حزب الله متوجس: أوضحت مصادر مقربة من حزب الله ان الحزب متوجس من طلب بلمار ولكنه ينظر اليه في كل الأحوال بإيجابية.
وأضافت: «المحكمة لم تتمتع يوما بحد أدنى من النزاهة وهي لطالما كانت مسيسة مما يجعل الحزب ينظر بترقب الى ما يهدف اليه بلمار، خاصة انه من المستبعد تمكن المحكمة من اجراء تحقيقات مع الطيارين الاسرائيليين لسؤالهم عما صوروه، ولعل ما يحصل في ملف «أسطول الحرية» أكبر دليل.
وتقول مصادر مطلعة ان الرئيس ميشال سليمان، الذي يجري اتصالات واسعة لإبعاد التوتر عن الساحة اللبنانية، يواجه معضلة تتمثل في أن فريق 14 آذار يرى أن طلب بلمار الحصول على المعطيات التي كشفها الأمين العام لحزب الله يعفي الحكومة اللبنانية من أي دور في ملف المحكمة الدولية، فيما حزب الله وحلفاؤه لايزالون مصرين على وجوب أن تأخذ الحكومة اللبنانية المبادرة للتدقيق في المشاكل التي اعترت عمل المحققين الدوليين في جريمة اغتيال الحريري، وخاصة قضية شهود الزور ومن يقف خلفهم.
وقد أكدت مصادر مقربة من حزب الله أن موقف الحزب من طلب بلمار الحصول على المعطيات التي كشفها نصر الله واضح منذ التاسع من أغسطس، عندما أكد أن الحزب لن يتعاون مع المحكمة الدولية التي لا يثق بها، وأنه مستعد لتزويد السلطات اللبنانية، وأي جهة تحقيق موثوقة، ما لديه.
هل يتأجل صدور القرار؟ يرى محللون في بيروت ان استجابة بلمار السريعة لما طرحه نصرالله، دليل على ارتياحه الى الوقائع التي بين يديه، وإلى انه سبق له أن دقق في وجهة اتهام إسرائيل ووصل الى نتائج في هذا الصدد. وبالتالي هو قام بما عليه لجهة استنفاد كل الفرضيات، قبل إذاعة قراره الظني.
وقد تكون استجابة المدعي الدولي مخرجا من مخارج تأخير صدور القرار الظني كي يأخذ بلمار وقته «في التدقيق» بمعطيات السيد نصرالله وهو التأخير الذي أشيع بعد القمة السعودية - السورية، أنها ستسعى إليه ريثما يتم ترتيب معالجات تداعيات صدور القرار الظني. وبهذا المعنى يرى المحللون ان حصول بلمار على ما أعلنه نصرالله قد يؤدي الى تأخير صدور القرار الظني لبعض الوقت نظرا الى حاجته لأن يعكف على دراسة التوجه الذي تحدث عنه نصرالله. أما إذا تبين ان بلمار سبق ان تعمق في الاتجاه الذي طلب حزب الله اعتماده في التحقيق فإن القرار الظني لن يتأخر كثيرا، لكن في كل الأحوال يكون ما حصل ساهم في المزيد من تبريد الأجواء السياسية في البلاد وهذا يشكل تلاقيا بالصدفة مع الجهود السعودية - السورية التي بذلت ومازالت مفاعيلها قائمة لتهدئة الأمور في لبنان نتيجة الخلاف على المحكمة.
مخرج سياسي للأزمة: تعتبر مصادر سياسية في قوى 14 آذار أن الوضع مازال دقيقا وصعبا رغم الجهود السعودية السورية التي هدأت الأمور ولكن الى حين، مادامت عملية البحث عن مخرج سياسي لأزمة المحكمة الدولية والقرار الظني تدور في حلقة مفرغة، ومادام يصعب التوفيق بين موقفين متعارضين لكل من حزب الله وتيار المستقبل.
وترى هذه المصادر ان السيد حسن نصرالله حدد بوضوح ما يريده بعدما رفض مخارج مطروحة وافتراضية للقرار الظني المرتقب ومنها اعتبار الاتهام موجها ضد عناصر غير منضبطة في الحزب، ومنها تأجيل صدور القرار الظني ريثما يصار الى احتواء تداعياته قبل صدوره.
وما يريده نصرالله بوضوح هو الغاء القرار الظني وصدور موقف عن الرئيس سعد الحريري يعلن فيه رفضه لأي قرار يتضمن اتهاما لحزب الله أو لعناصر منه، باعتبار ان المحكمة اسرائيلية وتحولت مشروع فتنة ومصدر تهديد وخطر على الاستقرار الأمني في لبنان.
معركة الرأي العام: يرى ديبلوماسي غربي ان ليس من مصلحة حزب الله أن يهاجم المحكمة الدولية سيما إذا كان في حوزته دلائل وقرائن على تورط إسرائيل.
على العكس، إن الناحية الإسرائيلية يجب أن تكون مدخلا لتعاون حزب الله مع المحكمة حتى إذا اعتقد حزب الله أن المحكمة «مسيسة». ولأن الأمين العام لحزب الله عرض صورا ولديه وثائق و«قرائن» على تورط إسرائيل لربما حان الوقت لمفاجأة تعاونه مع المحكمة الدولية تلبية لدعوة بلمار، فيضع إسرائيل في خانة القلق.
ويرى محلل سياسي لبناني ان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نجح في كسب جولة في ما وصفه «معركة الرأي العام»، لكن من نتائج النجاح الذي حققه نصرالله في عرضه حججه، هو تمكين الحزب والجهات الحليفة له من اتهام خصومه إذا لم يأخذوا بفرضيته، بأنهم مع «إسرائيل» وأنهم «يبرئون اسرائيل».
وقد يتطور الاتهام الى ما هو أكثر من ذلك في سياق خوض الحزب «معركة الرأي العام»، والتي يرجح ان تمهد لمعركة سياسية مقبلة حول الموقف من المحكمة الدولية، إذا هي وجهت الاتهام في غير الوجهة التي أكد عليها السيد نصرالله.
بل ان ما تسوقه اسرائيل من اتهامات للحزب بالضلوع في الجريمة، يسهل على الحزب اتهام المحكمة بأنها «مشروع إسرائيلي»، واتهام خصومه الذين يدافعون عن المحكمة بأنهم بالتالي، ينسجمون مع هذا المشروع.