بيروت ـ عمر حبنجر
تحول الكلام السياسي في لبنان أمس، من رجال السياسة الذين فضلوا قضاء إجازة عيد الفطر في الخارج، الى رجال الدين الذين ركزوا على التهدئة والوحدة والتعايش والاستقرار، وأضافوا الى خطبهم فقرات صارخة تدين عزم القس الأميركي المتصهين تيري جونز حرق المصاحف يوم 11 سبتمبر، وهو ما تراجع الرجل عنه، تحت ضغط الإدارة الأميركية.
بيد ان هذا لم يحل دون بروز موضوعين ساخنين سيثيران المزيد من المساجلات والمناكفات: حصة لبنان في موازنة المحكمة الدولية، وصلاحيات فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بعدما تمكن المتضررون من هز العلاقة بين وزير الداخلية زياد بارود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، على خلفية بيان أصدره، ردا على تهجم العماد ميشال عون، على «فرع المعلومات» وهو الجهاز الأمني الأكثر فاعلية.
وردا على بيان المديرية العامة، أصدر مكتب العماد عون بيانا اعتبر فيه بيان المدير العام الذي صرح للإعلام، مشيدا بالمعلومات التي كشفت شبكة للعملاء، تخطيا وزير الداخلية، بينما المطلوب الرد على عدم شرعية هذا الفرع حسبما يصنفه الوزير بارود بالذات.
وفي بيان مطوّل، ردت المديرية العامة على العماد عون دون ان تسميه، قائلة ان شعبة المعلومات تعمل ضمن اطار قانوني مثبت وواضح وتمارس صلاحياتها ضمن الأطر القانونية وبإشراف السلطات القضائية المختصة.
وفند البيان اجراءات توقيف العميد فايز كرم، القيادي في التيار الوطني الحر، واعترافه بالتعامل مع العدو الاسرائيلي منذ سنوات طويلة. وأضاف بيان الأمن الداخلي يقول: ان تحميل شعبة المعلومات ما يسمونه «تسريبات» ما هو الا محاولة للتعمية على حقيقة الأمر وهي ان العميد المتقاعد الموقوف قد اعترف صراحة بتعامله مع العدو الاسرائيلي.
إلى ذلك ذكرت مصادر متابعة لـ «الأنباء» ان احتدام الحملة على «المعلومات» على خلفية توقيف العميد المتقاعد كرم، مردود الى تحرك سلبي هددت به عائلة كرم بوجه قيادة التيار ان هي تخلت عنه.
ويقول النائب انطوان زهرة (القوات) ان ثمة سببا مباشرا آخر وراء حملة عون على «المعلومات» ناجما عن اعادة الموقوف فايز كرم الى هذا الجهاز للتوسع معه في التحقيق، استنادا الى معلومات أدلى بها أمام قاضي التحقيق العسكري، بهدف استباق هذا التحقيق ونتائجه بالتشكيك في شرعية وقانونية شعبة المعلومات.
هذا البيان لم يمر مرور الكرام عند وزير الداخلية زياد بارود الذي كشف انه لم يوافق على اصداره، مشيرا الى انه يشكل تخطيا لصلاحيات المديرية العامة للأمن الداخلي ولموجب الحصول على اذن مسبق من الوزير وفقا للقانون.
وقال بارود انه اتخذ «التدابير المسلكية المناسبة» لأن الموضوع مبدئي ومرتبط بانتظام عمل المؤسسات التي هو حريص عليها وعلى دورها، لافتا الى انه لم يتهرب يوما من مسؤولياته.
لكن مصادر متابعة من 14 آذار ابلغت «الأنباء» ان الوزير بارود الطامح لادوار سياسية نيابية وغير نيابية اطلع على البيان قبل اذاعته، لكنه طلب ادخال تعديلات جذرية عليه حتى لا يغضب احدا، لكن المديرية العامة للامن الداخلي التي استهدفها بيان مكتب العماد عون مباشرة اعتبرت ان من حقها اظهار الحقيقة للرأي العام. وذكرت «النهار» في هذا السياق ان بارود اطلع على مسودة البيان قبل اذاعته، واعترض على كونه يتصل بقضايا سياسية ويتضمن ردا على زعيم سياسي واصر على ضرورة التدقيق في البيان قبل اصداره من منطلق ان الوزير يريد حماية المؤسسة. واستبعدت المصادر ان يؤدي هذا الامر الى مشكلة بين الوزير بارود وبين رئيس الحكومة سعد الحريري بوصفه الراعي للمديرية العامة للامن الداخلي وقائدها ولشعبة المعلومات فيها.