بيروت ـ محمد حرفوش
يسود الاعتقاد لدى البعض أن الوضع الداخلي اللبناني قد فتح على جميع الاحتمالات والسيناريوهات القاسية في ظل مخاوف من انتهاء مفاعيل جرعة التهدئة في الجسم اللبناني التي ضختها الزيارة المزدوجة لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الأسد.
ونتيجة الانقسام الحاد الذي يزداد تجذرا في ملاقاة القرار الاتهامي المرتقب صدوره في الخريف عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثمة من يتوقع خربطات وهزات قد تحصل بعد رمضان وتطول حكومة الوحدة الوطنية باعتبارها عنوان الاستقرار، وذلك على خلفية ان عملية البحث عن مخرج سياسي لأزمة المحكمة والقرار الاتهامي تدور في حلقة مفرغة مادام يصعب التوفيق بين موقفين متعارضين لكل من حزب الله وتيار المستقبل.
فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حدد بوضوح ما يريده بعدما رفض المخارج المطروحة والافتراضية للقرار الاتهامي المرتقب ومنها اعتبار الاتهام موجها ضد عناصر غير منضبطة في الحزب ومنها تأجيل صدور القرار الاتهامي ريثما يصار الى احتواء تداعياته قبل صدوره وما يريده نصرالله بوضوح هو إلغاء القرار الاتهامي وصدور موقف عن الرئيس سعد الحريري يعلن فيه رفضه لأي قرار يتضمن اتهاما لحزب الله أو لعناصر منه باعتبار ان المحكمة اسرائيلية وتحولت لمشروع فتنة ومصدر تهديد وخطر على الاستقرار الأمني والسلم الأهلي في لبنان.
وفي سياق متصل اعتبرت مصادر 14 آذار لـ «الأنباء» ان طلب المدعي العام الدولي دانيال بلمار الحصول على المستندات والمعلومات التي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد احدث ارتباكا جليا لدى الحزب الذي لا يستطيع ببساطة رفض تسليم ما لديه للتحقيق الدولي.. لأنه عندئذ يكون يدين قرائنه بنفسه، ويكون محرجا بل أكثر من ذلك يمكن ان يحرك شكوكا دفينة لدى جمهوره بالذات، ومن جهة ثانية لا يستطيع ان يقبل بتسليم ما لديه لأنه عندئذ يكون قد اعترف بالتحقيق الدولي وبالمحكمة الدولية.
وبحسب المصادر فإنه بين سندان الرفض ومطرقة القبول يفكر حزب الله فيما يمكن تسميته «البين بين» كما لوح النائب نواف الموسوي في تصريح له عن إمكان تسليم وثائق نصرالله الى القضاء اللبناني ثم يصطفلوا، وحتى هذا «البين بين» سيدفع بمستندات نصرالله الى القضاء الدولي، لكن لا يخفى في جانب آخر ان الحزب يرغب في التحرك على خط حصول تحقيق لبناني منفصل.
وترى المصادر انه اذا كانت خطوة بلمار شكلت دعما قويا لموقف قوى 14 آذار فإن حزب الله لايزال يلوح بمشكلة حول الموضوع في مجلس الوزراء وينتظر موقفا من رئيس الحكومة ينزع الشرعية الحريرية عن المحكمة وهذا لن يحصل بالتأكيد أو بمعنى آخر إذا كان المطلوب من قبل حزب الله ان يقول الحريري موقفا يقطع الطريق على مواصلة المحكمة عملها بحجة ان هناك احتمالا لأن يتضمن القرار الاتهامي اسماء افراد من حزب الله على صلة بالجريمة، فإن رئيس الحكومة لن يقوم بذلك مادام بلمار اخذ على عاتقه دراسة الفرضية الأخرى التي طرحها حزب الله.
وأكدت المصادر ان الحريري مستمر في تسليم أمر كشف الحقيقة في اغتيال والده الى المحكمة معتبرة ان ما فعله المدعي العام بطلبه القرائن والوثائق التي قدمها نصرالله لتقويمها تقويما دقيقا يغني الحريري عن اي موقف على قاعدة استمرار التزامه المحكمة. ولفتت المصادر اخيرا الى معلومات عن اتفاق اميركي ـ فرنسي يعتبر ان تأجيل القرار الاتهامي غير وارد وانه لا سعي سعوديا الى معالجة المحكمة.