بيروت ـ عمر حبنجر
قرر مجلس الوزراء اللبناني، معالجة قضية مذكرات التوقيف الغيابية السورية بحق 33 شخصية لبنانية ودولية، على طريقة «داوني بالتي كانت هي الداء».
انها نظرية رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي التي عالج بها مذكرة التوقيف التي صدرت بحقه في دمشق، بناء لدعوى على غرار الدعاوى المقامة ضد الموقوفين الثلاثة والثلاثين المبنية على اساس وجود «شهود الزور»، اي بالسياسة، فالسياسة هي التي اسقطت الاجراءات القضائية السورية ضد جنبلاط، لكن المعالجة الحكومية اضافت الى العامل السياسي العامل القضائي، بل اعطت الاولوية للعامل القضائي الاسرع من حيث الفعالية، في الحالة الحاضرة.
وذكرت مصادر في قصر العدل لـ «الأنباء»، ان القضاء اللبناني سيتحرك لمعالجة قضية شهود الزور عملا بفتوى وزير العدل ابراهيم نجار والتي وزعها على الوزراء امس، كمقدمة قانونية طبيعية، لسحب مشروعية ملاحقة لبنانيين، بجرم مزعوم ارتكابه في لبنان امام القضاء السوري.
وفي الوقت عينه سيستمر الحراك على ايقاع التهدئة، التي جددت المملكة العربية السعودية الدعوة لها عبر اقتراح سفيرها علي عواض عسيري تشكيل «هيئة وطنية لبنانية لايجاد التصورات والسيناريوهات، تحسبا لصدور القرار الاتهامي».
وقد انضم السفير الايراني غضنفر ركن ابادي الى دعاة التهدئة من باب استغراب ما يشاع عن امكانية انفجار الوضع في لبنان بعد زيارة الرئيس احمدي نجاد اليه، وسأل ابادي في تصريح صحافي له امس: لماذا قد ينفجر الوضع؟
واضاف: هذه تخمينات اعلامية، ونحن نرى ان الامور ستسير بعد الزيارة بالاتجاه الايجابي.
الأجواء الحكومية غير مقفلة
إلى ذلك لا تبدو الاجواء الحكومية مقفلة لكن استدعاء القضاء السوري للضباط اللبنانيين المدعين ضد شهود الزور، الى دمشق دون المرور بالقنوات الرسمية، قضائية او امنية، في لبنان، خيب امل اركان السلطة اللبنانية مرة اخرى.
في المقابل كان تمثيل واقعة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في فرنسا، رغم كل ما قيل عن تأجيل او إلغاء هذه العملية، تأكيدا اضافيا من جانب القوى الدولية على ان المحكمة الدولية خارج اي تسوية أو نقاش. اضافة الى اعلان مساعدة بان كي مون انه لا صلاحية للمحكمة الدولية بتسليم ملفات تتعلق بالتحقيق الى أي كان، ما يعني ان جهود اللواء السيد لاختراق ملفات المحكمة قبل صدور القرار الاتهامي والشروع بالمحاكمة، ذهبت سدى.
لكن اجواء 14 آذار، خصوصا الفريق المسيحي يرى الصورة مختلفة، او الافق اسود، كما قال قيادي في 14 آذار لـ «الأنباء» أمس استنادا الى واقع الحال.
القيادي عينه، يرجح ان يتحرك حزب الله عسكريا، قبل صدور قرار الاتهام، خلافا لكل التطمينات، انما ايضا بعد زيارة الرئيس الايراني، الذي ستتصاعد الضغوط لمنع ذهابه الى الجنوب.وفي رأي هذا القيادي، ان القوى المسيحية في 14 آذار، هي الاقوى ميدانيا بالمقارنة مع مسيحيي 8 آذار، الا ان هذه القوى تعتمد على الجيش وقوى الأمن، لصد أي تحرك مما يخشى منه، اقله في الساعات الاولى، اما اذا لم تتدخل قوى الدولة في الوقت المناسب، فإن هذه القوى ستتحرك وتعيد الاوضاع الى طبيعتها.
مصادر في 14 آذار اكدت هذه المعطيات لـ «الأنباء» وأشارت الى نقطة ضعف لها في نقطتين، بكفيا (المتن) عرين حزب الكتائب حيث يتواجد الحزب السوري القومي الاجتماعي، مدعوما من حزب الله، وفي قضاء الكورة وتحديدا بلدة اميون، حيث أمن حزب الله للقوميين الدعم اللازم.
مساعي التهدئة
في هذا الوقت يواصل الرئيس ميشال سليمان مساعيه التهدوية، ورئيس الحكومة سعد الحريري يؤكد ان القضايا الخلافية المتصلة بالمحكمة الدولية لن تطرح حاليا.
الحريري، وربما في رد غير مباشر عما قيل انه سيكون شخصا عرضة للاستهداف، طمأن امس الى انه «لا خوف على الاوضاع».
رئيس مجلس النواب نبيه بري، مطمئن بدوره، وان مرد اطمئنانه العلاقة بين دمشق والرياض، والراهن ان سفيري السعودية علي عواض عسيري والسوري علي عبدالكريم علي هما الديبلوماسيان الاكثر حركة على المسرح السياسي اللبناني، فيما تقتصر تحركات باقي السفراء على زيارات التعارف أو التوديع.
وقال بري امس: يبدأ القلق عندي حينما تتوقف هذه العلاقات.. لكن لا يبدو هذا واردا الآن.
بري اعلن ان لديه التصور للحل، لكن التركيز على الارض يحتاج الى مناخ هادئ، والى نفوس صافية. وانما اذا استمررنا في هذا الوضع فلا يبقى أمامنا سوى الدعاء ونحن نتفرج على خراب البلد، لا سمح الله، معتبرا ان 51% من المشكلة هي في الاطلالات الاعلامية الساخنة.