بيروت ـ عمر حبنجر
مع انتهاء زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان، انتهت فترة الصمت المحلي حول الملفات الخلافية الساخنة وبات السؤال: الى اي حد سترتفع اصوات المختلفين في مجلس وزراء الاربعاء المقبل عند طرح ملف شهود الزور وتمويل المحكمة الدولية والى ما هنالك من امور مرتبطة بهذه المواضيع البالغة الحساسية؟
«الصوت العالي» كان اسرائيليا امس، وقد تجلى في سلسلة طلعات جوية استطلاعية للطيـــران الحربي الاســـرائيلي فـــوق لبـــنان على خلاف ما كان الوضع الاستطلاعي الاسرائيلي خلال وجود نجاد في لبنان وبالذات الجنوب.
ويتلاقى هذا مع تقرير لجريدة «الاخبار» البيروتية القريبة من سورية وحزب الله والتي وصفت زيارة نجاد الى لبنان بأنها محطة اقليمية وليست محلية، وان سياقها لا يندرج في معالجة الازمة اللبنانية او الدخول في تفاصيلها.
وتقول الصحيفة ان فريق 14 آذار حاول ولم ينجح في اقحام نجاد في الملف الداخلي اللبناني عبر التسويق لمبادرة ايرانية يحضر لها في سورية وتركيا.
ويؤكد الطابع الاقليمي للزيارة اصرار نجاد على زيارة الجنوب وتوجيه الرسائل المباشرة منها الى اسرائيل التي هي الى زوال، والى الغرب الذي يشد خناق العقوبات على النظام الاسلامي في ايران.
وكان نجاد غادر بيروت اول من امس بعد ان ودع الرئيس ميشال سليمان في بعبدا، واستقبل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في دار السفارة الايرانية وتسلم منه بندقية جندي اسرائيلي غنمها مقاتلو الحزب في حرب يوليو 2006 كهدية رمزية.
ضبط المشهد السياسي
ومع الخروج من اجواء الزيارة النجادية، يبدو ان الايام الفاصلة عن موعد مجلس الوزراء الاربعاء ستشهد المزيد من الاتصالات لضبط المشهد السياسي من خلال تفاهم جديد يبعد صاعق التفجير عن الحكومة.
فالمشكلات الداخلية اللبنانية ما كانت يوما مستقلة عن الخارج ومصالحه واعتباراته، وثمة توافق محلي على ان زيارة الرئيس الايراني الى لبنان جسدت الدور الايراني في اللعبة اللبنانية الى جانب سورية والسعودية وبعض العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطن، والسؤال: هل سيكون مثل هذا الدور الملموس مقبولا لدى الاطراف العربية والغربية المعنية بالملعب اللبناني ام بالعكس؟
الجواب عن هذا السؤال يكون بمتابعة ردات الفعل العربية والدولية على الزيارة، وهي لا تبدو حتى الآن مشجعة، خصوصا على مستواها الغربي، فماذا لو اتسعت دائرة التحفظ؟ ماذا ستكون التداعيات على صعيد لبنان؟ فقد اعتبرت الولايات المتحدة ان زيارة نجاد كانت انتهاكا لسيادة لبنان وامن المنطقة وانها هدفت عبر المحطة الجنوبية الى تعزيز الدعم لحزب الله.
اما اسرائيل فقد قال رئيس وزرائها ان لبنان يتحول الى «امتداد لنظام آيات الله في ايران».
خلوة الحريري ومعاون بري
رئيس الحكومة سعد الحريري عقد خلوة مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل على هامش الغداء التكريمي لنجاد اول من امس، وقد اوحى اللقاء بوجود افكار ووجهات نظر قيد التداول، نقلها خليل الى الحريري بتكليف من رئيس مجلس النواب ضمن اطار التواصل بين الحريري وحزب الله.
مصادر حكومية نفت ان يكون الرئيس الايراني قد حمل مبادرة الى الحريري، وقالت: ان اللقاء بين الرجلين تناول وجهات النظر للخروج من الازمة الحالية في لبنان.
من جانبه، النائب وليد جنبلاط مصمم على تثبيت التهدئة المولودة من رحم قمة بيروت الثلاثية بين زعماء لبنان والسعودية وسورية والحؤول دون اي مواجهة سياسية داخل الحكومة، وقد عقد لهذه الغاية اجتماعا للقاء النيابي الديموقراطي ثم اوفد الوزير غازي العريضي الذي يلعب دور ضابط الاتصال بينه وبين دمشق الى العاصمة السورية لاستطلاع التطورات.
وفي حديث لاذاعة «لندن»، قال جنبلاط: ماذا استطيع ان افعل سوى ان اوصي بالهدوء؟
واضاف: المطلوب من الحريري وغيره ان يتفقوا على كيفية اخراج البلد من هذا المأزق كوننا لا نستطيع البقاء ضمن هذا الاصطفاف المذهبي، فالامر اوسع بكثير من القرار الظني، واذا ما توترت الاجواء قال جنبلاط: فهذا يعني اننا ذاهبون الى العرقنة وهذا يخدم بعض السياسة الغربية التي تريد تخريب العلاقات العربية ـ العربية او الاسلامية ـ العربية.
جنبلاط سيعيد تسمية الحريري إذا استقال
وحول ما يتردد عن دفع الحريري الى الاستقالة، قال جنبلاط انه سيعيد تسمية الحريري لرئاسة الحكومة مرة اخرى، وان الحريري يعلم ان لا مفر من وجوده في الحكومة من اجل انقاذ البلاد، لأنه يتمتع بالحكمة والمصداقية والجرأة، وانه يستطيع ان يخرج البلد من الازمة بالتعاون مع الفريق الآخر.
وخلال لقاء قيادات سياسية مع نجاد، قال جنبلاط: اذا ما صدر ما يسمى القرار الاتهامي بعد شهر او بعد ستة اشهر، فإن المحكمة اصبحت في يد الدول الكبرى، اسرائيل واميركا التي تريد تفجير لبنان، لذلك لابد من معالجة هادئة من قبل جميع الفرقاء كي لا نقع جميعا في الفخ المنصوب من اجل اهدار كل انجازات المقاومة والوحدة الوطنية التي كنتم في الاساس كجمهورية اسلامية مع سورية في دعمها.