بيروت ـ عمر حبنجر
تركزت القراءات السياسية على المؤتمر الصحافي المطول للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والذي وجه فيه اصابع الاتهام لاسرائيل في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصحبه الآخرين، واجمعت هذه القراءات على اهمية الانجاز المحقق برصد الحزب وتسجيله للصور المرسلة من طائرات الاستطلاع الاسرائيلية، وعلى ان التعبئة الاعلامية التي سبقت المؤتمر الصحافي، كانت اكبر من الواقع حيث ساهمت معظم الفضائيات العربية وجميع الاقنية اللبنانية عدا قناة «المستقبل» في نقل الحدث.
القراءة الأولية للمعطيات والقرائن ذهبت باتجاهين، الأول عبر عنه نواب وقيادات تيار المستقبل بدعوتهم السيد نصر الله الى وضع ما لديه من قرائن بتصرف التحقيق الدولي مع سؤاله عن سبب التأخر في تقديم هذه المعطيات، والثاني تمثل في الدعوة الى فتح تحقيق جديد لا يستبعد فرضية اسرائيل في الوقوف وراء جريمة بل جرائم الاغتيال التي هزت لبنان، وهذا ما عبر عنه النائب وليد جنبلاط الذي دعا الى وقفة تأمل من اجل العدالة، والى عدم جر البلاد الى المجهول، ورأى ان القرائن التي تقدم بها السيد نصر الله فتحت بابا عريضا لامكانية الطعن في شهود الزور، وانه اذا استخدمت هذه القرائن من قبل لجنة تحقيق دولية دقيقة ونزيهة نستطيع ان ندخل الى جو تحقيقي جديد في «جريمة العصر» اذ علينا ان نتذكر دائما ان ما ادى الى هذه الكارثة هو القرار 1559، ولتطبيق هذا القرار كان لابد من حدث كبير كاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهنا لمح جنبلاط اكثر من مرة الى الاميركيين.
ويلاحظ ان جنبلاط لم يشر الى اتهام اسرائيل لا من قريب ولا من بعيد، ومثله الى حد ما، العماد ميشال عون الذي وصف المعلومات التي ادلى بها نصر الله بالقيمة، والتي تصلح لانطلاقة تحقيق جديد.
من جهته عضو كتلة امل النائب هاني قبيسي رأى ان المهم في المؤتمر الصحافي للسيد نصر الله الواقع اللبناني الذي كشف عنه، وهو ان اسرائيل تتعامل مع لبنان كساحة عمليات وليس كوطن، فما يقوم به الطيران الاسرائيلي بشكل يومي من استباحة لسماء لبنان ولسيادة لبنان على الطرقات وفي الاجواء وعلى البر وفي البحر فتح احتمالا جديدا ان تكون لاسرائيل يد طويلة في كل عمليات الاغتيال التي حصلت في لبنان.
وعن السبب وراء انتظار نصر الله كل هذا الوقت ليعلن عن هذه المعطيات مع تصاعد التسريبات حول علاقة الحزب بالجريمة قال قبيسي: في الفترة الاخيرة اصبح قرار الاتهام وكأنه يوجه التهمة الى الحزب بصورة مباشرة مما استدعى ان يكشف نصر الله ما كشف من معطيات تدخل اسرائيل على ساحة الجريمة في لبنان على كل المستويات وليس على مستوى جريمة اغتيال الرئيس الحريري وحسب، وهذا امر يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار من خلال التوسع في التحقيق على الأقل، والقرائن التي ظهرت توحي بان من الممكن جدا ان تكون لاسرائيل يد فيما حصل.
واكد النائب قبيسي حاجة لبنان الى تسليح الجيش لكي نمنع هذه الطائرات من الدخول الى اجوائنا تلاحق من تريد، تصور من تريد تكشف عمن تريد، فهذا امر خطير جدا.
شهادات الزور
من جانبه اكد عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب اميل رحمة اننا نحن في مرحلة التحقيق بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري ومن الناحية القانونية هي مرحلة تلمس، فالجريمة واقع ولكن اثباتها بجميع عناصر الاثبات قبل الظن والاتهام هو الموضوع الطاغي في هذه المرحلة التي يجب ان تذهب الى كل الوقائع، موضحا ان ما قدمه الامين العام لحزب الله السيد نصر الله اهم بكثير من تقرير مدعي عام المحكمة الدولية الاسبق ديتليف ميليس وما بعده، لافتا الى ان شهادات ميليس استندت الى شهادات زور وغرفة جمع فيها اربعة ضباط.
واشار في حديث لقناة «المنار» الى ان معطيات نصر الله التي قال عنها انها قرائن ومؤشرات وليست ادلة دامغة هي ذات مدلولات في القانون وفي مرحلة التلمس لافتا الى ان تعميم التحقيق غير موجود وهو اصبح احادي الجانب وليس شاملا.
في المقابل، رأى عضو المكتب السياسي في تيار (المستقبل) مصطفى علوش انه كان يجب الافصاح عن القرائن التي قدمها السيد حسن نصرالله امس منذ زمن بعيد لأن القرائن المادية لها علاقة بالـ dna والبصمات، والصور مجرد قرائن ظرفية، وكنا وفرنا الكثير من التشنجات.
وأضاف عبر قناة «الجديد» ان التحقيق الجنائي هو المخوّل بأن يحدد ما اذا كانت المعلومات والصور التي قدمها نصرالله مهمة او صحيحة، ولست أنا او غيري الجهة المخولة للبت بمدى اهمية هذه المعلومات.
علوش الذي دعا مجلس الوزراء الى استعراض هذه المعلومات، والبناء على ذلك، إذ يمكن لهذا المجلس ان يقرر ما اذا كان يجب تقديمها الى لجنة التحقيق الدولية، أكد ان فرضية اسرائيل فرضية منطقية جدا، لأن اسرائيل كانت من أكثر الناس انزعاجا من الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما كان يقوم به من اعمار، ولكن لا يهم السيناريو الذي يؤلفه كل واحد منا، بل المهم هو القرائن الموجودة على الأرض.
واعتبر علوش ان الوقائع التي عرضها السيد نصرالله مبنية على تحليلات أكثر منها على وقائع.
بدوره النائب خالد زهرمان (المستقبل) دعا الى وضع المعطيات التي عرضها السيد نصرالله لدى المحكمة الدولية بوصفها المرجعية الوحيدة التي لديها الاختصاص لبحث هذا الموضوع.
ولاحظ زهرمان ان في معطيات السيد نصرالله الكثير من العموميات، فعند الحديث عن الاستطلاعات الجوية لا يخفى ان اسرائيل لم تترك زاوية في لبنان الا وصورتها، وربما كان ثمة جدوى من ملاحقة بعض المعطيات التي اوردها والمطلوب تقديمها للمحكمة الدولية، كالطلعات الجوية التي جرت قبل الاغتيال بيوم ويوم الاغتيال، وبعده بيوم، وإذا توافرت هذه الطلعات في الأيام الثلاثة تكون مستحقة للتسليم للمحكمة الدولية، اما اذا كانت جزءا من كل فالمحكمة تستطيع ان تحكم.
وحول استبعاد التحقيق الدولي اسرائيل في ظل المراقبة التي كشف عنها نصرالله لرئيس الجمهورية وقائد الجيش أجاب زهرمان: هناك مراقبة لكل الشخصيات السياسية والأمنية، اما ان المحكمة استبعدت احتمال ان تكون اسرائيل وراء الاغتيال فمعلوماتنا ان المحققين لم يستبعدوا اسرائيل.
تبرئة لإسرائيل
من جانبه، اعتبر عضو تكتل «لبنان أولا» النائب نبيل دوفريج ان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله لم يعط دلائل في مؤتمره الصحافي بالأمس، بل تحليلات لما يراه هو منطقيا ليوصله الى الحقيقة، مشيرا في السياق نفسه الى ان الصور التي عرضها نصرالله غير مقنعة.
وفي حديث الى قناة «أخبار المستقبل» أوضح دوفريج ان طائرة الـ mk تصوّر كل منطقة في لبنان وكل زاوية وكل مبنى، مضيفا: وكل الشخصيات السياسية وغير السياسية وحتى الدينية في لبنان تخضع للمراقبة.
هذا، وأكد دوفريج ان أحدا لا يفضّل تبرئة اسرائيل في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الا انه لا يجوز رفض عمل لجنة التحقيق الدولية قبل ان تظهر اي شيء عنه وقبل صدور القرار الظني، داعيا الى انتظار نتيجة التحقيق للإدلاء بالموقف المناسب.