- السيد نصرالله: قائد عربي نقل للأسد عرضاً أميركياً لإبقاء القوات السورية في لبنان شرط نزع سلاح حزب الله والمخيمات الفلسطينية
- .. للأسف لا نثق بالتحقيق ولا باللجنة الدولية وإذا قررت الحكومة أن تكلف جهة موثوقة لنتعاون معها فنحن حاضرون بالأدلة كاملة
بعد أن كشف امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله سر اختراق البنية العسكرية الجوية الاسرائيلية قبل العام 1997، وقدم صورا جوية حصل عليها «حزب الله» من خلال اختراق للشيفرة السرية لطائرات حربية إسرائيلية تحلق في أجواء لبنان، بدءا من عملية انصاريه في العام 1997، وصولا الى رصد مناطق عدة كان يتردد عليها الرئيس رفيق الحريري مثل منزله في قريطم ومنزله في فقرا والسراي الحكومي والطريق البحرية في الـ «سان جورج»، فُتح سجال عقيم في اسرائيل التي اصيبت بهزة وبصفعة قوية جراء الصور التي عرضها نصرالله والتي سعت اغلب وسائل الاعلام الاسرائيلي الى وقف النقل المباشر لخطاب السيد فور بدء عرض صور طائرات الاستطلاع.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية عن جهات عسكرية رفيعة المستوى كانت ضالعة في تحقيقات حول عملية انصارية، أنها لا تلغي أبدا احتمال أن تكون الصور التي بثها حزب الله «أصلية» وأنه «لا يمكن شطب فرضية أن الكارثة التي حلت بالكومندوس نجمت عن تقصير في مجال الاستخبارات (الإسرائيلية)».
وكانت لجنة فحص أخرى برئاسة العميد غادي زوهر توصلت إلى استنتاج يفيد بان شكوكا تساورها بأن جزءا من الصور التي بثتها طائرة الاستطلاع الإسرائيلية بلا طيار إلى إسرائيل التقطتها «جهات معادية».
وأشارت الصحيفة إلى أنه في العام 1997 لم تكن لدى إسرائيل معلومات حول مدى ضلوع إيران في نشاط حزب الله في لبنان، لذا لم تقدر إسرائيل في حينه أنه يمكن أن تكون للحزب قدرات تكنولوجية لاعتراض بث صور لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية، «والتقديرات في حينه لم تأخذ في الحسبان أن لدى إيران كانت قدرات متطورة لالتقاط بث صور».
من جهته قال والد أحد الجنود الذين قتلوا في العملية إن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يفتح جروحنا من جديد وهذا مؤلم جدا. وفيما وصف بعض ذوي الجنود بث الصور أمس محاولة من حزب الله لحرف النار عنه وتوجيهها إلى إسرائيل في قضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، قال موشي رودوفسكي الذي قتل ابنه في عملية أنصارية إن «نصرالله أثبت لي اليوم صحة ما قلته يوم قتل ابني ورفاقه، قلت إنهم قتلوا جراء بث صور غير مشفرة. الصور اصلية ودقيقة للغاية. حزب الله التقط الصور ونصب المكمن في منطقة البستان حيث سار الجنود. لم تكن مجرد مبادرة من سكان محليين في المنطقة، كما حاول الجيش الإسرائيلي أن يشرح لنا».
وتابع أنه «ينبغي توجيه أسئلة للقادة الكبار حول حصول هذا الفشل، وكيف حصل هذا الخلل الخطير الذي أدى إلى نتيجة قاسية. أولادنا قتلوا نتيجة الثقة المفرطة بالنفس لدى مسؤولين عن وحدة الكومندوس».
وكان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله اطلق مسساء امس الاول قراره الظني ليس في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري فحسب، بل في كل الجرائم والتفجيرات التي استهدفت لبنان وأمنه وسلمه الأهلي ووحدته الوطنية وموقعه العربي، في السنوات الخمس الماضية، وقبلها، وذلك في سياق مؤتمر صحافي في قاعة «شاهد» على طريق المطار، ندر أن يعقده زعيم سياسي، بالصوت والصورة، وبالقرائن والمحاضر والحجج والتي لن يكون من السهل بعد الآن تجاوزها لا من قبل تحقيق دولي، إذا كان يريد الحقيقة فعلا، ولا من قبل تحقيق محلي أو عربي يمكن أن يكون بديلا لمنطق التسييس الدولي الذي يبدو أنه أصدر قراره الظني ضد المقاومة، ولم يعد ينقصه سوى التوقيت المناسب، أي «توقيت الفتنة».
وانطلق «السيد» في مؤتمره الصحافي من واقعة دخول الإسرائيليين على خط حادثة 13 سبتمبر 1993 عندما نظم «حزب الله» مظاهرة جسر المطار ضد اتفاق أوسلو وتعرضت لإطلاق نار أدى الى سقوط شهداء وحصلت بعدها خصومة سياسية بين «حزب الله» والرئيس الشهيد رفيق الحريري، فأقدموا ومن خلال أحد عملائهم على محاولة إقناع الحريري بأن «حزب الله» يخطط لاغتياله، وتبين لاحقا أن عميلا إسرائيليا هو الذي أعطى المعلومات الكاذبة للحريري، واسمه احمد نصرالله (قدم روايته).
وعرض نصرالله لشريط الاتهامات الإسرائيلية للمقاومة باغتيال الحريري منذ لحظة وقوع الجريمة في 14 فبراير 2005، مشيرا الى أن مشكلة اسرائيل مع سورية ليست ادارتها للبنان بل دعمها لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين، كاشفا أن الرئيس السوري بشار الأسد أخبره في العام 2004 قبل صدور القرار 1559 ان قائدا عربيا ابلغه ان الاميركيين لا يمانعون في بقاء قواته في لبنان، ولكن بشرطين الأول يتمثل بنزع سلاح «حزب الله» والثاني نزع سلاح المخيمات، فما كان من الأسد إلا أن أجابه بأن المقاومة جزء من الأمن الاستراتيجي ولا يمكن ان يتهاون احد فيه، وأن اسرائيل اجتاحت لبنان في العام 1982 ولم تتمكن من نزع سلاح المخيمات.
اضاف نصرالله أنه في ضوء الجواب السوري صار لزاما ان يحصل حدث ضخم لإخراج سورية ومحاصرة المقاومة وعزلها لضربها قبل نزع سلاحها، واغتيال الحريري يأتي في هذا السياق، وقد استخدم هذا الدم لاخراج سورية من لبنان وهو يستخدم الآن لمحاصرة المقاومة.
واشار نصرالله الى قدرة اسرائيل على امتلاك الاستطلاع الجوي )الطائرات) والاستطلاع الميداني من خلال العملاء والجواسيس والقوات الخاصة للاغتيال.
واستعرض سيرة عدد من العملاء وادوارهم بدءا من العميل فيليبوس حنا صادر والذي كان دوره ان يستطلع الاوضاع حول منزل الرئيس ميشال سليمان في عمشيت، ومنزل قائد الجيش جان قهوجي واليخت الذي يستقله قهوجي والعائد لسلاح البحرية في الجيش اللبناني.
ثم تحدث عن العميل سعيد طانيوس ومحمود رافع وناصر نادر واحمد نصرالله وفيصل مقلد والعديد من العملاء الذين راقبوا بيوت واماكن يتردد عليها سياسيين في 14 آذار
وفيما يتعلق بملف الاتصالات، قال إنه «بعد توقيف عملاء بهذا القطاع يتبين أن العدو سيطر فنيا بشكل كبير على قطاع الاتصالات وهو يستطيع تحديد حركة ومكان أي شخص اذا كان يريد استهدافه».
وقال نصرالله ان تجاهل لجنة التحقيق الدولية للأدلة التي قدمها «سيؤكد منطقنا واتهامنا للجنة التحقيق أنها مسيسة».
وقال «للأسف لا نثق بالتحقيق ولا بلجنة التحقيق الدولية، واذا قررت الحكومة ان تكلف جهة موثوقة لنتعاون معها نحن حاضرون لتقديم هذه الأدلة للحكومة أو للجنة التي تشكلها الحكومة. لا اعتقد ان لجنة التحقيق الدولية مؤتمنة على الحقيقة».
وأكد نصرالله أنه أراد من مؤتمره الصحافي مخاطبة الرأي العام اللبناني والعربي والإسلامي والدولي من أجل توضيح الحقائق، وقال إن «هاجس «حزب الله» الوحدة الوطنية وهو حريص على أولوية الصراع مع العدو الاسرائيلي، و«حزب الله» مستمر في هذا المسار».
من أجواء الحدث
ردود أولية: ردود الفعل الأولية على مؤتمر نصرالله عكست تأييدا ودعما من العماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط، وتحفظا من تيار المستقبل الذي عبر النائب السابق مصطفى علوش عن موقفه بوصف القرائن المقدمة بأنها واهية، وبالتساؤل عن سبب التأخر في كشفها وعدم وضعها في تصرف المحكمة الدولية. أما قوى 14 آذار فإنها تدرس الموقف بدقة وتتوزع بين ثلاثة اتجاهات: اتجاه يدعو الى عدم التعليق وتجاهل الأمر، وآخر يدعو الى التريث والتعاطي مع النواحي الايجابية للمؤتمر، وثالث يدعو الى التصعيد واعتبار المؤتمر مندرجا في سياق خطة منهجية لتدمير المحكمة الدولية.
تلفزيون المستقبل قاطع مؤتمر نصرالله: استغربت مصادر حزب الله «مقاطعة» محطة «المستقبل» لمؤتمر السيد حسن نصرالله، ففي وقت حجزت فيه أمس الاول معظم القنوات اللبنانية وأبرز فضائيتين عربيتين هواءها للمؤتمر الصحافي الذي عقده السيد حسن نصر الله، اختارت «المستقبل» في قناتيها العادية والإخبارية أن تتجاهله كليا، وفضلتا أن تستكملا برامجهما كالمعتاد. وترى هذه المصادر ان مجرد تجاهل وسائل الإعلام التابعة للرئيس سعد الحريري للمؤتمر الصحافي، وبروز تعليقات معلنة وأخرى مكتومة تحاول تجاهل ما أعلنه نصرالله، يدل على أن الامور قد تتعقد، برغم أن مناصرين للحريري توقفوا جديا أمام الوقائع وأمام واقعة أن أي إسرائيلي لم يخضع للتحقيق المفتوح منذ عام 2005.
علاقة نصرالله بالأسد: فور انتهاء السيد من مؤتمره الصحافي حتى أكدت مصادر قريبة من حزب الله ان العلاقة بين الرئيس بشار الاسد والسيد حسن نصرالله عميقة وأخوية وصور الامين العام للحزب تتصدر المقرات السياسية وحتى العسكرية في دمشق، وهذا امر من النادر حدوثه ويؤكد على متانة العلاقة، وتضيف ان السيد نصرالله يردد دائما امام زواره عن عمق العلاقة مع دمشق وان انتصار يوليو هو انتصار لسورية، ويقول «انه بعد وفاة الرئيس الراحل حافظ الاسد انتظر حزب الله ليرى كيف ستسير الامور، لكن الوقائع الميدانية على الارض مباشرة اكدت على تطور العلاقة بشكل عميق جدا، وترسخت بمختلف الميادين وكل ما تطلبه المقاومة يتم تأمينه خلال ساعات فقط وباكثر مما نطلب، والعلاقات الآن اخوية والرئيس الاسد يحيط المقاومة برعايته ويحافظ على صمودها ومعنوياتها».