بيروت ـ عمر حبنجر
قال سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي بن سعيد بن عواض عسيري، ان الرسالة الرمزية التي حملها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في زيارته الاخيرة الى بيروت، هي تغليب العقل والحكمة على التوتر والافساح في المجال للحوار الهادئ وتعزيز الوحدة الداخلية، وعدم اعطاء اسرائيل اي فرصة لتخريب الوضع، خاصة ان تهديداتها كثرت في الآونة الاخيرة.
واضاف في حديث لـ «الأنباء»، ان الجميع يعرف ان للمملكة وسورية علاقات خاصة بالمسؤولين اللبنانيين، ويمكنهما معا تشجيع هؤلاء المسؤولين على القيام بخطوات لمصلحة الاستقرار الداخلي والحكومي، وقد كان البيان الختامي واضحا بدعم الشرعية وعلى رأسها الحكومة، اما تحرك خادم الحرمين باتجاه عدد من الدول الشقيقة فقد كان هدفه تجنيب لبنان اي خطر يحدق به.
السفير عسيري، نبه الى ان اسرائيل لا توفر اي فرصة لضرب الاستقرار في الدول العربية وخاصة في لبنان داعيا للتصدي لها بمواقف موحدة، واعتبر ان زيارة خادم الحرمين الشريفين الى الرئيس سعد الحريري في «بيت الوسط» بعد زيارته القصر الجمهوري تعبير عن دعم المملكة لحكومة الوحدة الوطنية التي تمثل جميع اللبنانيين.
وردا على سؤال حول اعلان الامين العام لحزب الله انه تحت سقف التهدئة، قال السفير عسيري ان السيد حسن نصرالله يتمتع بحس كبير للمسؤولية، ولاحظ ان اسرائيل تريد ابقاء الوضع العربي متأججا.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
سعادة السفير، سُرت قلوب اللبنانيين بزيارة خادم الحرمين الشريفين الى بيروت، وبصحبته الرئيس بشار الأسد، ودخلت الطمأنينة الى نفوسهم بعد فيض القلق الذي انتابهم بتأثير التشنجات المرتبطة بقرار المدعي الدولي المرتقب في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ما تقييمكم لردود الفعل اللبنانية على الزيارة الميمونة، والى اي مدى تجاوب الأطراف اللبنانية مع سياسة التهدئة التي دعا اليها خادم الحرمين الشريفين؟
من المعروف عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله، انه راعي الوفاق العربي ولا يدخر أي جهد في سبيل تعزيز المصالحات العربية وأجواء التهدئة بين الأشقاء العرب ليواجهوا معا برؤية موحدة الأخطار التي تحيط بهم وبمنطقتهم، والزيارة التي قام بها الى سورية ولبنان أتت ضمن هذه العناوين ولاقت ترحيبا من كل الأطراف اللبنانيين لأن الجميع يكنّ للمملكة العربية السعودية وقيادتها المحبة والتقدير لدورها الأخوي الذي لا يريد سوى مصلحة لبنان وشعبه الشقيق، والحقيقة انه منذ الإعلان عن الزيارة وأثناءها وبعدها دخل الوضع في لبنان والخطاب السياسي بشكل عام في مرحلة تهدئة وابتعاد عن التشنج وهذا يعكس مدى تجاوب المسؤولين اللبنانيين من جميع الجهات مع الرسالة الرمزية التي حملها خادم الحرمين الشريفين أثناء زيارته وهي تغليب العقل والحكمة على التوتر والإفساح في المجال للحوار الهادئ وتعزيز الوحدة الداخلية وعدم اعطاء اسرائيل أي فرصة لتخريب الوضع خاصة ان تهديداتها المباشرة كثرت في الفترة الأخيرة، كما ان هذا التجاوب يعكس مدى المسؤولية الوطنية التي يتحلى بها المسؤولون اللبنانيون الذين يقع عليهم أولا وآخرا دور المحافظة على البلاد وعلى المصلحة الوطنية العليا والسلم الأهلي.
تعتقد الأوساط السياسية في بيروت، ان مظلة الأمان العربية التي نشرها خادم الحرمين الشريفين والرئيس السوري معنية بحماية الاستقرار الداخلي، وبالتالي ديمومة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري، والسؤال: هل فعالية هذه المظلة محصورة في الداخل اللبناني، أم ان لها دورا ما في ردع المخاطر الخارجية عن هذا البلد؟
إن ما قام به خادم الحرمين الشريفين هو من باب الأخوّة والحرص على المصلحة العربية بشكل عام والمصلحة اللبنانية بشكل خاص، والجميع يعرف ان للمملكة العربية السعودية ولسورية علاقات خاصة بالمسؤولين اللبنانيين ويمكنهما معا ان يتشجعا المسؤولين اللبنانيين على اتخاذ مواقف أو القيام بخطوات تصب في مصلحة لبنان وهذا الأمر ينعكس بشكل طبيعي بصورة إيجابية على الاستقرار الداخلي وعلى وضع الحكومة وقد كان البيان الختامي الذي صدر بعد الزيارة واضحا جدا فيما يتعلق بدعم الشرعية والمؤسسات الرسمية وعلى رأسها الحكومة لأن الجميع يريد ان تستعيد الدولة اللبنانية قدراتها ولحكومة الوحدة الوطنية التي يتمثل فيها جميع الأطراف ان تقود المسيرة السياسية في البلاد. وكما ان الزيارة والقمة الثلاثية التي عقدت خلالها عكست أجواء إيجابية جدا على الوضع الداخلي اللبناني، كذلك فإن تحرك خادم الحرمين الشريفين باتجاه عدد من الدول العربية الشقيقة من شأنه أيضا ان يحفز الجهود والاتصالات العربية لكي تسعى بدورها الى تجنيب لبنان أي خطر يحدق به.
استطرادا، هل من دور ما لعبته هذه المظلة في كبح تطور المواجهات بين الجيش اللبناني والقوات الإسرائيلية في العديسة مؤخرا؟
أعتقد ان القرار في هذا الشأن يعود للدولة اللبنانية وأجهزتها العسكرية والأمنية، وأهم ما في هذا الأمر هو التنبه دائما الى ان إسرائيل لا توفر اي فرصة لضرب الاستقرار في الدول العربية وخاصة في لبنان وعلينا جميعا ان نتصدى لها بمواقف موحدة.
زيارة بيت الوسط لدعم حكومة الوحدة
زيارة خادم الحرمين الشريفين الى الرئيس سعد الحريري في «بيت الوسط» مكرمة لافتة وغير مسبوقة، وفهمها اللبنانيون على انها زيارة أبوية، فماذا بوسع سعادتكم أن تضيفوا إليها من حيث المعاني والدلالات؟
لقد حرص خادم الحرمين الشريفين على زيارة رئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري بعد زيارة القصر الجمهوري للتعبير عن دعم المملكة العربية السعودية للحكومة اللبنانية، وهي حكومة وحدة وطنية تضم جميع التيارات السياسية وتمثل جميع اللبنانيين، وقد أراد من وراء ذلك الإشارة الى ضرورة ان يوفر الجميع لهذه الحكومة الدعم المطلوب لأنها تمثل السلطة التنفيذية في البلاد والمؤسسة التي ترعى شؤون جميع المواطنين والمعنية بإيجاد الحلول لجميع المشكلات العالقة.
نصرالله يتمتع بحس المسؤولية
كيف تقرأون إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله انه وحزبه تحت سقف التهدئة التي أقرتها القمة الثلاثية في بيروت؟
لا شك ان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله يتمتع بحس كبير للمسؤولية وليس لدينا أدنى شك بأن جميع المسؤولين اللبنانيين حريصون كل الحرص على مصلحة لبنان والمصلحة العربية العليا وأعتقد ان التهدئة واعتماد لغة الحوار هما السبيل الأنجح للتوصل الى حلول إيجابية لجميع المواضيع.
العرب جسم واحد.. ما يصيب الفرد يصيب الجميع
اكد سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي بن سعيد بن عواض عسيري ان من أولويات السياسة السعودية الحفاظ على المصلحة العليا للدول العربية والمملكة العربية السعودية تشعر بمسؤولية قومية في هذا الشأن وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز صاحب مواقف لا يمكن تعدادها في هذا المجال منذ كان وليا للعهد واستمر كذلك بعد تسلمه مقاليد السلطة في المملكة ولديه قناعة راسخة بأن العرب جسم واحد وما يصيب الفرد يصيب الجميع، لذا فهو يتحرك بشكل دائم على خط ترتيب البيت العربي وتحقيق المصالحات بين القادة العرب، أما بالنسبة للتصعيد في عدد من دول المنطقة فيعود الى ان بعض الجهات وعلى رأسها اسرائيل تريد إبقاء الوضع متأججا بدءا من فلسطين وصولا الى العراق تارة للضغط وتارة لتحقيق أطماع سياسية او اقتصادية وهذا الأمر يحتم على الدول العربية توحيد رؤيتها ومواقفها للتصدي لهذه الاعتداءات.