بيروت ـ عمر حبنجر
أول «شتوة أيلولية» في لبنان، غسلت الطرقات والمباني والأشجار دون ان تبلغ أعماق القلوب المغمورة بغبار الحقد الفئوي، والصدور المشحونة بالكيديات السياسية والمذهبية، برغم غطاء التهدئة الشفاف.
هذا الواقع الهش حث أصحاب التهدئة ورعاتها، الى العمل على تعميق أساساتها وتثبيت بنيانها، ويقع في هذا المجال تجدد الحديث عن زيارة الرئيس سعد الحريري الى دمشق، وفق ما كانت أشارت اليه «الأنباء» يوم الخميس الماضي، والجديد الاضافي في هذا السياق ان موعد الزيارة حدد مبدئيا يوم الثلاثاء المقبل، أو هذا ما تقرر، كما يبدو في الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأسد مع رئيس الحكومة اللبنانية أخيرا.
وترافق هذا الحديث مع إعلان «مصادر سورية واسعة الاطلاع» ان دمشق أبلغت اللبنانيين الذين قصدوها أخيرا، ضرورة التزام التهدئة والحرص على السلم الأهلي باعتباره خطا أحمر متفقا عليه داخليا وإقليميا.
وقالت المصادر عينها ان الانزلاق نحو أخطاء تمس بالأمن والاستقرار في الوقت الراهن في لبنان أمر ممنوع.
عون في دمشق بزيارة عائلية
في هذا الوقت قام العماد ميشال عون بزيارة عائلية الى الرئيس بشار الأسد أمس وترافقه عائلته، وذلك تزامنا مع زيارة خاطفة قامت بها النائب بهية الحريري الى دمشق مساء أمس الأول التقت خلالها المستشارة الإعلامية للرئيس السوري بثينة شعبان.
هذا ونقلت وكالة الانباء السورية «سانا» أن لقاء الأسد ـ عون تناول الجهود المبذولة لإنهاء حالة التوتر بين مختلف الافرقاء في لبنان بما يضمن امن واستقرار البلد ويعزز مسيرة الوفاق بين ابناء الشعب اللبناني.
هذه التطورات دخلت في عنـــاوين الخطاب السياسي الذي ألقاه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع عصر أمس، في احتفال بذكرى شهداء القوات اللبنانية في ملعب جونية البلدي، والذي تضمن مبادرة انفتاحية باتجاه شباب التيار الوطني الحر، الى جانب ثوابت 14 آذار، وبالأخص المحكمة الدولية.
توضيح فرنسي لكلام السفير
في هذا السياق قال نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية ان موقف فرنسا من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، هو موقف واضح وثابت، وهي تؤكد على عملها بشكل مستقل، موضحا ان هذا هو الموقف الذي عبر عنه السفير الفرنسي في بيروت عندما تواصل مع السلطات اللبنانية أو مع الصحافة اللبنانية، مؤكدا ما نقل عن السفير باتون.
ونفى الناطق الفرنسي ان تكون بلاده ضغطت لتأجيل صدور القرار الاتهامي، مشددا على ان المحكمة تعمل بكل استقلالية.
وكانت وسائل إعلام حزب الله وبعض الأطراف الحليفة هاجمت تصريحات السفير الفرنسي بشدة وانطلقت منها لتبرير ادعائها بأن المحكمة مسيسة.
إلى ذلك أكمل حزب الله هجومه على المحكمة الدولية وذهب إلى حد القول ان القاضي دانيال بلمار مسيّس وغير نزيه محذرا من ان ذلك سيؤسس لقرار اتهامي هادف الى حماية اسرائيل، والى توجيه الاتهام الى كل من يشكل خطرا على اسرائيل في لبنان.
كلام حزب الله جاء على لسان النائب نواف الموسوي (كتلة الوفاء للمقاومة) الذي أكد أن أي مجموعة في لبنان تلتزم هذا القرار سيتم التعاطي معها على انها واحدة من أدوات الغزو الاسرائيلي للبنان وستلقى ما يلقاه الغازي.
حوري: مالك الحجة لا يتوعد
وردا على تصريحات النائب الموسوي قال النائب عمار حوري: «ما نسمعه من البعض في الفريق الآخر وخصوصا من الزميل الموسوي هو تهويل يائس ضد الحقيقة والعدالة، والذين يملكون منطق الإقناع وتقديم الحجة لا يلجأون إلى التهديد والوعيد».
وأضاف حوري: «خيارنا الحقيقة والعدالة ودفعنا أثمانا باهظة وكان قمة ما دفع هو حياة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأي أثمان أخرى ستكون زهيدة إذا ما قورنت بحياة الرئيس الشهيد». وأكد وجود إمكانات لتأمين تمويل المحكمة، مطمئنا بأنه لا خوف على مستقبلها، وقال: «حتى لو وصلت الأمور الى عدم إيفاء لبنان بواجباته المالية تجاه المحكمة، فنص نظامها واضح، هناك بدائل يمكن ان تؤمن من أماكن أخرى وبالتالي لا خوف على موضوع تمويل المحكمة».
قاووق: المقاومة وحدها الطريق للقدس
إلا ان مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله الشيخ نبيل قاووق رأى أن: «الرد على كل الضغوط والقرارات الدولية بحق حزب الله هو عبر تعزيز استراتيجية المقاومة التي هي الطريق الأضمن والأقصر لنصرة القدس وكل فلسطين مهما كانت التهديدات والضغوط والقرارات والأحكام الدولية، ومهما بلغت الأثمان العسكرية والسياسية والمعنوية»، مضيفا: «نحن في حزب الله لن نتخلى عن واجب نصرة فلسطين بكل قناعة وإرادة وعزم وتصميم ونقبل ضريبة نصرنا لهذه القضية».