بيروت ـ عمر حبنجر
نجاد في لبنان، انها الزيارة الثانية لرئيس ايراني لبيروت بعد زيارة الرئيس محمد خاتمي عام 2003، والتي تميزت بالاستقبال الرسمي والشعبي الجامع في مدينة بيروت الرياضية، بينما استقبلت نجاد الحشود الشعبية والحزبية من مطار رفيق الحريري الدولي، حتى حدود الضاحية الجنوبية.
رئيس مجلس النواب نبيه بري كان على رأس مستقبلي الرئيس الإيراني في المطار الى جانب النواب والوزراء، وذلك بداعي ان البروتوكول الإيراني يلحظ استقبال الرؤساء أمام مقراتهم الرئيسية وليس في المطار، بدليل انه عندما زار الرئيس سليمان طهران عام 2008، استقبله نائب رئيس الجمهورية الإيرانية في المطار، فيما استقبله الرئيس نجاد في القصر الجمهوري.
وتبعا لغياب الرئيس سليمان عن استقبال المطار غاب رئيس الحكومة سعد الحريري أيضا والذي كان على رأس المستقبلين في القصر الجمهوري في بعبدا، بعد الرئيس سليمان وقد خصه نجاد بالقبلات.
بري لنجاد: كل لبنان متعطش للقائك
وفي صالون الشرف تبادل الرئيس نجاد ورئيس المجلس نبيه بري الكلمات، حيث خاطبه بري قائلا: زيارتكم مهمة جدا للأصدقاء، وباتت أكثر أهمية بسبب أعدائنا.
وتابع قائلا: لبنان، كل لبنان، والجنوب متعطش للقائك.
فرد الرئيس نجاد قائلا: هذا يوم آخر، ونحن في خدمة أحبائنا اللبنانيين.
من المطار الذي تحول الى حصن أمني، استقل الرئيس نجاد سيارة خاصة شبه مكشوفة، استقدمت من طهران، وقد هاله حجم الحشد الجماهيري الذي وفره له حزب الله وحركة أمل من مختلف مناطق الجنوب والبقاع الشمالي والضاحية الجنوبية وقد استُقبل موكبه بالأرز والعطور والورود، على إيقاع النشيد الوطني الإيراني، اضافة الى أغان خاصة بالمناسبة:
يا مرحبا بنجاد.. في معقل الأمجاد..
وأهلا وسهلا بالغد الواعد.. وبلّغ سلامي للسيد القائد.. و«خوش أمديد» أي أهلا وسهلا.. وأحيط طريق المطار بـ «سواتر» عالية من أعلام إيران وحزب الله وصور نجاد وخلفه أرزة لبنان، وشوهدت بعض الصور له مع الرئيس ميشال سليمان الى جانب صور افرادية للإمام موسى الصدر مؤسس أمل.
ومع وصول الموكب الى مفترق محلة برج البراجنة، انتهى الاستقبال الجماهيري، فانطلق بالسرعة الطبيعية الى بعبدا، حيث كان رئيس الجمهورية ميشال سليمان في استقباله والى جانبه رئيس الوزراء سعد الحريري والنواب والوزراء وأركان الدولة. وبعد النشيدين الوطنيين للبلدين، واستعراض حرس الشرف، والسلام على المستقبلين، بدأت المباحثات بخلوة ثنائية، ولم تلبث ان توسعت، جرى فيها بحث العلاقات الثنائية بين البلدين من مختلف جوانبها والوضع في المنطقة والتهديدات الاسرائيلية المستمرة.
وبعدئذ انتقل الرئيسان سليمان ونجاد الى القاعة المخصصة للمؤتمر الصحافي بعد التوقيع على سلسلة اتفاقات في مختلف المجالات.
حيث أكد سليمان «حرص لبنان على العمل لإلزام اسرائيل بالقرار 1701 لاسيما الانسحاب الكامل من جميع الأراضي اللبنانية التي مازالت تحت الاحتلال مع الاحتفاظ بحقنا في استرجاع هذه الأراضي بكل الطرق المشروعة».
سليمان: نؤكد حق إيران في «النووي السلمي»
وشدد سليمان على «حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية مع التأكيد على حق ايران في هذا المجال»، وأيضا على «أهمية التمسك بالحقوق العربية والفلسطينية بما في ذلك استعادة الأراضي المحتلة وتكريس حق العودة ورفض التوطين وبالتالي ضرورة استمرار الجهد الهادف لفرض حل عادل وشامل في الشرق الأوسط في وجه تعنت اسرائيل ورفضها خيار السلام وتماديها في بناء المستوطنات»، كما تطرقت المحادثات الى الارهاب الدولي وضرورة التفريق بينه وبين المقاومة.
وفي الموضوع العراقي اوضح سليمان انه «تم تأكيد الحرص على وحدة العراق وسيادته واستقلاله».
بدوره أعرب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عن «معارضته كل الاعتداءات والخروقات التي تقوم بها اسرائيل»، داعيا الى أن «تحل القضية الفلسطينية على أساس العدالة وأن يعود اللاجئون الفلسطينيون الى بلدهم، لأن هذه الروحية المجرمة للكيان الصهيوني موجودة في الهيمنة والاعتداءات»، ومشددا على «دعمه الكفاح المرير للشعب اللبناني في مواجهته للاعتداءات الصهيونية، ونصر بكل جد واصرار على تحرير الأراضي المحتلة في لبنان وسورية وفلسطين».
واوضح نجاد اننا «نريد لبنان واحدا موحدا متطورا ذا اقتدار ونقف بجانب الحكومة والشعب حتى تحقيق كامل أهداف الشعب اللبناني»، مشيرا الى انه أكد مع سليمان أن لبنان غير معادلات الأعداء في المنطقة وانكفأت لصالح شعوبها، معلنا أن «الشعب الايراني في كل الساحات حتى تحقيق الأهداف العليا اللبنانية سيقف الى جانب الحكومة اللبنانية والى جانب هذا الشعب الآبي والصديق».
واشار نجاد الى انه تم التأكيد أيضا على ان «هناك لا محدودية أبدا أمام تعاوننا الثنائي وتم التوقيع على اتفاقيات ثنائية في شتى المجالات في العلم والاستثمار والطاقة والبيئة والنقل والتعليم العالي»، معربا عن ثقته أن «الاتفاقيات أوجدت فضاء جديدا بناء على المستوى الثنائي من أجل أن نخطو بخطوات ثابتة وأطول هذه الاتفاقيات قد مهدت لندخل مجالات مشتركة وكلا البلدين يعارضان الاحتلال والاعتداءات والجرائم التي يقترفها العدو الصهيوني ومن يدعم هذا الكيان».
واعتبر الرئيس الايراني أن «الشعب اللبناني وكافة الشعوب الأخرى في المنطقة قادرة أن تسيّر أمورها بنفسها وبمقدورها أن تسير علاقاتها مع بعضها البعض على أساس العدالة»، مشيرا الى انها «منطقة ليست بحاجة لتدخلات القوى الأجنبية ونحن اتفقنا مع سليمان على أن نكثف اتصالاتنا كلما أمكن، وسندعم أحدنا الآخر».
غياب مرجعيات سياسية ودينية عن «فطور العمل»
وبعيد المؤتمر الصحافي انتقل الرئيس الايراني الى مقر اقامته في فندق فينيسيا، حسب المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري، حيث التقى شخصيات سياسية لبنانية وعاد لاحقا الى قصر بعبدا، حيث أقام سليمان مأدبة غداء على شرفه بحضور أركان الدولة.
وفي السابعة مساء، كان نجاد ضيف احتفال جماهيري حاشد أقامه له حزب الله وحركة أمل في ملعب «الراية» في الضاحية الجنوبية مساء امس، بحضور الرئيس نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله شخصيا، وليس عبر الشاشة.
وألقى نجاد كلمة في الحشود، ومثله نصرالله.
برنامج اليوم الخميس سيكون حافلا، وسيستهله «بفطور عمل» مع المرجعيات الدينية، والسياسية في مقر اقامته بفندق فينيسيا في الساعة السابعة والنصف من الصباح الباكر.
وقد جرى لاحقا تعديل الدعوة بحيث أضيفت اليها شخصيات سياسية، على غرار ما فعل الرئيس سعد الحريري خلال زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الى دارته في بيروت المعروفة ببيت الوسط.
غير أن معظم الشخصيات السياسية والروحية السنية اعتذرت عن الحضور، بسبب وجود وجوه دينية سنية، محسوبة على حزب الله وعلى ايران، بما افقدها الحيثية التمثيلية.
وأبرز المعتذرين وفق معلومات لـ «الأنباء» مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، ورئيس المحكمة الشرعية السنية العليا الشيخ عبداللطيف دريان. ومن السياسيين اعتذر الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس نجيب ميقاتي والرئيس سليم الحص، والاخير لدواع صحية، ويحتمل حضور الرئيس كرامي.