بيروت ـ عمر حبنجر
تراجعت التراشقات الكلامية، بين تيار المستقبل وحزب الله وحلفاء كل منهما، الى حدود معقولة، وربما مقبولة، لكن التلويح بمخاطر الحرب المذهبية، مازال على وتيرته، خصوصا من جانب حلفاء الحزب.
فبعد ان حذر العماد ميشال عون في رسالته الى السينودس من مذابح كونية على خلفية صراعات الأديان والمذاهب، أكد النائب سليمان فرنجية أمس ان صدور قرار من المدعي العام الدولي باتهام حزب الله أو بعض عناصره، سيفجر حربا مذهبية في لبنان، طارحا الغاء المحكمة الدولية كمخرج من هذه الورطة، لكن رئيس الحكومة سعد الحريري لم يتأخر في الرد حاسما بعدم المساومة على هذه المحكمة.
وهكذا تبقى التباينات على حالها حول المحكمة الدولية وشهود الزور لكن تحت سقف التهدئة المحددة حتى منتصف أكتوبر، في حين أكدت مصادر مطلعة لـ «الأنباء» ان قرار الاتهام المرتقب قد أنجز بنسبة 95%، أما الباقي فمجرد هامش للتصحيحات.
الشيخ قاسم
وفي هذا السياق يقول الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله ان الحزب بصدد اتخاذ موقف نهائي من المحكمة الدولية، بعد انتهاء فترة الهدنة والتهدئة التي تم الاتفاق عليها برعاية سورية – سعودية.
وفي حديث لمجلة «الأفكار» استغرب الشيخ قاسم وصف فريق 14 آذار لما جرى في مطار بيروت خلال استقبال اللواء المتقاعد جميل السيد، بالاجتياح، وقال ان ترتيبات الاستقبال جرت بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسلطات الأمنية، مؤكدا التزام الحزب بحكومة الوحدة الوطنية، ورافضا ان تتحول الخصومة الداخلية الى عداوة.
قاسم أكد على ما سبق ان نشرته «الأنباء» من طلب اللجنة الدولية، أشخاصا قريبين من الحزب للاستماع اليهم، الأمر الذي لم يحسم الحزب موقفه منه بعد، حيث أبقى جوابه معلقا.
بري يستغرب كلام السفير الفرنسي
إلى ذلك ذكرت إذاعة «النور» التابعة لحزب الله ان كلام السفير الفرنسي دميث ياتون لاقى استغرابا شديدا من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي وصف ما ردده السفير من ان فرنسا ستبقي على علاقتها بحزب الله حتى ولو صدر القرار الاتهامي باتهام بعض عناصره باغتيال رفيق الحريري، بأنه كلام لا يطمئن حزب الله بل يؤكد مخاوفه ومخاوفنا من هذا القرار.
بري الذي أكد تمسكه بخارطة الطريق التي رسمها في خطابه بذكرى تغيب الإمام الصدر بالنسبة لمعالجة قضية شهود الزور وضرورة تسلم القضاء اللبناني ملف هؤلاء ومحاكمتهم، قال: ان وزير العدل أنهى تقريره، وسيعرضه في اول جلسة عادية.
حزب الله لم يسمع ما يطمئنه
وعما اذا كان رئيس الحكومة سيستجيب لما طرحه رئيس المجلس حول شهود الزور قال بري: أعتقد انه سيقتنع بذلك، وان كان يحتاج ربما لبعض الوقت.
وقال بري لـ «السفير» ان حزب الله لم يسمع ما يطمئنه بعد حيال هذا الملف وهو جاهز لمقابلة كل خطوة ايجابية بمثلها، خاصة ان ثلاثة من شهود الزور هم بيد السلطة اللبنانية.
وكشف بري انه هو من اتصل بالحريري ولفته الى مضمون بيان الأمانة العامة لـ 14 آذار بحضور ممثليه، مشيرا الى ان بعض حلفاء الحريري من المسيحيين أساء اليه بكلامه عن سورية وعن العلاقة بإسرائيل.
وكان السفير الفرنسي أبلغ صحيفة «النهار» اللبنانية ان الاتصالات السعودية ـ الفرنسية أدت الى تأخير صدور القرار الاتهامي من سبتمبر الحالي الى ديسمبر المقبل، وان رئيس الحكومة اللبنانية مطلع على ذلك، وان القرار سيكون موجها لحزب الله، وان ذلك لن يكون نهاية العالم، واعدا حزب الله باستمرار احترام فرنسا لموقعه ومكانته وتواصل العلاقة معه.
فرنجية يحذر من الحرب
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أكد من جهته على موقفه القديم وهو ان المحكمة الدولية تريد ضرب المقاومة، وان القرار الاتهامي سيسبب في حال صدوره حربا في لبنان، داعيا الى تدارك القرار الفتنة، وايجاد تسوية لتجنب مخاطر الفتنة التي سينتجها القرار.
فرنجية أكد ان ما قيل عن عناصر غير منضبطة في الحزب متهمة باغتيال الحريري، بدعة، وان السيناريو الذي ركب التهمة لسورية هو نفسه يجري اليوم تركيبه لحزب الله، وقال ان غيرهارد ليمان احد المحققين الدوليين هو الذي يدير هذا السيناريو.
مشتبه به اختفى
وكشف ان رئيس شعبة «المعلومات» العقيد وسام الحسن زاره وقلت له: انتم وراء شهود الزور؟ فأجابني الحسن: كيف أكون وراء هؤلاء وأنا أعرف الحقيقة منذ العام 2006، وهي ان مجموعة مقربة من الحزب وراء اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأنا فاتحت السيد حسن نصرالله بالأمر فرد قائلا: «روحوا اعتقلوه».
وأضاف فرنجية نقلا عن الحسن: ان المشتبه به الذي كان يعمل في تصليح التلفزيونات في الحزب اختفى.
وفي لقاء آخر قال فرنجية ان الحسن أبلغه ان لجنة التحقيق الدولية صفت شهود الزور وتورطت في اللعبة ولم تعد قادرة على الخروج منها.
فرنجية لإلغاء المحكمة
وقال فرنجية: عندما استشهد الرئيس الحريري كانت مضت سنة ونصف السنة على تحضير مناخ ضاغط ضد سورية، لتكون الشرارة التي اشعلت الجو الذي اخرج سورية من لبنان، الآن الجو يتحضر لمثل هذه الشرارة، ويكون قرار الحرب في لبنان قد اتخذ دوليا، بمعنى لا انا ولا انتم ولا سعد الحريري يستطيع ايقافه.
واضاف هنا قرار بحرب سنية ـ شيعية في لبنان، وهذا ما يجب ان نكون واعين له، وانه ليس المطلوب عدالة، بل المطلوب حرب، فهذه المحكمة آتية لضرب سلاح حزب الله وليس لكشف قتلة الرئيس الحريري.
وتساءل اذا كان دور المحكمة احدث فتنة في لبنان فلماذا لا تلغى؟
الحريري: لا مساومة على المحكمة
وتعليقا على كلام فرنجية اكتفى الحريري بالقول: ان هذا لا يغير شيئا وموقفنا واضح: لا مساومة على المحكمة الدولية.
بدوره رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيد ابراهيم امين السيد اعتبر ان الحملة القائمة هدفها حصار المقاومة، وقال: هذه الرياح الصفراء والسوداء التي اسمها العدالة والحقيقة، كل هذا الضجيج لاضاعة القضية الحقيقية فالاميركيون والاسرائيليون وبعض العرب يريدون ان يصفوا حسابا اسرائيليا مع المقاومة.
ومن المتوقع أن تشهد المحطات المقبلة، تظهير للصورة، فمجلس الوزراء سيطلع فور عودة رئيس الجمهورية من وزير العدل ابراهيم نجار على قراره بخصوص ما يعرف بشهود الزور، ومجلس النواب، سيكون مطالبا باقرار حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية والسلفة التي سددت اليها.
وعن مصير التهدئة القائمة، قال النائب احمد فتفت في تصرح اذاعي امس، ان استمرار التهدئة مرتبط بالتزام الطرف الآخر بها، مؤكدا العودة الى النظام الداخلي للمجلس في موضوع المحكمة الدولية.
ودعا فتفت الى انتظار تقرير وزير العدل حول الشهود، لنرى كيفية معالجة الموضوع من مفهوم علمي وعدلي بحت.
وحول الترويج لانتكاسات امنية قريبا، قال: نحن لا نصعد ابدا، ونحن في موقع ردة الفعل وليس في موقع الفعل، طالما الطرف الآخر مقتنع بعدم جدوى التصعيد، واضاف: ما اعلنه الحريري كان واضحا ان التزامنا بالثوابت وعلى رأسها المحكمة الدولية، يتجاوز كل الاساليب التهديدية المباشرة او السياسية.