بيروت ـ عمر حبنجر
غلب أمس التوجه السياسي لإعادة وصل ما انقطع من خيوط التهدئة المستدامة، منذ القمة الثلاثية في بيروت، وتمت فرملة التصريحات الحادة او المتحدية، سواء أكانت من جانب رئيس الحكومة سعد الحريري وكتلة المستقبل، او من طرف حزب الله وحلفائه، وتحول السجال بين الطرفين من حوار «سكاكين» الى «ريش نعام».
ولعب رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي وليد جنبلاط دورا ملموسا في كبح موجة التصعيد الكلامي، بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو أوفد وزير الأشغال العامة غازي العريضي الى دمشق، حيث التقى اللواء محمد ناصيف معاون نائب رئيس الجمهورية المهتم بالملف اللبناني.
النائب جنبلاط قال أمام زواره امس انه ليس وسيطا بل يسعى من أجل التهدئة، مشددا على وجوب حماية مفاعيل القمة الثلاثية التي ركزت على الاستقرار.
ولفت رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي الى ضرورة التنبه لخطورة الأوضاع في المنطقة وتجنب أي انزلاقات في الداخل تقود الى توتير الأوضاع.
والمطلوب، قال جنبلاط، فقط خفض التوتر الحاصل.
جنبلاط أوفد الى دمشق الوزير غازي العريضي حيث التقى اللواء محمد ناصيف مساعد نائب الرئيس السوري، وقد اطلع العريضي جنبلاط على نتائج اللقاء فور عودته.
وكان الرئيس الحريري اتصل بجنبلاط ثم ببري، قبل ان يرد على حديث الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن السكاكين والملح بالجرح بأنه لا يعرف سوى القلم والكتابة.
لا أرغب ولا أريد العودة إلى الصفر
وفي كلمته بافطار السبت على شرف فعاليات طرابلس والشمال، توجه الى المدعوين بالقول: كان هناك كلام سياسي لم نكن نرغب في الوصول اليه، وهناك من تصور ان النقاش السياسي عاد الى نقطة الصفر، وقلنا ما قلناه بالأمس.
وأضاف: نحن من جهتنا لا نرغب ولا نريد ولا نخطط لعودة النقاش السياسي الى هذه النقطة، وانما ما قيل من هنا وهناك يبين بوضوح تأثير الخطاب السياسي على الرأي العام لأن من شأن كلمة واحدة ان ترفع من ضغط البلد او ان ترسم حدودا لهذا الضغط، لذلك أملنا الالتزام بالكلمة الطيبة وسنواصل العمل في سبيل الحوار الهادئ.
وتابع يقول: نحن في مجتمع متداخل ولبنان عبارة عن 10452 كيلومتر مربع وجميعنا يعيش على هذه الأرض، وإذا أردنا التصعيد فإلى أين نصل؟ في النهاية الوحدة الوطنية هي من تحمينا، وعلينا التفكير بالخطاب السياسي، لأن اي كلمة تخرج من فم اي كان لا تعود ملكا له.
اتصال من معاون نصرالله
رسالة الحريري كانت واضحة، واختبار الموقف الآخر من حيث التجاوب، لم يتأخر، وقد تمثل بحسب معلومات لـ «الأنباء» باتصال هاتفي أجراه المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الحاج حسن خليل مع رئيس الحكومة شكره على خطابه الافطاري وعلى دعوته للتهدئة وللكلمة الطيبة.
ونقل عن الرئيس الحريري انه بادر الى الاتصال ببري وجنبلاط حتى لا يتفاجآ بموقفه التبريري.
هذا الجو شجع على تحريك المساعي مجددا، لعقد اجتماع بين الحريري ونصرالله.
وقف السجال الكلامي
وذكرت مصادر صحافية ان مسؤول الارتباط في حزب الله وفيق صفا اتصل بأحد قياديي تيار المستقبل، وأبلغه قرار الحزب بعدم الرد على اي تصريحات، وانه أعطيت التعليمات الى قيادات الحزب ونواب كتلة الوفاء للمقاومة بوقف السجال.
ويبدو ان تعليمات مماثلة صدرت الى قيادات ونواب المستقبل، مع التشديد بالنسبة لبعضهم ممن يوصفون «بالمتطرفين» وقد أكد ذلك احد قياديي التيار لـ «الأنباء» في معرض اعتذاره عن الرد على أسئلة طرحت عليه.
لا قطيعة بين الحزب والمستقبل
وتوضيحا لهذه المستجدات قال عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي: لا مجال للقطيعة بين حزب الله وتيار المستقبل.
بدوره عضو تكتل «لبنان اولا» النائب عقاب صقر اكد امس انه لا قطيعة بين حزب الله وتيار المستقبل لا الآن ولا قبل يومين، وانه لا تصعيد من قبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الذي كان عليه ان يرد كما فعل، ليوضح كلام الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، وقال: «لو لم يرد الحريري للتوضيح كان سيرسخ في عقل اهالي بيروت ان الحريري يسعى لتحريك فتنة وتوجيه الاتهامات وتوجيه السكين الى قلب (حزب الله) والمقاومة والتسبب في شرخ اضافي وهو الشرخ السني ـ الشيعي ـ الذي كان سيمتد بدوره الى المنطقة بأسرها».
وفي حديث الى قناة «اخبار المستقبل» قال: توضيح الحريري ليس تصعيدا وان الحريري «عندما نزل الى برج ابي حيدر لم ينزل لصب الزيت على النار، بل ليؤكد ان الشرخ ليس طائفيا وان الدولة حاضرة لتحمي المواطن، من دون ان يميز بين سلاح وآخر وبين فريق وآخر وبين طائفة واخرى وان هذه المشكلة عابرة وستعالجها الدولة بطريقة ترضي الجميع.
واوضح صقر ان الحريري عندما قال «انا لا احمل سكينا» لم يكن يقصد الهجوم على احد بل الدفاع عن نفسه.
العودة للتركيز على شهود الزور
الوزير حسين الحاج حسن لام السياسيين الذين ادمنوا اختراع التصريحات وتحويرها.
واوضح الحاج حسن في افطار ان مثل امور كهذه تضر بالتهدئة الداخلية وهي سوء امانة وقلة مسؤولية.
وشدد الحاج حسن على قضية شهود الزور التي لا شيء يمكن ان يغطي عليها، وهذا ما اكد عليه ايضا النائب علي المقداد، ما يوحي بان التهدئة المستعادة لا تشمل هذا الملف من جانب حزب الله بالذات، على اعتبار ان الفريق الآخر وضمنه وزارة العدل لا يرون وجودا لشهود زور حتى الآن.