بيروت ـ عمر حبنجر
نقطة ساخنة جديدة ظهرت في سطر الأزمات اللبنانية المفتعلة والسريعة التفاعل على طريق المحكمة الدولية الخاصة منذ اتجهت عقارب الشبهة الى عناصر في حزب الله وهي الاشتباك الذي حصل بين محققين دوليين في عيادة طبية في الضاحية الجنوب من قبل نساء قيل انهن ينتمين الى حزب الله وهو ما قد يشكل اختبارا تجريبيا لما بعده، وهو في اي حال يمثل اول مواجهة مباشرة وذات طابع عنفي مع لجنة التحقيق الدولية، التي كانت بصدد البحث في عيادة الدكتورة ايمان شرارة عن عناوين لبعض المرتبطين بالتحقيق ربما في الجريمة التي هزت كيان لبنان.
هذا الحادث اظهر الى العلن حقيقة الصراع حول المحكمة الدولية، طارحا اكثر من علامة استفهام في المضمون والتوقيت وهو ما تناوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته التلفزيونية عبر «المنار» مساء امس بشكل مفصل مؤكدا على انعدام الثقة بهذه المحكمة، وبصورة مطلقة انطلاقا من اداء وسلوك لجنة التحقيق الدولية.
وكان الحزب ابتعد عن المشهد لساعات عدة ووصف إعلامه الحادث بالانتهاك الدولي للخصوصيات.
احتمال دعوة مجلس الأمن
لكن المحكمة الدولية استبقت ردود الفعل كافة، وقالت عن الحادث انه محاولة لإعاقة العدالة مؤكدة أن العنف لن يردع المحكمة عن مواصلة عملها، متحدثة عن تقرير سيرفع الى الحكومة اللبنانية والامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي ادان ما حصل وتحدث عن ضرورة نزع السلاح غير الشرعي في لبنان وضمنه سلاح حزب الله، ونقل عنه احتمال دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد واتخاذ موقف حازم حيال ما يحصل في لبنان، او ربما اكتفى بإثارة هذا الأمر خلال انعقاد المجلس لمناقشة قرار «مون» حول تنفيذ القرار 1559 في لبنان، وتحديدا من زاوية نزع اسلحة الميليشيات ووقف تهريب الاسلحة الى لبنان، وإلزام سورية بواجباتها حيال لبنان.
وبري ينتقد إدارة التحقيق
في غضون ذلك انتقد رئيس مجلس النواب نبيه بري من باريس إدارة التحقيقات في اغتيال الرئيس الحريري، وذلك عقب لقائه رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي.
وتوج بري زيارته الى باريس امس بلقاء الرئيس نيكولا ساركوزي الذي ابلاغه وجهة النظر الأوروبية والاميركية الداعمة بالمطلق للمحكمة الدولية.
مطلوب مبادرة لمسح الديون
وفي لقاء حاشد للبنانيين المقيمين في فرنسا، اقامه السفير بطرس عساكر دعا بري الى اطلاق مبادرة دولية عربية لمسح ديون لبنان البالغة 53 مليار دولار و«الا فإن الوقائع الاقتصادية ستظل تضغط على لبنان وتفتح ابوابا لأموال تشغيلية لتغذية الارهاب والجريمة المنظمة وتبييض الاموال».
وقال بري ان عجز الموازنة اللبنانية يوازي 3 مليارات دولار في السنة، اما عجز الميزان التجاري فهو الأعلى في العالم حيث يبلغ 37% بينما أعلى النسب العالمية بعد اليابان وزيمبابوي لا تتجاوز 24%.
واشار الى ان هذا العجز يغطى بتحويلات المغتربين والمستثمرين والمساعدات.
لا تقاتل على خطوط التماس
وأخيرا أكد بري الذي التقى الرئيس ساركوزي امس في نهاية زيارته إلى فرنسا أنه رغم التوترات السياسية من ان لبنان لن يعود الى الوراء ولا إلى التقاتل على خطوط التماس.
وأعلن بري بعد لقائه الرئيس الفرنسي ان الأجواء والنتائج كانت ممتازة، مشيرا الى ان هناك نية للرئيس الفرنسي لزيارة لبنان.
كما أوضحت مصادر الوفد المرافق لرئيس المجلس النيابي نبيه بري في زيارته لفرنسا أن الأخير أبلغ الموقف اللبناني للمسؤولين الفرنسيين الذين التقاهم ونقل المخاوف الفعلية للبنانيين من جميع أطيافهم ومشاربهم للفرنسيين.
المصادر كشفت لموقع النشرة الالكتروني أن بري أكد للمسؤولين لاسيما للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان فرنسا يجب أن تدعم خارطة طريق لبنانية لترسيخ السلام في لبنان.
مصادر الوفد المرافق أشارت أيضا إلى أن بري نجح في تحقيق خرق في الموقف اللبناني بالجدار الدولي لاسيما ان فرنسا لديها الثقل الاوروبي والدولي الكبيرين اللذين يمكن ان يساعدا لبنان في تحقيق كل ما يصب في مصلحته.
مصادر أخرى أشارت إلى وجود بعض المخاوف لدى الجانب الفرنسي لكنها لفتت إلى أن هذه المخاوف ذللت بعدما استمعوا لرئيس المجلس النيابي الذي شرح بوضوح حقيقة الموقف اللبناني بجميع أبعاده.
من جهته، نائب رئيس المجلس فريد مكاري اعتبر ان التعرض للدوليين خطير ويندرج في إطار الحرب الشاملة التي يشنها فريق 8 آذار على المحكمة الدولية ويشكل استهدافا للشرعية.
14 آذار: اعتداء موصوف
ومثله الامانة العامة لقوى 14 آذار التي دانت حادثة العيادة النسائية ووصفتها بالاعتداء الموصوف على الشرعية الدولية وقراراتها، وخصوصا القرارين 1757 و1701.
وقال منسق أمانة 14 آذار فارس سعيد ان هذا العمل يذكرنا بـ «فرقة الاهالي» التي تعتدي على اليونيفيل في الجنوب.
وتوقف البيان أمام «اصرار قوى 8 آذار المحلية والاقليمية على الغاء المحكمة الدولية او تعطيلها او خلق محكمة موازية لقضية بديلة او موازية» بهدف الاستدراج للفتن.
ولم تستغرب هذه الامانة العامة حملة العماد عون على مرحلة الرئيس رفيق الحريري بطلب من معلميه المحليين والاقليميين.
حزب الله ينفي علاقته
في غضون ذلك باشر القضاء العسكري التحقيق في التعرض للمحققين الدوليين في الضاحية الجنوبية أثناء زيارتهم لعيادة الطبيبة النسائية إيمان شرارة.
وأظهرت التحقيقات ان عيادة شرارة كانت تحت المراقبة الحزبية قبيل وصول المحققين الأسترالي والفرنسي، ان هؤلاء المراقبين هم من أعطوا الاشارة الى عدد من الحافلات التي كانت تقل النسوة المهاجمات الى المكان. الا ان حزب الله، وكما جاء في بيان أذاعته قناة «المنار» قال ان المشكلة حصلت على خلفية انزعاج النسوة اللواتي كن ينتظرن أدوارهن للمعاينة، خصوصا ان الزمن الذي أمضاه المحققان في العيادة حال دون معاينة حالة طارئة مما ازعج المنتظرات.
د.شرارة فوجئت بالنسوة
لكن د.شرارة أكدت ان المحققين كانا يريدان عناوين وأرقام هواتف بعض مريضاتها وعددهن نحو 17 مريضة، لأسباب لا تعرفها، وانها أجرت المراجعات النقابية والقانونية اللازمة، فلم يمانع بذلك أحد. وفي معلومات «الأنباء» ان الأسماء التي طلبها المحققان للنساء وردت اسمائهن او اسماء رجالهن في التحقيقات الواسعة التي أجرتها اللجنة الدولية باغتيال الحريري.
مصدر قضائي: عمل مدبر
وقال مصدر قضائي ان هذه القضية أحيلت الى القضاء العسكري، بسبب استهداف عسكريين كانوا برفقة المحققين الدوليين وقد سلبت هواتفهم الخليوية، وان الحادث عمل مدبر وخطير ومحضر له سلفا، خصوصا الاستيلاء على حقيبة المحققين التي تحتوي على وثائق ومعلومات سرية يجب ان تبقى ملكا للتحقيق دون سواه. الى ذلك، اعلن وزير العدل اللبناني ابراهيم نجار ان الدولة اللبنانية ملزمة بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بينها وبين المحكمة الدولية ومكتب المدعي العام الدولي دانيال بلمار، كما انها ملزمة بحماية فريق المحققين الدوليين الموجود في لبنان وتسهيل مهمتهم.