بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
الاشتباكات التي اندلعت في بيروت، غروب الثلاثاء بين عناصر من حزب الله واخرى من جمعية الاحباش واوقعت اربعة قتلى و14 جريحا، فرضت نفسها على مجلس الوزراء الذي انعقد برئاسة سعد الحريري في السراي الكبير، من زاوية مطالبة وزراء العاصمة كما نوابها بشعارهم القديم، بيروت منزعة السلاح الحزبي، اقتناعا بان لا حل افضل من اجل تجنب الفتن السياسية والمذهبية من جعل امن بيروت احتكارا صافيا للامن الشرعي المتمثل بالجيش وبالقوى الامنية ورغم سيطرة الجيش والقوى الامنية على الشارع في بيروت بعد انسحاب المسلحين، فمازال الخوف من تكرار ما جرى او استنساخه، هاجس سكان بيروت، في ضوء ما بشر به البعض من العودة الى عالم القلق والخوف المتبادل على أيدي العناصر المدسوسة أو غير المنضبطة.
وفي هذا السياق قال رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي بعد جولة في شوارع بيروت التي كانت عرضة للاحداث، يتعين وضع خطة امنية متكاملة توفر الغطاء للقوى الامنية والاجهزة كي تتحمل مسؤولياتها كاملة، ولا تقتصر مهمتها على الفصل بين المتقاتلين بل ردعهم عن ترويع الناس واصفا ما حصل بانه مؤشر خير.
غير ان وزير الزراعة حسين الحاج حسن «حزب الله» قال وهو في طريقه الى جلسة مجلس الوزراء ان ما حصل هو اشكال فردي وتطور، لافتا الى انه سيتحدث في الجلسة عن تسليح الجيش وشهود الزور.
بدوره الوزير محمد فنيش «حزب الله ايضا» رأى ان ما حصل غير مقبول، لكن لا يجب اعطاؤه ابعادا اكثر من حجمه.
توقيف سيارة!
وكانت الاشتباكات بدأت قرب جامع برج ابي حيدر حيث تتمركز جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية المعروفة بـ «الاحباش» نسبة الى مؤسسها عبدالله الحبشي على خلفية توقيف سيارة في مكان تحظره الجمعية لقربه من مقرها الرئيسي. ويبدو ان صاحب السيارة من حزب الله الأمر الذي لم يرق له المنع من جانب تنظيم الاحباش، رغم التحالف القائم بينهما في اطار قوى 8 آذار باعتبار ان هذا التنظيم السني مدعوم تقليديا من سورية، فحصل تلاسن اعقبه اطلاق نار سريع افضى الى سقوط قتلى وجرحى.
وسرعان ما توسعت دائرة الاشتباكات على ايقاع الاحتكاكات المذهبية لتشمل احياء البسطة والنويري والبربير، والمناطق المجاورة.
«مدافع الافطار»!
واستمرت المعارك منذ السادسة والنصف من العصر، اي قبل ساعة من موعد الافطار حتى منتصف الليل، وهو ما حرم الكثير من الصائمين من الافطار بالشكل الطبيعي في تلك المنطقة.
وتقاطرت قوات من الجيش الى محيط دائرة الاشتباكات الا انه لم يتدخل لوقفها، الا بعد اتفاق الطرفين على ذلك وبرعايته اثر اجتماع في مقر مخابرات بيروت دعا اليه العميد عباس ابراهيم مساعد مدير المخابرات العسكرية، وحضره مسؤول الارتباط في حزب الله وفيق صفا والمسؤول في جمعية المشاريع الخيرية الدكتور بدر الطبش.
المر يجمد رخص السلاح
وكان لافتا وفي هذا الوقت صدور بيان عن وزير الدفاع الياس المر بتجميد رخص حمل السلاح (المسدسات) في لبنان.. وكأن الاسلحة الصاروخية او الرشاشة الثقيلة التي استخدمت في برج ابي حيدر مرخصة او بحاجة الى ترخيص.
وفي بيان صدر عن المجتمعين في مقر مخابرات بيروت اكد على فردية الحادث وان لا خلفيات سياسية او مذهبية وراءه، وقد جرى الاتفاق على محاصرته وانهائه وهذا ما حصل بالفعل.
الاشتباك هو الاول من نوعه بين ابناء الخط الواحد فالاحباش كما حزب الله ينتمون الى خط المعارضة في لبنان ولو ان لكل منهما مذهبيته الدينية، وهذا ما طرح بعض التساؤلات ليس حول سببه المباشر وهو توقيف سيارة في مكان ممنوع، انما حول سر انتشاره وتوسعه على هذا النحو الخطر والمدمر، ما حمل البعض على الذهاب الى حد اعتبار ما حصل انعكاسا لواقع العلاقة الراهنة بين دمشق وطهران باعتبار أن الأحباش وثيقو الصلة بدمشق، كما حزب الله بالنسبة لطهران. وقد ساهمت اتصالات أجراها الرئيس ميشال سليمان مع الرئيس نبيه بري في تطويق الاشتباكات، علما ان حركة أمل نفت علاقتها بما كان يحصل.
وأدان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الاشتباك المسلح الذي حصل امس، مشددا على التزام الجميع بعدم الاحتكام إلى السلاح مهما كان السبب، لافتا إلى ان أمن المواطنين فوق كل اعتبار، داعيا القوى والأجهزة المعنية إلى توقيف مسببي الإشكال ومحذرا من مغبة التوتير الأمني تحت أي ظرف او حجة طالبا من الجيش والقوى الأمنية التصدي فورا لأي محاولة من هذا النوع وقمعها. وكان الرئيس سليمان أجرى سلسلة اتصالات مع العديد من القيادات السياسية والأمنية لمعالجة الإشكال الذي حصل وبقي متابعا حتى عودة الهدوء. وتلقى رئيس الجمهورية ليلا اتصالا من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مستفسرا عما حصل مبديا الاستعداد للمساعدة، فشكر له رئيس الجمهورية عاطفته واتصاله، وطمأنه إلى ان الأمور عادت إلى الهدوء وإلى طبيعتها.