بيروت ـ عمر حبنجر
القراءات الأولية لدعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله المسؤولين والمواطنين في لبنان الى مقاطعة المحكمة الدولية والتحقيق الدولي في قضية اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري، بدأت تتفاعل سياسيا، البعض قرأ فيها ما يشبه البلاغ رقم واحد لمرحلة جديدة اكثر سخونة وحدة، فهي المرة الأولى التي يطلق فيها زعيم حزب الله دعوة حاسمة لمقاطعة المحكمة الدولية، ومن يتعاون معها، ومعلوم ان من يتعاون مع هذه المحكمة هي الدولة باجهزتها القضائية والأمنية والعسكرية، فضلا عن الشهود الذين يدلون بافادات امام لجنة التحقيق.
والسؤال الكبير هنا، هل سيطرح وزراء حزب الله هذا الموقف على طاولة مجلس الوزراء والمطالبة بتبنيه؟
من المؤكد ان ذلك سيؤدي الى حالة اشتباك سياسي كبير، قد يودي بحكومة الوحدة الوطنية.
لكن الدول المعنية بالأزمة اللبنانية بما فيها سورية، وبالذات الرئيس بشار الاسد اكدت على استمرار هذه الحكومة الآن وعلى رأسها سعد الحريري، امام هذا الموقف الصعب ثمة من يستنتج خيارا من اثنين، اما ان يصر وزراء الحزب على انتزاع مقاطعة المحكمة من مجلس الوزراء الملتزم بالتعاون معها، ومعنى ذلك انهيار الحكومة، واما تجنب مثل هذه المواجهة بصرف النظر عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في هذه المرحلة وحتى يقضي الله امرا كان مفعولا.
العلاقات بين دمشق وطهران
هذا التطور طرح سؤالا آخر مزدوجا على الاوساط السياسية اللبنانية: هل معنى خطاب نصر الله ان العلاقة بين دمشق وطهران تعاني من وهن معين منذ زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى بيروت، دون المرور بالبوابة السورية، ام ان طهران اصيبت بجرح نتيجة التفاهم السوري – السعودي على علاته؟ وثمة سؤال ثالث: هل بات الوضع في العراق اسوأ مما نتصوره في لبنان؟ من المبكر الحصول على اجابات وافية حيال اسئلة بهذه الابعاد، لكن قد تصبح الاجابة ممكنة بعد الاجتماع الثلاثي لسفيري سورية وايران في بيروت، يوم الثلاثاء المقبل علي عبدالكريم علي وغضنفر ركن أبادي لينضم اليهما سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري، الذي خصص امس لجولة على قيادات طرابلس والشمال السياسية والدينية، شملت رئيس الحكومة السابق عمر كرامي والوزير محمد الصفدي والنائب سمير الجسر.
في معلومات موثوقة لـ «الأنباء» ان المعطيات المتوافرة على الصفحة التالية من سيناريو مواجهة الحزب للمحكمة الدولية، تلحظ استمرار التهدئة المدعومة ثلاثيا من سورية والسعودية وايران حتى نهاية عطلة عيد الاضحى المبارك.
في هذا الوقت تكون لجنة «الخمسة زائد واحد» قد عرضت مع ايران آخر تقديماتها للدول الست، وبالتالي للمجتمع الدولي، حول ملفها النووي، فاما التفاهم واما وضع العقوبات الاضافية موقع التنفيذ.
وتكون بعثات الحج قد عادت من الأرض المقدسة وبينها عناصر لحزب الله، علما ان الحزب اصدر تعميما حظر فيه على نحو مائة من كادراته القيادية المغادرة الى الحج هذا الموسم، والغى سفر بعثة الحج التي تمثله عادة الى مكة.
مصادر هذه المعلومات تؤكد رغم ذلك أن ما سيحدث بعيد عيد الاضحى مرتبط الى حد بعيد بأمرين: قرار الاتهام الموحي بانه سيتناول عناصر من حزب الله متورطة بالجريمة ونتائج المباحثات بين طهران وبين الدول الاوروبية في مجموعة الدول الست على ان هذه المعلومات تستبعد لجوء الحزب او اي من قوى المعارضة الى العنف، على غرار ما حصل في السابع من مايو 2008 لان في ذلك سقطة للجميع، وانما ستقتصر الأمور على الاعتصامات وربما العصيان المدني بهدف شل الدولة.
المحكمة تندد بدعوة نصر الله
وفيما نددت المحكمة الدولية والمعنية الأولى بدعوة نصر الله الى مقاطعة محققيها وبتلك الدعوة التي وصفتها بأنها «محاولة مقصودة لإعاقة العدالة»، أعلن رئيس تيار «التوحيد» الوزير الأسبق وئام وهاب ان «كل مسؤول يتعامل مع المحكمة الدولية سنعتبره اسرائيليا»، لافتا في مداخلة عبر تلفزيون «المنار» الى ان «حزب الله بحاجة الى ضمانات من العصابة التي تستعمل المجتمع الدولي لضرب حزب الله»، معتبرا ان قرار عدم التعاون مع المحكمة الدولية ولجنة التحقيق يجب ان يكون موضع تنفيذ فوري قائلا ان كل من لا ينفذ ما طلبه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعدم التعاون مع لجنة التحقيق الدولية «سندعسه بالصرماية».