بيروت ـ زينة طبّارة
رأى عضو تكتل «لبنان أولا» النائب تمام سلام ان اللبنانيين اعتادوا على المواقف والتصريحات المتشنجة لدى البعض، والتي لن تؤدي الى ما يتطلع إليه مطلقوها، بل الى تراجع البلاد مسافات بعيدة عما وصلت إليه بفعل تسوية الدوحة والتفاهمات العربية ـ العربية وفي مقدمتها التفاهم السعودي ـ السوري، معتبرا ان الاستقرار الأمني والسلم الأهلي في لبنان لم يتحققا إلا بعد جهد كبير وبمشاركة دولية وعربية، وبالتالي ليس مسموحا بالاستخفاف بأهميتهما من قبل اي كان واللعب بمصير اللبنانيين، محذرا من ان اعتماد بعض القوى السياسية المنحى التصعيدي من خلال التشكيك وإطلاق التهديدات والدعوة الى العصيان سيؤدي حكما الى زعزعة السلم الأهلي والأمن في البلاد، مذكرا بأن العدو الإسرائيلي لن يفوت فرصة استغلال هبوط لبنان الى مستوى الانقسامات السياسية بين قياداته. ولفت سلام الى ان الانقسام السياسي الذي تفرضه بعض القوى السياسية ومرجعياتها من خلال مواقفها الحادة وخطابها التصعيدي الذي لم تعد له حدود وضوابط ، ينعكس بشكل سلبي ومباشر على حكومة الوحدة الوطنية وأدائها، مؤكدا، والحالة تلك، ان المحكمة الدولية لن تتأثر سلبا أو إيجابا بالحالة الانقسامية المشهودة، حتى ولو كان محور الانقسام هو القرار الاتهامي وشهود الزور، وبالتالي فإن الانقسام داخل الحكومة وبين القيادات اللبنانية لن يفضي الى تغيير واقع لا مونة للبنانيين عليه، بعد ان أصبح في عهدة القضاء الدولي، الأمر الذي يدعو بإلحاح الى التبصر والتعقل والهدوء، والعودة الى مواجهة الاستحقاقات التي تتطلب وحدة الصف الداخلي وعلى رأسها الاستحقاقات المعيشية التي لا يمكن مواجهتها في ظل هذا الانقسام بين الوزراء والقيادات اللبنانية.
وردا على سؤال حول ما اذا كان المشهد اللبناني الأخير يعبر في خلفياته عن خلل ما في التفاهم السعودي ـ السوري، أعرب النائب سلام عن أمله في ألا تكون الأمور في الإطار المذكور، وذلك لاعتباره ان اللبنانيين متمسكون الى أبعد حدود بالتفاهم السعودي ـ السوري ويدركون أهمية انعكساته الإيجابية على الساحة اللبنانية، مشيرا الى ان على المملكة السعودية وسورية ان يعيا أهمية الوحدة اللبنانية انطلاقا من تفاهمهما وبالتالي ضرورة إعادة تأكيدهما على التفاهم للحؤول دون وقوع المزيد من التوترات والانشقاقات الداخلية، معربا في المقابل عن أسفه لوجود هامش داخل التفاهم السعودي ـ السوري يسمح للقوى السياسية اللبنانية بالتحرك ضمنه، حيث يرى النائب سلام ان هذا التحرك قد ينهك التفاهم السعودي ـ السوري فيما لو تم توظيفه في الاتجاهات السلبية.
وعن الموقف السوري حيال اللهجة الخطابية التي تشهدها الساحة اللبنانية، رأى انه بغض النظر عما يترتب من إجراءات «قانونية ـ قضائية» سواء حيال تهديد رئيس حكومة أو الدعوة الى العصيان، فلسورية دور مهم وأساسي في لجم تلك الفوضى المتأتية من قبل حلفائها في لبنان، خصوصا من قبل من يتلطى منهم تحت عباءتها لقول ما يريد، مذكرا بأن رئيس الحكومة سعد الحريري يحاول جاهدا منذ توليه مسؤولية رئاسة الحكومة توفير مستلزمات الأجواء الإيجابية لإعادة بناء الثقة وأفضل العلاقات وأميزها مع سورية، وهو ما لمسه اللبنانيون خلال الأشهر الأولى لترؤسه حكومة الوحدة الوطنية، حيث بدأ يبحث عن سبل الاستفادة من التفاهم السعودي ـ السوري للانفتاح على دمشق واتخاذ خطوات متقدمة على المستوى المذكور، خصوصا عندما أقر مؤخرا ومن موقعه كرجل دولة بامتياز بمراجعة حقبة بكاملها، مبديا أسفه لأن يكون الحريري يسعى بكل صدق للانفتاح على سورية في وقت يسعى فيه الآخرون ممن يسمون بحلفاء سورية الى عرقلة مساره من خلال المناكفة والمشاكسة، وهو ما ليس مريحا لا للتفاهم السعودي ـ السوري أو للتحرك اللبناني الإيجابي باتجاه سورية.
وختم النائب سلام مشيرا الى ان سورية هي الجهة الأقدر تاريخيا في العلاقة مع لبنان، فضلا عن دورها الكبير في المنطقة الشرق أوسطية، وبالتالي فإن سورية تدرك انطلاقا من موقعها أهمية التماسك اللبناني ـ اللبناني، الأمر الذي يحتم عليها إسكات الخطابات الصادرة عن حلفائها في لبنان والمسيئة إليها وإلى دورها ولو بشكل غير مباشر، وأيضا المسيئة لحكومة الوحدة الوطنية المنفتحة عليها.