لعلها من المرات القليلة التي يتفق فيها فريقا 8 و14 آذار على شيء ما في لبنان، فقد أجمع الفريقان على انتقاد الحلقة الأخيرة من برنامج «كلام الناس» التي قدمها مرسيل غانم الخميس الماضي على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال «ال.بي.سي» وحملت عنوان «حرب وأسلحة». وإذا كان العنوان يقول الكثير عما تضمنته الحلقة، فإن كلا الفريقين وعلى عادتهما انتقد الحلقة من منظوره، ففيما شكك فريق 8 آذار في توقيت الحلقة كونها بثت في اليوم الأخير من زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد وعلى اعتاب القرار الظني للمحكمة الدولية، متهما المؤسسة والمقدم بتحويل الحلقة «إلى منبر للتحريض على حزب الله»، بينما وضعها فريق 14 آذار في إطار الرد على القرار الظني الذي صدر في نفس اليوم لصالح «القوات اللبنانية» ضد إدارة القناة.رسميا، أعلن وزير الإعلام طارق متري أنه اتصل برئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بيار الضاهر، «بعد تلقيه مكالمات عديدة تستغرب أو تنتقد ما كان يبثه برنامج كلام الناس». وبحسب الوزير، فإن الضاهر أبدى «تفهمه لردود الفعل وحرصه على تجنب المزيد منها واستعداده لاختصار بث البرنامج».من جانبه، بادر المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع الى الإعلان عن «وضع يده على الملف»، داعيا «جميع وسائل الإعلام إلى التزام القوانين والأنظمة والتصرف بالحس الوطني المسؤول لتحصين الوحدة الوطنية وعدم التورط فيما يثير العصبيات ويفتح الابواب امام الفتن والمؤامرات التي تستهدف البلاد».في المقابل أصدر عضو «كتلة المستقبل» النائب خضر حبيب بيانا استنكر فيه «برامج التشنج والتوتير والتحريض التي أطلت علينا، معيدة نكء الجراح وفتح الهواء لمن لا يمثلون الناس على الأرض ليشتموا ويحرضوا ويهددوا علنا بالجهوزية لزعزعة الأمن والاستقرار والتبشير بمعارك مقبلة، ما أثار ذعرا وخوفا في صفوف المواطنين. المواقف الشعبية عارية: هم يريدون مهاجمتنا، ونحن نتسلح لندافع عن أنفسنا».
مواجهات قانونية
من جهته، عقد النائب جورج عدوان مؤتمرا صحافيا أمس الأول تحدث فيه عن القرار الظني في دعوى «القوات اللبنانية» على «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، مشيرا إلى أن القضية «تدور كلها حول نقطة واحدة وحيدة اسمها ملكية ال.بي.سي»، وعدد عدوان «وقائع» تثبت ملكية القوات للمؤسسة، «بشهادة الراحل أنطوان شويري وأقرباء بيار الضاهر»، الذي «لم يتمكن من إبراز دليل على أنه اشترى المؤسسة من د.سمير جعجع عام 1992»، لأن «لكل عملية بيع ثمنا».
أما الفريق الآخر، فيستعد لمواجهة قانونية تستند في جانب منها الى قراءة سياسية من النوع الذي يرتبط بكون الجهة المدعية على صلة سياسية بالحكم، أي ان وزير العدل ابراهيم نجار هو ممثل القوات داخل الحكومة، وأنه مارس الضغط لتسريع عمل قاضي التحقيق، وان الأخير متهم من الجهة المدعى عليها بأنه ليس حياديا.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس مجلس إدارة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» بيار الضاهر أن رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع قد باعه القناة، مفضلا عبر «السفير» ولدعم كلامه، العودة الى مضمون القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق في بيروت فادي عنيسي، ويتضمن في صفحته الثامنة إقرارا بذلك من خلال شهادة انطوان الشويري.وكان مقررا ان يعاد بث الحلقة التي اعدها الاعلامي المحترف مرسيل غانم يوم الجمعة، لكن ما ان شرع في اعادة بثها حتى توقفت بناء على اتصال مع رئيس مجلس الادارة بيار الضاهر الذي نفى في اتصالات صحافية واعلامية معه ان يكون شاهد الحلقة او ان تكون ردا على القرار الظني الذي اوصى باعادة المحطة الى القوات اللبنانية، اما مرسيل غانم فتقول «السفير» انه لم يكن متاحا له الرد على الاتصالات المستفسرة.الضاهر ابدى للوزير متري تفهمه لردود الفعل وحرصه على تجنب المزيد، وهكذا كان.
ماذا دار في الحلقة الفتنة؟
الحلقة التي بثت اثناء وجود الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في لبنان استهلها مرسيل غانم بالاستئذان من زيارة احمدي نجاد، ثم اضاف: لكن الاسئلة تقض المضاجع، هل الحرب على الابواب ومن سيكون ضد من؟ ما خطوط التماس الجديدة؟ هل الحديث عن التسليح والتدريب مبالغ به ام مجرد اشاعات ام حقيقة اكدها بعض السياسيين ونشرت في الاعلام فيما رئيس الجمهورية والمراجع الامنية ينفون؟، في الصالونات حديث عن اسعار السلاح من الخفيف الى المتوسط قبل ان يسأل: ألا تكفي ترسانة حزب الله حتى نزيد على السلاح سلاحا؟
واعتبر ان الحلقة هي جرس انذار وانها ستعرض جولة على النقاط الساخنة او «يلي ممكن تسخن» التي تقرر انها جبل محسن وباب التبانة وطريق الجديدة والشياح ـ عين الرمانة.واذاعت الحلقة تقريرا بعنوان «لماذا فضلت ام فؤاد اسرائيل على لبنان؟» استضاف والدة احد قتلى 7 مايو التي اكدت ان ما حصل لابنها جعلها تفضل العيش في اسرائيل، واستضافت فقرة «اين نجد السلاح؟» روبير عواد وهو قيادي سابق في القوات اللبنانية ويشغل حاليا رئاسة احدى البلديات الذي دخل الاستديو مسلحا برشاشات ومسدسات شارحا من وكيف يتم شراء وبيع السلاح في لبنان وحمل غانم سلاحا «لتبيان كيفية استخدامه».
اما الضيف المميز للحلقة فكان المفتي محمد علي الجوزو الذي قال ان الشيعة «كانوا في الماضي يقفون معنا في قضايانا، واليوم يدعون انهم يقاومون اسرائيل والدفاع عن القضية الفلسطينية، وسبق للثورة الفلسطينية ان طردت من لبنان من قبل الشيعة وغيرهم».
الجماعة الإسلامية: تحريض على الفتنة
من جهتها، اعتبرت الجماعة الاسلامية في بيان ان حلقة كلام الناس ليل الخميس الجمعة الماضي تضمنت اثارة واضحة للنعرات الطائفية والمذهبية، وتحريضا صريحا على الفتنة الداخلية، وتشجيعا على اقتناء واستخدام السلاح بهدف اخافة اللبنانيين من بعضهم وتقويض اسس الاستقرار، وتشويها متعمدا لتاريخ وحاضر مدينة طرابلس العريق، التي عرفت بالتزامها التاريخي بقضايا الامة والوطن في مخالفة واضحة لمبدأ الحريات العامة في لبنان.