بيروت ـ عمر حبنجر
المراوحة مستمرة، وكذلك التهدئة المستوردة من دمشق والرياض بالحجم الكافي لتغطية مرحلة ما قبل صدور قرار الاتهام بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وغيره من الشهداء، مع الأمل بإمكانية تمددها الى ما بعد صدور هذا القرار، حيث سيكون الوضع اللبناني بحاجة الى تهدئة اوسع نطاقا وافعل تأثيرا.
على ان المساعي مستمرة على المستوى السياسي اللبناني، وتتسارع وتيرتها بشكل لافت، بأمل الوصول الى المخرج القانوني لملف شهود الزور، ضمن إطار المحافظة على العدالة والاستقرار في لبنان، لكن زخم الاتصالات مرتبط بعودة الرئيس ميشال سليمان من سويسرا والذي غادر إليها أمس للمشاركة لقمة الفرانكفونية وهذا ما عبر عنه النائب وليد جنبلاط بالقول: الأمور راوح مكانك.
جنبلاط متخوف من الارباك السياسي الحاصل ومتخوف اكثر من ان تؤدي كثرة الطباخين العرب والغربيين الى حرق طبخة المحكمة الدولية، وملف شهود الزور، المطروح بمواجهتها.
سليمان يحضّر لجولة مشاورات
ولهذا قرر الرئيس ميشال سليمان اجراء مشاورات سياسية واسعة النطاق اعتبارا من مطلع الاسبوع المقبل، في محاولة رئاسية لجمع الاضداد على قاسم مشترك في موضوع ملف شهود الزور السريع الاشتعال.
وبحسب صحيفة السفير فإن الرئيس سليمان كلف فريقا من الخبراء القانونيين دراسة ملف شهود الزور، وبلورة مخرج وطرحه على مجلس الوزراء، لكن هذا الفريق ايضا قدم عدة وجهات نظر ولم يصل الى رأي مشترك.
ويشكل هذا القول، حالة دقته رغبة رئاسية في عدم الالتزام بمطالعة وزير العدل ابراهيم نجار الذي افتى بعدم قانونية طرح حزب الله إحالة هذا الملف على المجلس العدلي، او حتى ملاحقة شهود زور بقضية لم تقترن بحكم قضائي.
النائب وليد جنبلاط قال من جهته، ردا على سؤال حول مفاعيل القمة السعودية ـ السورية وانعكاسها على الخلاف في مجلس الوزراء، اننا مازلنا نراوح مكاننا بانتظار بعض التطورات الجديدة.
وقال جنبلاط انه سيلتقي الرئيس نبيه بري، الذي كان قابل الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي لمعرفة الى اين وصلنا والى اين نحن ذاهبون.
من جانبه رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع جدد امس رفضه التخلي عن المحكمة الدولية، وقال بعد لقائه وفد حزب الطاشناق، ان المجلس العدلي صلاحياته محصورة بالمواد 270 و336 من قانون العقوبات، ولا اجتهاد في معرض النص، مبينا «شهود الزور» مرتبطين بالمادة 408 من قانون العقوبات. وفي كل تاريخ الجمهورية اللبنانية لم يسبق ان تحول شاهد زور قبل المحاكمة والأحكام، أما الشهادات المشكوك بصدقيتها لا تحول الى المجلس العدلي في اي بلد، بل الى المحاكم العادية.
بدوره، السفير السعودي علي عواض العسيري اوضح امس ان الجولة التي يقوم بها على المسؤولين اللبنانيين تهدف الى خلق التوافق بين الاخوة في لبنان.
واضاف: ان التواصل قائم على الجميع وان القلوب مفتوحة للجميع دون استثناء متمنيا الخير للبنان والاستقرار والسعادة والتوافق بين اللبنانيين.
الوزير فنيش: واشنطن لا تريد الحقيقة
من جانبه، رد الوزير محمد فنيش (حزب الله) منتقدا السياسات الاميركية، وقال: ان واشنطن ليست حريصة على كشف الحقيقة والعدالة، بل هي حريصة على تأمين الحماية لمن ترى فيهم فائدة لمشروعها وفي مقدمتهم اسرائيل.
واضاف: ان الرد يكون بالتمسك الجدي والحقيقي والوحدة الوطنية لقطع الطريق على التوظيف السياسي الاميركي للمحكمة الدولية.
اما نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم فقد اعلن ان فتح ملف شهود الزور له الاولوية لتحصين الداخل من العبث الدولي والافتراءات.
وشدد قاسم على ان الاستقواء بالخارج لا ينفع وان الحل يبدأ من لبنان ومن تعاون الاوساط المعنية، وختم بالقول نحن مستعدون لكل ما من شأنه ان يمنع الكأس المرة عن بلدنا.
من جانبه، اعتبر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض أن «أول تداعيات صدور القرار الظني ستكون أزمة حكم أو أزمة سلطة»، لافتا الى أن «الأكثرية لم تعد أكثرية لا على المستوى الشعبي ولا على المستوى السياسي»، ومؤكدا أن «المعارضة تملك كل القدرة لمواجهة القرار الاتهامي مؤسساتيا».
فياض، وفي حديث لـ «nbn»، وحول المعلومات التي تقول إن رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيطلب إحالة ملف شهود الزور الى القضاء العادي لحل الأزمة، قال: «اذا كان رأيه «هيك» فرأي المعارضة «غير هيك»، ورأى من جهة أخرى أن «الدعوة الى التهدئة من قبل الفريق الآخر هي خطة برغماتية غير بناءة وسلبية في سياق انتظار القرار وهذه المقاربة خطرة ومكشوفة»، مؤكدا في هذا السياق أن «الفريق الآخر يلجأ الى التهدئة لتمرير الوقت الى حين صدور القرار الاتهامي، أما نحن فنطالب بالتهدئة من أجل الاستقرار الذي نعتبره مهددا بهذا القرار».
وأشار فياض الى أن «لبنان يعني للأميركيين فقط القرار الاتهامي، أما غير ذلك فليس له أي أهمية». وحول إمكانية حصول لقاء بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، قال فياض: «حزب الله على استعداد للاستجابة مع أي مسعى إذا كان يفضي إلى نتيجة، ومن الناحية المبدئية لا يمانع بعقد لقاء مثل هذا لكن بشرط أن يشكل خطوة الى الأمام أو يفتح نافذة حل فعلية». ورأى فياض أن «من يهدد الاستقرار هو الذي يسيس الاتهام ويضعه في سياق عملية توتير الأجواء غير قابل للضبط»، معتبرا أن «كل أشكال التوتير في الشارع ستوظف ضدنا لذلك ليس لدينا مصلحة في ذلك».