بيروت ـ داود رمال
بدأت الجهود الرئاسية اللبنانية لتمويل عملية تسليح الجيش اللبناني تثير بعض الاعتراضات من جانب قوى المعارضة، بعضها مبدئية والبعض الآخر سياسي مغلف بأفكار ايجابية.
كيف يمكن لأي طرف لبناني عدم السير في موكب تسليح الجيش اللبناني بشتى الوسائل؟
«الأنباء» سألت الخبير العسكري الاستراتيجي العميد المتقاعد أمين حطيط عن الموضوع، فأجاب: ان خطة تسليح الجيش يجب أن تبنى على ثلاثة عناصر: المال والسوق والقرار السياسي الذي يحدد طبيعة عمل الجيش.
وأضاف ان توفير المال وحده لا قيمة له ان لم يكن مسبوقا بتحديد السلاح، وتوفير المال من غير تأمين مصدر السلاح، وتحديد السلاح لا قيمة له قبل صدور القرار السياسي الذي يجيب عن سؤال واحد محدد: أي جيش نريد ولأي مهمة؟ وأمام هذا الامر في واقعنا القائم نجد انقساما لبنانيا حوله على رأيين اثنين:
الاول يقول: نريد جيشا لقتال اسرائيل وحماية سيادة لبنان من عدوانيتها، هذه السيادة التي تخترق برا وبحرا وجوا وتستطيع اسرائيل في أي لحظة، لولا وجود المقاومة، ان تدخل الارض اللبنانية تحتل وتدمر ما تشاء كما كانت تفعل سابقا.
والثاني يقول: نريد سلاحا لحماية «سيادة الدولة» من الانتهاكات الداخلية، أما مواجهة اسرائيل فإنها أمر متعذر مع فارق القوة واختلاف الموازين مع اسرائيل لأننا مهما جهدنا لامتلاك سلاح يردع العدوان الاسرائيلي فإننا سنبقى مقصرين وسينفق المال سدى.
وأضاف: انه بين هذين الرأيين يجب ان يكون هناك القرار السياسي، فإذا حدد القرار السياسي وجهة الجيش بأنه للدفاع عن الجنوب فهذا يعني وجوب البحث عن منظومة صواريخ ضد الطائرات ومنظومة صواريخ ضد البحرية اضافة الى منظومة نارية ضد الدروع ومدفعية صاروخية ضد الجبهة الداخلية الاسرائيلية.
وهذا الامر يؤدي الى كلفة لا تقل عن 5 مليارات دولار، لكن السؤال الذي يطرح في مقابلها: هل السوق متوافر؟
ويجيب العميد حطيط القريب من وجهة نظر بعض المعارضة: الاميركي والاوروبي لن يفتح سوقه لشراء مثل هذا السلاح، الامر الذي سيدفع اللبنانيين، لو اتخذوا هذا القرار السياسي، الى البحث عن مصادر اخرى، ويبدو في الافق انه لا يوجد غير روسيا وايران وكوريا الشمالية والصين ويمكن إدخال الهند وبعض المصادر الاخرى.
وتابع يقول: أما اذا اختار اللبنانيون الحل الثاني أي جيش لحفظ الأمن ولحراسة الحدود مع اسرائيل وترك مهمة الدفاع عن لبنان بوجه اسرائيل لقرارات مجلس الأمن، فهذا الامر سيقود الى كلفة اقل ويؤدي الى تجهيز جيش بقدرات محدودة ومن مساعدات مالية قد تكون من دول أو جباية عبر صناديق خاصة تنشأ من هنا وهناك، ولذلك قبل أن نحدد أي جيش نريد لا أرى أهمية كبرى للبحث عن مصادر المال، هذا أمر مقطوع به، خاصة ان الحكومة اللبنانية الحالية هي في الشكل ذات قرار واحد وتجتمع في مجلس وزراء واحد وفي الحقيقة هي منقسمة على رأيين سياسيين متناقضين، منها ما يتبع القرار الاميركي الذي يريد جيشا لحراسة الحدود ومنها ما يريد جيشا للدفاع عن الوطن.
وقال: أنا لا أرى في الدعوة الى جمع المال أو البحث عن مصادر سلاح أهمية أو فائدة حقيقية قبل ان نحسم القرار السياسي.