في تحليل سياسي لراغدة درغام مراسلة جريدة «الحياة» في نيويورك تحت عنوان «ملامح فشل سياسات أوباما في العراق ولبنان» ورد ما يلي:
تواجه «الأوبامية» احتمال فشل ذريع لها في لبنان الذي تتلاحق فيه تطورات خطيرة على البلد والمنطقة وعلى سياسات الرئيس الأميركي، ومن ثم على الولايات المتحدة. في العراق، أبرمت إدارة باراك أوباما صفقات صامتة مع إيران وسورية ووجهت صفعات الى العملية الديموقراطية الانتخابية وإلى دول صديقة وحليفة لها في مجلس التعاون الخليجي. وحدث ذلك عبر التوافق الضمني على تمسك رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي بالمنصب مع أن حزبه لم يفز بأكثرية مقاعد مجلس النواب. وافرازات ذلك هي أن كلا من سورية وإيران شعرت بنشوة التفاهمات الضمنية مع الإدارة الأميركية. سورية فسرت ذلك بأنه ضوء أخضر لها لأن تفعل ما تشاء في لبنان لتستعيد نفوذها. وإيران فسرت ما حدث في العراق بأنه مثال ساطع على تقهقر إدارة أوباما أمام الإصرار الإيراني وخضوعها لما رسمته الحنكة السياسية الإيرانية منذ البداية. وعليه، شعرت إيران بأنه لا مانع من تكرار تجربة العراق في لبنان بحيث يختطف الخاسر في الانتخابات السلطة من الفائز، بصورة أو بأخرى. في لبنان يبدو كأن الوضع في نظر إيران وشريكها حزب الله يتطلب الانقلاب على الحكومة التي يترأسها سعد الحريري بمساعدة من سورية.
قد يكون الرئيس الأميركي متمسكا بسياسة الاحتضان والتأهيل والترغيب مع كل من سورية وإيران لأنه يريد الهرولة من العراق بأي ثمن. إذا كان ذلك حقا ما يسير سياساته، فإنه على موعد مع مفاجآت مؤلمة. والأفضل أن يستوعب أوباما أن ما يحدث في لبنان اليوم هو عملية إفشال لسياسته. ففي ساحة لبنان ينطلق انتقام إيران من العقوبات الدولية المفروضة عليها. باراك أوباما المرشح رفع راية العدالة وتعهد بصيانتها. باراك أوباما الرئيس يبدو صامتا مختبئا وخائفا، وهذا ما تدركه الحنكة السياسية السورية والإيرانية. لذلك كان هذا التجرؤ على المطالبة بإلغاء محكمة دولية أنشأها مجلس الأمن ودفعت نحوها الولايات المتحدة وفرنسا على السواء.
فرنسا تعاني من تخبط سياساتها نحو لبنان، إذ انها عملت وراء الكواليس وتدخلت في شأن المحكمة وفي عمل المدعي العام دانيال بلمار الى أن سمعت منه أن هذا الأمر ليس من شأنها. الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وفريقه قرروا أن سورية هي الأولوية ولديها المفاتيح لإيران وفلسطين والعراق ولبنان، فأشعروها بأن في وسعها أن تفعل ما تشاء. باعت فرنسا لبنان في عهد ساركوزي وأوقعت إدارة أوباما معها في سياسة قوامها سلخ سورية عن إيران لاحتواء حزب الله. باراك أوباما مطالب أكثر من غيره بأن يوضح موقفه من لبنان، ذلك لأن سياساته هي التي مكنت اللاعبين الإقليميين من الشعور ببالغ الثقة لدرجة المطالبة بإلغاء محكمة أنشئت بقرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع. فسياساته هي التي جعلت إيران تشعر بأنها فوق المحاسبة في لبنان وأنها في علاقة مقايضة في العراق تبين أن حنكتها السياسية قادرة على ابتلاع إدارة أوباما الناشئة.
وجهة نظر أخرى منسوبة الى مصادر ديبلوماسية غربية (جريدة النهار اللبنانية) حول السياسة الأميركية في لبنان تقول: ترفض إدارة أوباما التضحية بالمحكمة الخاصة بلبنان أو التضحية باستقلال هذا البلد وسيادته من أجل تحسين علاقاتها مع سورية، بل انها اغتنمت اللقاءين اللذين عقدهما المبعوث الخاص الى الشرق الأوسط جورج ميتشل والرئيس السوري بشار الأسد ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والوزير وليد المعلم للتأكيد على أن الإدارة الأميركية تتمسك بلبنان المستقل وبالمحكمة، وترفض أي اقتراح سوري لوقف عملها ولمنع صدور القرار الظني ولاستبدال المحكمة بلجنة تحقيق لبنانية للنظر في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وفي جرائم أخرى مرتبطة بها. وترى إدارة أوباما أن المحكمة ليست مسؤولة عن زعزعة الاستقرار في لبنان بل ان سورية هي التي ستتحمل هذه المسؤولية إذا ما أقدم حلفاؤها على تفجير الأوضاع في البلد ردا على القرار الظني الذي سيصدره المدعي العام الدولي دانيال بلمار.
وأوضحت الإدارة الأميركية للسوريين انها تتمسك بثلاثة مطالب لدعم أي عملية تفاوضية سورية ـ إسرائيلية جديدة هي: أولا: ضرورة أن يتعاون الطرفان المعنيان لتذليل العقبات المهمة التي تواجه المفاوضات، ثانيا: أن يتم إنهاء دور لبنان ساحة مواجهة مفتوحة بقرار إقليمي مع إسرائيل، ثالثا: أن تمهد هذه المفاوضات لإشراك لبنان في عملية السلام التي يجب أن تشمل وضع حد لنشاطات حزب الله عسكري.