بيروت ـ عمر حبنجر
نجاح آخر لـ «السحور الدمشقي» سجل على مضمار مجلس الوزراء اللبناني، الذي شهد عبورا آمنا للملفين المتفجرين، ملف حوادث برج أبي حيدر وتداعياتها، وملف «شهود الزور» الذي استبعد من دائرة البحث برضى وزيري حزب الله، بعدما أرجأ وزير العدل ابداء مطالعته حول تعذر محاكمة هؤلاء الآن، في سياق تبريد الأجواء، عملا بالنصائح الإقليمية، وبانتظار ما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه بمناسبة يوم القدس العالمي حول هذا الموضوع وغيره اليوم.
هذه النتيجة الإيجابية، لم تكن متوقعة، غداة جلسة مجلس الوزراء، ولكن مع انعقاد الجلسة التي امتدت حتى السبع ساعات، ورغم ما تخللها من مناقشات بالصوت العالي حينا، وبالهمس أحيانا، فقد تمخضت عن اجراءات وقرارات وتعيينات قوبل بعضها بتحفظ. وبدا لافتا، اقتناع أكثر من طرف سياسي بأن الهدوء الذي غمر جلسة مجلس الوزراء، كان خارج التوقعات، وسط القناعة بأنه نتاج حتمي للسحور الرمضاني الذي أقامه الرئيس بشار الأسد تكريما لرئيس الحكومة سعد الحريري في دمشق.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة «الأخبار» البيروتية عن الرئيس الأسد قوله أمام زواره، انه مصر على ضبط الأمور في لبنان و«توجيه الكلمة والبندقية» لمواجهة العدو الإسرائيلي.
وأضاف: ان بندقية المقاومة موجهة الى اسرائيل وبالتالي لا أحد يمس المقاومة وسلاحها، وهو بهذا حدد وظيفة سلاح المقاومة وتوجهه، وبالتالي حظر التعرض لهذا السلاح.
وتقول الصحيفة ان الرئيس السوري لا يخفي قلقه على الوضع في لبنان، لكنه إذا كانت هناك نيات طيبة، وخصوصا ان التنسيق عميق بين سورية – والسعودية، واتفاق على العناوين الكبرى بينهما، يمكن ان يبقى الاستقرار والتهدئة قائمين في لبنان، وفي رأي الأسد انه ينبغي على القيادات اللبنانية الاستفادة من هذا الجو لتحصين الوضع الداخلي.
وكان البيان السوري عن السحور الرمضاني والذي نشرته وكالة أنباء «سانا» السورية تضمن نقطتين أساسيتين وفق ما قالت مصادر 14 آذار لـ «الأنباء» الأولى اشارته الى ان لقاء الأسد – الحريري تناول الأصداء الإيجابية للقمة الثلاثية السعودية – السورية – اللبنانية في بعبدا نهاية يوليو الماضي، والثانية تأكيد الأسد على ضرورة استمرار نهج التهدئة والحوار وأهمية تعزيز الوفاق ودعم المقاومة، والحفاظ على وحدة لبنان ووفاق بنيه وأمنه واستقراره ومناعته في مواجهة المشاريع الاسرائيلية.
واستنتجت 14 آذار من هذا القول ان دمشق مستمرة في الالتزام بالتفاهم مع الرياض حول امن لبنان واستقراره وحول ضرورة التهدئة وعدم التصعيد.
واهمية هذه النقاط والاشارات انها جاءت بعد الاشتباك بين حزب الله والاحباش في بيروت، وفي ظل تعرض الرئيس سعد الحريري لحملات من جانب نواب حزب الله سواء على مستوى مواقفه الغاضبة حيال ما حصل او على قضية ما يعرف بشهود الزور وحتى على مستوى موقفه المؤيد للمفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية المباشرة.
من جهته، اعتبر النائب وليد جنبلاط ان ما حصل في برج ابي حيدر اخطر من اي حرب خارجية، متسائلا عما اذا كان ما حدث جاء ردا على القمة الثلاثية التي عقدت في بعبدا وكأن هناك من يريد ان يقول للقادة الثلاثة لستم انتم من تضعون الحل.
وقال جنبلاط لـ «السفير» انه حاول ان يجد معنى لشعار بيروت منزوعة السلاح، فوجد انه شعار غير قابل للتطبيق، مبديا خشيته من ان الدول الكبرى التي تريد تصفية حساباتها مع ايران ومع حزب الله تحاول استخدام المحكمة الدولية ضد الحزب منبها الى ان لبنان مهدد بالفوضى.
وقد زار جنبلاط السفارة السورية في بيروت بعدما كان زار السفارة الايرانية.
لكن الامانة العامة لقوى 14 آذار اعتبرت ان نزع السلاح في بيروت بات مطلبا شعبيا وسياسيا واقتصاديا وان ما اعلنه القاضي دانيال بلمار اسقط محاولات الترهيب.
وبالعودة الى مجلس الوزراء فإن ما سرب عن مداولات الوزراء، لجهة موضوع تفشي السلاح، تناوله رئيس الحكومة سعد الحريري في كلمة له بعد افطار في قريطم حضره قائد الجيش العماد جان قهوجي، باشارته الى ان الجيش عزز قواته في بيروت بزيادة نحو 1500 جندي في العاصمة، كما ان قوى الأمن الداخلي عززت قواها بست سرايا، وقال ان هذا تم بناء على قرارات اتخذناها في مجلس الدفاع الأعلى، لضمان الاستقرار في بيروت وكل البلد.
وأضاف: من هذا المنطلق، هذه الحكومة ستقدم خطة للاستثمار بالأمن، لأنه عندما نقول نريد تسليح القوى العسكرية يظن الناس اننا نريد ان نراكم السلاح للقوى العسكرية، كلا، نحن نريد الاستثمار بالأمن، هو فعليا الاستقرار، والاستثمار بالاستقرار هو الاستثمار بالازدهار، والاستثمار بالازدهار هو الاستثمار بفرص العمل.
وشدد الحريري على المتابعة بمشروع الدولة ولفت الى ان هناك آخرين لديهم مشاريع أخرى في البلد، وهذا لا يعني اننا بمواجهة مع المشاريع الأخرى، لكن المهم المتابعة في المشروع الذي آمنا وآمنتم به، لأنه هو حتى اللحظة أوقف البلد على رجليها.
في هذه الأثناء تريث «حزب الله» بالرد على تصريح بلمار بحسب «قرار مركزي» عممه الحزب ويقضي بعدم الخوض في أي رد على بلمار بانتظار اطلالة الأمين العام السيد حسن نصرالله في «يوم القدس» اليوم، واكتفت مصادر قيادية في «حزب الله» بالاعراب لموقع «ناو ليبانون» عن اعتقادها ان «يكون استكمال تظهير موقف حزب الله من المحكمة الدولية ومستجداتها، أحد المحاور الرئيسية لخطاب السيد نصرالله بالاضافة طبعا الى تطرقه بشكل محوري لمستجدات وتطورات القضية الفلسطينية خصوصا في ظل مشهدية انطلاق المفاوضات المباشرة في واشنطن».