بيروت ـ عمر حبنجر
السباق على أشده بين مساعي التهدئة الهادفة الى اجتراح الحلول وبين تلويح بعض القوى بإحباط المحكمة الدولية بكل الوسائل الممكنة.
مساعي التهدئة تتحرك عبر ثلاث قنوات: الاجتماع الثلاثي لسفراء السعودية وسورية وإيران غدا الثلاثاء فجلسة مجلس الوزراء المرتقبة يوم الاربعاء، حيث يفترض ان تتابع فيها مناقشة موضوع «شهود الزور» بناء لإصرار المعارضة، بالإضافة إلى ما تعرض له المحققون الدوليون في العيادة الطبية في الضاحية الجنوبية، بناء على رغبة وزراء 14 آذار.
أما القناة الثالثة فتتمثل في انعقاد هيئة الحوار الوطني يوم الخميس المقبل والتي يفترض فيها حال انعقادها، التطرق الى مختلف التطورات الحاصلة، بعيدا عن جدول اعمالها المعروف والذي يتناول حصرا موضوع السلاح الحزبي، والاستراتيجية الدفاعية الوطنية.
وثمة قناة تهدئة اقليمية رابعة تتمثل في زيارة يقوم بها المستشار السياسي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهو نجله الأمير عبدالعزيز الى دمشق ناقلا رسالة الى الرئيس بشار الأسد تتناول الوضع في لبنان والعراق.
بالمقابل ثمة توجهات من قبل قوى المعارضة الحاملة على المحكمة الدولية ومتمماتها للنيل من هذه المحكمة الـ «غير دستورية» بحسب رأيها عبر تأجيج الحملة من أجل فرض موضوع شهود الزور كحالة قضائية موازية لحالة المحكمة الدولية، عبر التأكيد والاصرار على الرئيس سعد الحريري بأن يفاضل بين الاثنين، المحكمة أو الاستقرار، فيما هو وحلفاؤه خارج هذه الصورة تماما، وعلى تمسكهم الحاسم بالمحكمة، ولو اقتضى الأمر تجميد الحراك الحكومي، ريثما يصدر القرار الاتهامي الذي سيبين الابيض من الاسود ويضع النقاط على الحروف.
وسيلقى رئيس الحكومة اللبنانية الذي كان بضيافة الكويت امس، سلسلة جرعات من الدعم المحلي من فريقه، ابرزها الرسالة المفتوحة التي ستوجهها عشرات الشخصيات السياسية والاجتماعية والاعلامية الـ 14 آذارية الى الرئيس ميشال سليمان عشية الانعقاد الجديد لطاولة الحوار الوطني في القصر الجمهوري، والتي ستطالبه بمناقشة وضع سلاح حزب الله، ثم هناك مجلس المطارنة الموارنة الذي ينعقد في أول اربعاء من أول شهر، والذي سيتابع عبره البطريرك نصر الله صفير الحملة التي بدأها منذ عودته من الفاتيكان ضد سلاح حزب الله وضد اهدافه المضمرة للمستقبل.
وفي هذا السياق جاءت المكالمة الهاتفية التي اجراها الرئيس الاميركي باراك اوباما مع خادم الحرمين والتي اعطى فيها الدعم الكامل للرئيس سعد الحريري وللمحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
بري يستقبل عسيري
وفي اطار المساعي الحميدة يستقبل الرئيس نبيه بري اليوم السفير السعودي علي عواض العسيري، بعدما كان استقبل السفيرين السوري علي عبدالكريم والايراني غضنفر ابادي.
عسيري قال أمس ان القيادة السعودية تتابع كل ما يجري في لبنان بكل دقة وحرص، واعرب بعد لقائه النائب خالد ضاهر عن رغبة بلاده في درء الفتن عن لبنان المتميز بالتنوع والمختلف عن غيره من البلدان العربية، ودعا اللبنانيين الى المحافظة على هذا التميز الراقي الحضاري، متمنيا ان تكون قوة لبنان بأبنائه وبايمان ابنائه به بعد الله سبحانه وتعالى، وبوحدتهم الوطنية، وان ما يتمناه خادم الحرمين الشريفين، هو ان يرى كل الطوائف والمذاهب اللبنانية صفا واحدا قويا لتحصين لبنان من اي شر، وضد كل من يريد اضعاف هذا الكيان.
وفي مجال آخر امل السفير السوري في لبنان علي عبدالكريم الا يكون لاسرائيل وقادتها ورؤساء اركانها واجهزتها الامنية مجال للتفاخر بأنهم دخلوا على وسائل الاتصالات في هذا البلد العزيز الغالي، من اجل النيل من صموده ومقاومته التي صنعت مجدا للبنان والعرب ولكل احرار العالم.
خط أحمر
بدوره حزب الله رأى ان المشهد العام في الداخل يسير «على وقع حركة ومشاورات سفراء ايران وسورية والسعودية» الذين سيجتمعون يوم غد.
وقالت اذاعة النور الناطقة بلسان الحزب انه بعد الخط الاحمر الذي وضعه السيد حسن نصرالله يوم الخميس الماضي حول وقف التعاطي مع لجنة التحقيق الدولية، فان رئيس الجمهورية ميشال سليمان لايزال يبحث عن مخارج وافكار ممكنة لمشكلة شهود الزور التي ستكون البند الاول على جدول اعمال مجلس الوزراء المفترض انعقاده بعد غد، حيث ينتظر ان يحسم خيار احالة هذه المشكلة الى المجلس العدلي حتى لو اقتضى الامر اللجوء الى التصويت في مجلس الوزراء.
الحريري هدد بالانسحاب
وعلى صعيد السجال القائم حول المحكمة الدولية قال مصدر في تيار المستقبل ان اي معركة ضد المحكمة ستكون خاسرة، وانه مهما اشتدت الضغوط على فريق 14 آذار وتيار المستقبل وعلى رئيس الحكومة سعد الحريري فانه لن يكون هناك اي تراجع عن المضي في دعم المحكمة وتحقيق العدالة وكشف مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكل الشهداء بمعزل عن التهويل أو التهديد او التخيير بين المحكمة والاستقرار لان المطلوب الاثنان معا.
تهديد بالانسحاب
وقال المصدر لـ «الأنباء» ان قوى 14 آذار واضحة في التزامها بنصوص القوانين والقرارات ولا مساومات ولا تسويات او تدوير زوايا كالعادة.
وكشف المصدر ان الرئيس سعد الحريري ابلغ رئيس الجمهورية بانه سينسحب من اي جلسة لمجلس الوزراء، اذا ما اصر وزراء حزب الله وحلفاؤهم على التصويت لحسم ملف المحكمة.
بدوره رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية انضم بعد فترة تريث الى حملة المعارضة على المحكمة الدولية، معلنا عدم ثقته بهذه المحكمة ومشيرا الى ان ما تطلبه يصل من دون شك الى اسرائيل، ومثمنا موقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من المحكمة ومن «شهود الزور».
تراجع مواقف
فرنجية دعا الحكومة اللبنانية الى اتخاذ قرار تعلن فيه ان المحكمة مسيسة ومرفوضة، واذ اعتبر ان القضاء اللبناني يأخذ أوامره من السياسيين، لفت الى ان القاضي سعيد ميرزا مدعي عام التمييز يأخذ اوامره من رئيس الحكومة سعد الحريري.
وعن الموقف الاخير للبطريرك صفير من حزب الله، لفت فرنجية الى انه عندما زار البطريرك صفير قبل شهرين، كان محبطا لانه اخذ مواقف ضد المقاومة وضد سورية، في حين ان كل الذين حرضوه ذهبوا لاقامة علاقة مع سورية، لكن اليوم عاد الأميركيون الى رفع وتيرة الخطاب، معربا عن اسفه لان وجهة نظر صفير تمثل وجهة نظر فريق من المسيحيين ولا تمثل وجهة نظر الفريق الآخر.