهار لبنان وتنميته، ومساندين لصوت الحكمة والعقل والعيش المشترك لكل مواطنيه، لبنانيين عربا،مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة.
لقطات
بري متأبطاً ذراع الحريري: توجه رئيس البرلمان نبيه بري متأبطا ذراع رئيس الحكومة سعد الحريري إلى القاعة «أدهم خنجر»التي اقيم فيها الغداء على شرف الأمير القطري.
كان الرئيس سعد الحريري ضمن مستقبلي الشيخ حمد في بنت جبيل لكنه لم يرافق الموكب الى الخيام وبنت جبيل حيث توجه الى صيدا ثم عاد الى دارة الرئيس بري للمشاركة في الغداء التكريمي.
مفاتيح ثلاث بلدات جنوبية: تسلم أمير قطر الشيخ حمد مفاتيح ثلاث بلدات جنوبية اعادت قطر بناءها بعد ان دمرها عدوان 2006، والبلدات هي بنت جبيل ودير ميماس والخيام.