بيروت: لا مؤشرات حتى الآن الى تسوية وتفاهمات
ممكنة حول أزمة المحكمة الدولية، لا بل تعكس المؤشرات الظاهرة والمتدافعة صعوبة وتعذر الوصول الى مخرج أو تسوية في ظل المعطيات الراهنة، وتفاقم الأزمة وسلوكها مسارا تصاعديا ومتماديا مع ارتفاع درجة وحجم التعقيدات والضغوط، ومن أبرز المؤشرات والمستجدات في الخارج والداخل:
1 - تبلور موقف دولي - اقليمي داعم لاستمرار المحكمة الدولية ورافض لأي تدخل في عملها أو تأثير على مسارها، أو أي توجه الى وقفها وإلغائها تحت أي ظرف وذريعة، وبعد الموقف الفرنسي الذي تم تمريره على «جرعات ديبلوماسية» في هذا الاتجاه، جاء الموقف المصري الرسمي عبر كلمة وزير الخارجية أحمد أبوالغيط في الأمم المتحدة ليصب في هذا السياق، وجاء الموقف التركي الأول من نوعه على لسان وزير الخارجية داود اوغلو ليدعم هذا التوجه الداعم لاستمرار المحكمة الدولية وتقديمها على المخاطر المحدقة بالاستقرار الداخلي في لبنان بسببها.
2 - اصطدام المساعي السعودية بجدار الموقف الدولي الداعم للمحكمة الدولية من جهة، وبواقع قانوني قضائي دولي من جهة ثانية، يجعل مهمة البحث عن تسويات ومخارج سياسية أمرا بالغ الصعوبة، وان أي دولة لا تملك ورقة المحكمة أو قدرة التأثير على مجرياتها.
3 - بروز توجه واندفاع سوري في اتجاه إلغاء المحكمة الدولية من خلال موقف آخذ أكثر فأكثر في الانحياز الى حزب الله في هذا الموضوع ومتفهم لمطلبه الداعي الى تقويض القرار الظني قبل صدوره والى إسقاط المحكمة اذا تأكد التوجه الى اتهام حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري، ومن خلال رفع درجة الضغوط على رئيس الحكومة سعد الحريري للسير في هذا الاتجاه وتحديد أجندته السياسية بما يتناسب مع هذا التوجه.
4 - انحياز طرفين داخليين يعول على دورهما للتقريب بين حزب الله والرئيس سعد الحريري ومؤهلين للعب دور الجسر والوسيط وهما الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط الى حزب الله وهواجسه وموقفه السلبي من المحكمة الدولية، فالزعيم الدرزي الذي يمضي قدما وبنجاح في عملية تحييد منطقته وطائفته، يعمل على تطوير موقفه من المحكمة الدولية الى حد التمني ألا تعود موجودة والإيحاء لحليفه الحريري بأن يختار الاستقرار والحكومة اذا وضع أمام خيار بين الاستقرار والعدالة، وبين الحكومة والمحكمة، والرئيس بري الذي اتبع نهجا هادئا ومدروسا ومتزنا حيال المحكمة الدولية، وصل الى اللحظة التي تحتم عليه دعم حزب الله في معركته وفي محطة مفصلية، وهاهم وزراء بري في الحكومة ينسقون مع وزراء حزب الله والمعارضة لعدم اقرار بند تمويل المحكمة الدولية في موازنة العام 2011، مع ما يعنيه ذلك من خطر وضرر على الموازنة، تأخيرا وتجاذبا، وعلى الحكومة،تضامنا وتماسكا ومصيرا، وعلى المحكمة الدولية في شقها اللبناني.
5 - تقلص المساحة المشتركة في موضوع المحكمة الدولية بين حزب الله وتيار المستقبل الى حد انها لم تعد تكفي للبناء عليها واقامة تسوية، والى حد انها ربما لم تعد موجودة.
تيار المستقبل حزم أمره وقراره في ثلاث نقاط هي: لا مساومة على المحكمة الدولية، ولا موقف من القرار الظني قبل صدوره، ولا خضوع للتهديدات ولمعادلة المحكمة مقابل الاستقرار والسلم الأهلي. وحزب الله أخذ قراره ليس فقط في رفض القرار الظني قبل صدوره وأيا يكن، وانما في إلغاء وإسقاط المحكمة الدولية لأنها تحولت مشروعا للفتنة وللنيل من المقاومة، حتى لو أدى الأمر أو تطلب سقوط الحكومة لمصلحة حكومة جديدة مستعدة للسير في مشروع إسقاط المحكمة في شقها اللبناني ولاتخاذ ما يلزم من قرارات تخدم هذا الهدف مثل وقف التمويل اللبناني للمحكمة وسحب القضاة اللبنانيين منها ووقف التعاون معها في أي اجراء يتعلق باستجوابات جديدة لشهود أو متهمين، حزب الله أخذ قراره والمسألة عنده باتت مسألة وقت (بانتظار استنفاد المساعي والوساطات العربية) وليصبح السؤال: هل ينتظر حزب الله صدور القرار الظني كي يتحرك «ويضرب ضربته» أم لا طاقة ولا مصلحة له في الانتظار؟!