بيروت ـ عمر حبنجر
حملة المعارضة على المحكمة الدولية في الذروة كما هو دأبها منذ بضعة اشهر، لكنها ازدادت حدة في الأيام الاخيرة، وآخر ما قيل في تداعياتها جاء على لسان النائب فادي الأعور عضو كتلة التغيير والاصلاح، الذي قال ان استمرار المحكمة سيؤدي إلى ضرب النسيج اللبناني وانها ستصل باللبنانيين الى الفتنة.
على ان الاخطر في هذه الحملة هو بدء الحديث عن دخول تنظيم القاعدة الى لبنان، كما ورد بصيغة التأكيد على لسان الوزير السابق وئام وهاب، الوثيق الصلة بدمشق وبحزب الله، ثم كان تصريح النائب السابق مصباح الاحدب عن منظومات عسكرية يجري تحضيرها بوجه المنظومات التي يدعمها حزب الله.
بالمقابل سخرت مصادر 14 آذار لـ «الأنباء» من كل هذه الاحاديث واعربت عن خشيتها من أن يكون وراء هذا الكلام التخويفي من القاعدة ومن السلاح الآتي باسمها او باسم حزب القوات اللبنانية او اطراف اخرى في 14 آذار محاولة لتشكيل خصومة مسلحة تبرر لحزب الله وحلفائه القيام بتحركات ميدانية تحت غطاء ردع هؤلاء المسلحين الوهميين من الناحية العملية.
نائب بيروت عاطف مجدلاني عضو كتلة المستقبل علق على ما يجري بالقول ان المحكمة الدولية اصبحت محل اجماع لبناني منذ العام 2006 وان من يخرج عن الالتزام بالمحكمة هو من يسبب التشنج بالبلد.
وسأل مجدلاني اذاعة «صوت المدى» الناطقة باسم تيار العماد عون عما اذا كان هناك من يملك اي دليل على مضمون قرار الاتهام الذي سيصدر عن المدعي العام الدولي، او على ان المحكمة حادت عن مسارها؟ معتبرا ان كل كلام في هذا السياق هو تأويل وتخوين وتهديدات مرفوضة، كما سأل عن الاساس الذي اعتمد في اتهام المحكمة بأنها اسرائيلية أو أميركية؟ وقال سنرفض اي قرار اتهامي اذا كان مسيسا.
لقاء قريب لنصرالله وسفير مصر
رئيس الحكومة سعد الحريري استقبل امس سفير مصر في لبنان احمد البديوي وعرض معه الاجواء في ضوء الحملات التي تستهدف الدور المصري.
وعلمت «الأنباء» ان التحضيرات جارية للقاء بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والسفير البديوي في اطار تصفية الاجواء التي عكرتها تصريحات اللواء جميل السيد ضد القنصل المصري العام احمد حلمي، الذي كان التقى مسؤول العلاقات الخارجية في الحزب حسن عزالدين.
فتفت: حزب الله وحده القادر على التفجير
إلى ذلك، رأى عضو كتلة المستقبل النائب احمد فتفت ان حزب الله هو الوحيد القادر على تفجير الوضع ولا مصلحة له في ذلك، فالانفجار رسالة الى العالم كله بأن الحزب خرج عن الشرعية اللبنانية واصبح في حالة صدام مع الدولة اللبنانية، معتبرا ان حزب الله يقود احيانا معارك وشعارات تؤذيه اكثر مما تفيده، والحزب اصبح له فائض من القوة لا يعرف اين يصرفه، هذا الفائض من القوة ينقلب عليهم اذا لم يكونوا واعين.
وعن احتمال استقالة رئيس الحكومة ومصير الحكومة الحالية، قال فتفت: الرئيس سعد الحريري رجل مسؤول ويتحمل مسؤولياته بالداخل، وسيحاول قدر الامكان الحفاظ على البيان الوزاري، وموضوع الاستقالة لا أعتقد انه وارد حاليا في ذهن الرئيس الحريري، مضيفا نحن بنية تفعيل المشاركة والعيش المشترك الى اقصى حد، واذا اراد الطرف الآخر ان يفرض رأيه على كل اللبنانيين ويرفض منطق التوافق والمشاركة، فهذا يعتبر نهجا انقلابيا.
فتفت اكد التمسك بالمحكمة الدولية لأنها سبب الاستقرار وليس العكس، والغاؤها يبيح الاغتيال السياسي.
بدوره، النائب القواتي جورج عدوان اكد ان وقف تمويل المحكمة من قبل الحكومة اللبنانية غير ممكن، وهو اصلا لا يؤثر في سلامة مسارها.
قماطي: نرفض تحقيق المحكمة
بالمقابل، اشار عضو المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي الى ان التعاون مع المحكمة لم يعد واردا، وهو معلق الى حين معرفة ما سيحصل في ملف شهود الزور، موضحا انه من غير المنطقي اعتبار المحكمة فاقدة للنزاهة والقبول ان تحقق مع احد من حزب الله.
ورأت المصادر ان هذا القرار يعني ان الحزب بات في خيار المواجهة والتحدي ويريد رأس المحكمة الدولية ورأس الحكومة ورأس رئيسها سعد الحريري وهذا مؤشر يؤكد المنحى الانقلابي لدى المعارضة.
واضافت المصادر ان المراد من كل ذلك حشر الحريري في الزاوية وارغامه على التنازل عن المحكمة الدولية، الامر الذي ليس من شأنه ولا في وارده على الاطلاق، خصوصا ان المحكمة لم تصدر اي موقف بشأن القرار الاتهامي الذي مازال قيد الاعداد.
القرار الاتهامي «قريبا جدا»
في هذا السياق، علمت «الأنباء» ان سفارة دولة عربية ابلغت مرجعا سياسيا وحزبيا ردا على سؤال منه ان قرار الاتهام في قضية اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه سيصدر قريبا وقريبا جدا.
المرجع السياسي ذاته ابلغ «الأنباء» بأن الحملات القائمة على المحكمة مباشرة او عبر شهود الزور لن تغير شيئا على مستوى استمرار الحكومة او المحكمة الدولية التي هي اليوم في عهدة مجلس الامن.
رئيس مجلس النواب نبيه بري استبعد من جهته ابقاء الوضع السياسي بهذا الجمود والتعنت. واكد انه في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء بعد عودة الرئيس ميشال سليمان من المكسيك الذي عاد أمس الى بيروت سيقدم وزير العدل ابراهيم نجار مطالعته عن شهود الزور، مضيفا ان لا عائق ولا تأخير للسير في هذا الملف، على ان يكون الوزير نجار تعافى من وعكته الصحية بشكل يمكنه من المشاركة في هذه الجلسة وتقديم ما لديه في هذا الخصوص. وقد حدد يوم الاثنين المقبل موعدا لاجتماع مجلس الوزراء برئاسة سليمان في بعبدا.
ويفترض ان تشهد هذه الجلسة بتا نهائيا في مسألة المحكمة التي تعارض قوى 8 آذار استمرار لبنان في المشاركة بتمويلها، الى جانب حسم موضوع صلاحية القضاء اللبناني في محاكمة من تصفهم هذه القوى بـ «شهود الزور».
«الوطن» السورية: لبنان باتجاه التصعيد
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «الوطن» السورية ان الوضع في لبنان ذاهب الى تصعيد غير مسبوق منذ اتفاق الدوحة في مايو 2008.
واستندت الصحيفة في ذلك الى ان الاصطفاف السياسي والحزبي وحتى الشعبي حيال المحكمة الدولية، كشف كل الاوراق المستورة، وبات كل الفرقاء يلعبون على المكشوف بانتظار قرار الحسم «الذي يبدو انه لم يعد بعيدا، تأسيا على المعطيات وحركة المجموعات اللبنانية السياسية والحزبية». وغمزت الصحيفة السورية من قناة الموقف الاخير لوزير خارجية مصر أحمد أبوالغيط الداعم للمحكمة، فضلا عن المواقف الفرنسية والاميركية، اضافة الى مواقف عربية وغربية تدعو الى الاستقرار والتساؤل عن كيل التصريحات غير البناءة التي لا تتلاءم مع الجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار في لبنان.
وأشارت الى مشروع يعد من اجل الاعتداء على المقاومة وذبحها، من خلال القرار الاتهامي الذي يعد ليكون حصان طروادة جديدا يعوض إخفاق اسرائيل في تصفية المقاومة وقوى الممانعة على حد قول صحيفة الوطن.