مع انتهاء زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان، انتهت معها مفاعيل التحذيرات والتوقعات المتشائمة، بعدما أثبتت القيادة الايرانية حرصا كبيرا على مراعاة الخصوصية اللبنانية وعدم احراج لبنان في أي موقف خارج ثوابته الوطنية المنصوص عنها في الدستور.
وبعيدا عن الذي اعلن في بيانات رسمية أو تصاريح علنية، فإن الزيارة الرئاسية الايرانية «أسست لعلاقات وطيدة بين لبنان وايران على كل الصعد، ووضعت اطارا عمليا لتطوير هذه العلاقات بما يعود على لبنان بالفائدة في مناحي مختلفة، كما ان نجاد كان حريصا على انجاح الزيارة وتفويت الفرصة على المراهنين على افشالها وتحويلها الى شبه أزمة، وذلك عبر دعمه المطلق للمرتكزات الثلاثة التي حددها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان خلال المحادثات الثنائية والموسعة لجهة اهمية صياغة الوحدة الوطنية اللبنانية وميثاق العيش المشترك، ودعم الدولة ومؤسساتها، وتعزيز الاستقرار والسلم الاهلي، كأساس واجب لمواجهة المخاطر والمؤامرات التي تسعى لزرع الفتنة بين اللبنانيين وإضعاف قدراتهم الوطنية الرادعة».
ويوضح مصدر واسع الاطلاع ان «الرئيس الايراني عمد الى إشراك رئيس الحكومة سعد الحريري في كل مواضيع البحث وفي أي طرح للتعاون الثنائي تم تداوله خلال جولات المحادثات المتعددة، كما تعمد نجاد إسباغ بعد وطني لبناني جامع على الحفاوة الشعبية والرسمية التي لقيها والوفد المرافق، متحدثا عن علاقات طيبة تربط ايران بالمسيحيين والمسلمين في لبنان والعالم على قدم المساواة، مركزا على المصالح المشتركة التي يقابلها أعداء مشتركون مما يستوجب تعزيزا اكبر للعلاقات الثنائية، خصوصا ان لبنان في الخط الامامي للمواجهة والاسرائيليين اعداء للجميع ولكل شعوب المنطقة ولجميع الطوائف للمسيحيين والسنة والشيعة والدروز، ولا يريدون ان تكون سيادة للشعوب على أراضيها، وكلما تعززت علاقاتنا الثنائية فإن العدو الصهيوني يزداد يأسا وإحباطا، لافتا الى الحجم الكبير للقدرات التي يجب استغلالها بين البلدين مبديا جهوزية ايران لذلك، لأن مصيرنا مشترك ومستقبل المنطقة يجب ان نبنيه بأيدينا».
ويكشف المصدر «ان نجاد قال ذات المضامين في لقاءاته التي عقدها في بعبدا وعين التينة والسراي الكبير ومقر إقامته وأبرز رسالة معبرة أطلقها الرئيس سليمان خلال اكثر من لقاء عقده مع نجاد ثنائيا كان أو موسعا، هي انه ينبغي منع الغلبة في لبنان ما بين الطوائف والمذاهب والاحزاب والاتجاهات السياسية، لأن بلدنا قائم على الحوار الدائم والتساوي في الحقوق والواجبات، واذا حصلت فتنة لا سمح الله في لبنان، فإن اسرائيل ستكون في غاية السعادة والنشوة، خصوصا ان الفتنة لن تأخذ طابعا أمنيا فقط إنما ستضرب الاقتصاد الوطني ونتائجها أخطر من تهديدات وعدوان اسرائيل».
وأوضح المصدر «ان نجاد تبنى بالكامل كلام سليمان، لاسيما المرتكزات الثلاثة التي حددها، مبديا استعداد بلاده لمساعدة الجيش اللبناني في التدريب والعتاد الذي يحتاجه، خصوصا ان الشعب اللبناني قوي ومقاوم وجبهة واحدة ضد العدو الصهيوني وهذه ثروة عظيمة، وفي ظل دعم القوى الكبرى للعدو يجب تعبئة قوانا وقدراتنا للمواجهة والصمود، والوحدة اللبنانية أساس في ذلك، والجميع يجب ان يشارك في بناء لبنان لأن العدو يعادي الاطياف كافة مما يوجب الاتحاد والتعاون لتحقيق الوحدة لمواجهته ومواجهة التحدي الآخر وهو التنمية، لأن العدو يهدف الى عدم تنمية دول المنطقة من هنا فإن ايران مستعدة لتلبية كل احتياجات لبنان في الجانب الدفاعي إذا طلب ذلك».