بين التهدئة والانفجار: سمع زوار دمشق من مسؤولين سوريين ما مفاده بأن ليس على أحد أن يتوقع منها ـ متى صدر القرار الظني من غير أن يستدركه موقف وطني لبناني برفضه ـ أن تكون وسيطا أو يتكل على دورها من أجل حمل حلفائها، خصوصا حزب الله، على التسليم به. ذاك هو الخيط الرفيع الذي ألمح الرئيس السوري إليه، عندما ميز بين التهدئة والانفجار، في معرض آلامه عن خطورة القرار الظني، وفي معرض حديثه عن دور الحريري الرجل الأنسب في هذه المرحلة الصعبة.
محاولات جنبلاطية: يحاول النائب وليد جنبلاط جاهدا أخذ سعد الحريري إلى سورية وأخذ حلفاء سورية إلى سعد الحريري، وهو مقتنع بأن هذه هي الطريقة الوحيدة لتشجيعه على السير بالخيارات التي تنقذ الموقف المتأزم، وفي رأيه أن استمرار القنوات المفتوحة بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري وبينه غير كاف، لأنه «أنا والرئيس بري واحد ولابد من التواصل المباشر بين السيد حسن نصرالله والحريري».
كسر الجليد الكتائبي ـ الإيراني: التقى الرئيس أمين الجميل منسق أمانة 14 آذار النائب السابق فارس سعيد في مأدبة عشاء أقامها النائب نديم الجميل على شرف رئيس حكومة بلجيكا السابق في دارته في بكفيا، بعد يومين من زيارة الجميل الى السفارة الايرانية ومن بيان الأمانة العامة الذي حمل على زيارة نجاد لأنها زيارة قائد الى احدى قواعده. ولم يرحب الجميل ببيان الأمانة العامة، بل أكد الانفتاح على الآخر انطلاقا من سياسة الحوار والتواصل التي تعتمدها الكتائب ورفض سياسة الانغلاق. ولم يكن للقاء كما يفترض ان يكون بين حليفين، وغادرا من دون أي اتفاق مما حمل أحد المشاركين السياسيين على القول ان الاتفاق بين قوى 14 آذار تشوبه شوائب عدة ولم يعد كما كان وان التباعد قائم بين مكوناتها.
وفيما أبدت مصادر في 14 آذار استغرابها لما سمته «اندفاع» الرئيس الجميل في حوار مع ايران على الرغم من التحفظات السياسية التي أبداها رئيس الكتائب واركان حزبه على ما رافق زيارة الرئيس نجاد لبيروت، قالت مصادر كتائبية ان رئيس الحزب لا يغرد خارج سرب الأكثرية ولا يتمايز عن فرقائها، وان كان من حق الحزب ان يمارس «حقه الطبيعي» في العمل السياسي، لافتة الى ان الدعوة التي تلقاها الجميل لزيارة ايران لم تكن «دعوة يتيمة» بل سبقتها دعوات الى رئيس الحكومة، ولي الدم، سعد الحريري لزيارة طهران، والى قيادات سياسية ورسمية أخرى، وبالتالي فإن تلبية هذه الدعوات من الرئيس الحريري أو الرئيس الجميل لا تعني مطلقا خروجا عن قناعات الأكثرية وخياراتها، بل هي مناسبة لشرح وجهات النظر والاستماع الى ما هو مضاد لها، في محاولة لإقامة تواصل ولو محدود، يبقى أفضل من التباعد العميق.
ولا تخفي مصادر متابعة للحوار الايراني الكتائبي المتجدد أهمية «كسر الجليد» في العلاقة بين الطرفين المرتكز على علاقة بين الدولتين اللبنانية والايرانية، على أمل ان ينسحب ذلك على علاقة مع «الدولة» السورية من خلال «الدولة» اللبنانية ومؤسساتها الشرعية والدستورية التي إن حصلت فهي تصحح واقعا شابه الخلل لسنوات وآن الأوان لتصحيحه.
عصي في عجلات البارود: وصف أحد القادة السياسيين الوزير زياد بارود بأنه رافعة العهد وانه الشخصية السياسية الأكثر شعبية. ويقول ان هذه المواصفات بقدر ما هي ايجابية لصالح بارود فانها بالقدر ذاته سلبية عليه، خصوصا من قبل بعض الغيورين من الانجازات التي حققها في الحقل العام.
ويضيف هذا السياسي ان بارود يدفع الآن ضريبة النجاح الذي حققه في وزارته، لذلك يكشف أحد السياسيين عن محاولات لوضع العصي في عجلة بارود والعمل على تعثر الخطوات التي يقوم بها، وقد لمس بارود الخطة التي تستهدفه والتي يشارك فيها سياسيون من 14 و8 آذار وكأنهم اتحدوا على محاربته، الأمر الذي حمله على الاعراب أمام أحد المسؤولين عن رغبته في الاستقالة مما حمل الأخير على ثنيه والتأكيد على وقوفه الى جانبه في كل ما يقوم به، واعدا أن يتخذ كل ما من شأنه ان يثني البعض عن المضي في خططهم لـ «تطفيش الأوادم».