بيروت ـ زينة طبّارة
رأى القيادي في «تيّار المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش ان زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان استفزت بشكل كبير غالبية المواطنين اللبنانيين، خصوصا انه يرعى عسكريا وماديا ومعنويا «حزب الله» الذي أكد مرارا استعداده للاعتداء على من لا يتماشى مع سياسته من الفرقاء اللبنانيين لحملهم على تبديل سياستهم سواء بالإكراه المعنوي أو بالقوة وبالعنف، معتبرا ان ما سبق يعطي الزيارة طابع الاستفزاز والتحدي، ويجعل من اللبنانيين غير مطمئنين لنتائجها وأبعادها، مشيرا الى انه على الرئيس نجاد احترام مشاعر هذه الفئة من اللبنانيين الرافضة لإقحام لبنان في متاهات التجاذبات الدولية جراء خطاباته العنترية المعتادة، واقحام الدولة اللبنانية في حالة من الحرج الديبلوماسي تجاه المجتمع الدولي.
هذا، ولفت النائب علوش في تصريح لـ «الأنباء» الى ان ما يقال عن استعداد ايران لمساعدة لبنان مازال ضمن دائرة الأوهام وغير مبني على وقائع ملموسة وحسيّة، وذلك لاعتباره ان ايران مستمرة في توريد السلاح الى حزب الله من باب العلاقات الفردية معه أي دون مروره عبر القنوات الشرعية اللبنانية، معتبرا ان الدولة التي تملك نوايا فعلية لمساعدة الدولة اللبنانية لا تبني علاقات فردية مع فئة من مكوناتها بمعزل عن الدولة والقنوات الرسمية الديبلوماسية، مشيرا الى ان عملية تسليح ايران للجيش اللبناني رهن بمدى حاجة قيادة الجيش لنوعية الأسلحة موضوع المساعدة هذا من جهة، ومن جهة ثانية يرى علوش انه على الدولة اللبنانية ان تزن مصالحها الخارجية والداخلية في هذا السياق على ان يبنى بعدها على الشيء مقتضاه.
احترم رؤية المشنوق
على صعيد آخر وردا على سؤال حول دعوة النائب نهاد المشنوق الرئيس الحريري الى الاستقالة من رئاسة الحكومة، أعرب علوش عن احترامه لرؤية النائب المشنوق كونها قائمة على معارضته استباحة قوى 8 آذار لهيبة رئاسة الحكومة، مشيرا في المقابل الى ان الرئيس الحريري وغالبية قوى 14 آذار غير مستعدين لإخلاء الساحة أمام الخيارات الكارثية من جهة وترك البلاد في مهب الفراغ الدستوري من جهة ثانية، مؤكدا انه وبالرغم من تفهم الجميع لوجهة نظر المشنوق القيمة فالرئيس الحريري لن يقدم على خطوة الاستقالة وسيستمر في منصبه الى ان تقول الوسائل المعتمدة ديمقراطيا ودستوريا كلمتها الفصل، مشيرا الى ان وجود الرئيس الحريري على رأس الحكومة هو أحد أوجه صمود قوى 14 آذار في مواجهة المخاطر المحدقة بالبلاد وبالتالي للعبور الى الدولة وتحقيق العدالة.
المحكمة الدولية وراء اقفال طريق الشام
هذا، وفي معرض رده لفت علوش الى ان سبب اقفال طريق دمشق أمام الرئيس الحريري هو المحكمة الدولية وما يتفرّع عنها من ملفات استحدثها وهما فريق 8 آذار الموالي لسورية، معتبرا ان محاولات تغطية هذه الأخيرة لتصرفات الفريق المذكور، وممارسة القيادة السورية «للتقية» والبروباغندا السياسية على مدى السنتين الماضيتين قد تجلت نتائجها عمليا على الأرض من خلال عدم تقدير حجم التنازلات التي أقدم عليها الرئيس الحريري، الأمر الذي إن دل على شيء فهو يدل على ان المحكمة الدولية لاتزال الهمّ الأكبر لدى القيادة السورية ولدى قيادة حزب الله، مع العلم ان ملف المحكمة الدولية كان أحد أبرز نقاط التفاهم بين المملكة العربية السعودية وسورية.
وأكد علوش ان الكرة الآن في ملعب سورية، كون الرئيس الحريري قدم أكثر مما يستطيع تقديمه لإعادة التواصل مع الآخرين سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي وذلك على قاعدة الثقة والاحترام المتبادلين، مشيرا الى انه وعلى ما بدا من هؤلاء ان كل التنازلات التي أبداها الرئيس الحريري لم تف بالغرض، كون المطلوب واحدا وهو التنازل عن المحكمة الدولية وطي ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وهو ما كان قد طالب به اللواء جميل السيد خلال مؤتمره الصحافي الشهير الذي هدد في سياقه رئيس حكومة لبنان وأركان الدولة، مؤكدا ان التنازل عن المحكمة الدولية خط أحمر لن يقدم عليه الرئيس الحريري مهما كان حجم الضغوطات الممارسة ضده.
مصر دولة مركزية
واستهجن علوش مهاجمة البعض زيارة الرئيس الحريري الي جمهورية مصر العربية ولقاءه الرئيس المصري حسني مبارك ووصفهم الزيارة بالاستفزازية، معتبرا ان الرئيس الحريري وانطلاقا من موقعه على رأس الحكومة اللبنانية يتواصل مع جميع الدول العربية كون لبنان معنيا مباشرة بالمسار العربي الواحد، مشيرا الى ان مصر دولة عربية مركزية وعنصر توازن أساسي في لبنان والمنطقة، معتبرا ان انزعاج البعض من زيارة الحريري لمصر لا معنى له وهو يندرج في اطار المناكفات السياسية التي لن تؤدي الى تبديل المعادلة العربية، لافتا ردا على سؤال الى ان مصر تعتبر أحد أطراف المحور المناهض لما يسمى بمحور الممانعة، معتبرا ان موقع مصر المذكور قد يكون هو السبب في مهاجمة البعض للزيارة وتوصيفها بالاستفزازية.
أفق مسدود
وختم علوش مشيرا الى ان أفق الحل مازال مسدودا أمام ما تشهده الساحة السياسية من تجاذبات ومجالات أقل ما يقال فيها انها عقيمة، مؤكدا في المقابل ان الأمور لن تصل الى حد الانفجار الذي يحاول البعض التهويل به كمادة لتطويع الآخرين، وان القرار الظني سيصدر شاء من شاء وأبى من أبى وسيأتي متهما بصورة عادلة قانونية وشفافة كل من يجب اتهامه في عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وان كل التهويلات والتهديدات لن تغيّر من المعادلة القائمة للكشف عن الحقيقة.