- تصاعد الهجمة على الرئيس الحريري لن يوصل إلى نتيجة وإذا استقال فسيكلّف بتأليف الحكومة وإذا استحال التأليف يكون الفراغ
- اعتدنا على مواقف عون غير الإيجابية وأستبعد أن يلجأ حزب الله إلى العنف لأنه سيحصد سيئاته دون حسنة واحدة
- لا أساس إطلاقاً لما يسمى بملف «شهود الزور» ولم أوافق على تصريحات الحريري حول هؤلاء
بيروت ـ عدنان الراشد وعمر حبنجر
صعوبة الوصول الى «معراب» تبددها دماثة حديث «الحكيم» وجلال سكون المكان، الى جانب المشهد المدهش لساحل كسروان المتلألئ، من هذا المرتفع الطبيعي الحصين. الإجراءات الأمنية، شديدة، لكنها ليست خارج المألوف في بلد تعتريه الهواجس والكوابيس وحيال قيادي كالدكتور سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية، الذي يصر على السباحة في مجرى السيادة والاستقلال، إضافة الى كل العناوين البارزة لقوى 14 آذار. الوقوف على القمة أصعب من الوصول إليها، وسمير جعجع الذي عاش صعوبات الوصول الى الصف الأول في نادي الزعامات المسيحية، في السياسة وعلى الأرض، يسعى للبقاء، حيث وصل، مستندا الى الخيارات التاريخية للمسيحيين، حول الحرية والسيادة والاستقلال، والتي هي خيارات اللبنانيين الذين وقعوا ذات يوم على نهائية الوطن اللبناني، مستبقا هذا التوجه لقيادة القوات بإعلانه الاعتذار ممن يعتقد ان القوات أخطأت إليه، وعنده ان الشجاعة ليست ان تقول ما تعتقده، بل الشجاعة كما يراها أرسطو، ان تعتقد بكل ما تقوله. وإلى جانب المسحة الإيمانية التي تجعله الأقرب بين القيادات المسيحية الى خط البطريرك الماروني الجسور، نصرالله صفير، يحتفظ جعجع المستهدف من كل حدب وصوب، بأرضية قوة يحسب لها خصومة المحليون كل حساب، وينطبق عليه هنا المثل الصيني القائل: لتكن قوسك مهيأة، لكن أجل إطلاق السهم ومع ان مثل هذه «الأرضية» موجودة وقائمة لدى معظم الأطياف اللبنانية، فإن خصوم جعجع لا يرونها إلا عنده، وخصوصا منهم العماد ميشال عون الذي بينه وبين جعجع ما صنع الحداد، منذ العام 1987. بيد انه درءا للانطباعات الخاطئة، بادر الى دعوة الجيش والقوى الأمنية الى الانتشار في كل المناطق، وخصوصا المناطق المسيحية، لأنه جزء من 14 آذار، و14 آذار هي الحاملة للواء الدولة والمؤسسات. في حواره مع «الأنباء» تناول جعجع شتى الاهتمامات اللبنانية الآنية والمقبلة، وكانت البداية لقاء السفراء السعودي والسوري والإيراني، بعيدا عن الإعلام في منزل السفير السوري في اليرزة، حيث قال انه ليس مقتنعا بكل هذا الحراك، لأن أزمتنا الراهنة داخلية، ولسنا في حالة حرب إلا مع إسرائيل، أما الفريق اللبناني الآخر فحساباته إقليمية كبيرة تبدأ من إيران ولا تنتهي بالمتوسط». وعن زيارة الرئيس بشار الأسد الى الرياض ولقائه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أكد جعجع انها لم تكن ناجحة كثيرا، وان الاجتماع الثلاثي للسفراء، يقف وراءه الاخوة السعوديون بهدف إبقاء التواصل مع السوريين والإيرانيين لحثهم على ضبط جماعتهم وتدنيهم عن استعمال العنف في لبنان. وأشار جعجع ردا على سؤال الى اجتماع مسيحي عريض لكل من يؤمن بخط بكركي التاريخي، سيخرج بوثيقة سياسية في السياق نفسه لقوى 14 آذار. وحول موقف العماد ميشال عون من إلغاء جلسة مجلس الوزراء، ورفضه حضور طاولة الحوار ما لم يبت في ملف شهود الزور، قال جعجع: اعتدنا على أفكار عون غير المبشرة بالإيجابية، وإذا أردنا العودة الى الواقع فلا وجود أساسا لما يسمى بملف شهودالزور. وعن الحملة التي تستهدف الرئيس الحريري قال: انها لن تصل الى نتيجة، وهي تهدف الى حمله على تغيير موقفه من المحكمة الدولية، وأنا أؤكد ان مهما تصاعدت موجة الهجمات على الرئيس الحريري فهي لن تصل الى نتيجة. جعجع اعتبر الحديث عن وجود أصوليين في طرابلس من باب الدعاية ليس أكثر، ويرمي الى غاية ما في نفس يعقوب. وفيما يلي تفاصيل الحوار الشامل مع رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية د.سمير جعجع:
على ما يبدو ان اجتماع السفراء الثلاثة السعودي والسوري والإيراني تم بعيدا عن الأضواء، واللافت ان مشاركة السفير الايراني في هذا اللقاء أوحت بخلق ترويكا سعودية – سورية – إيرانية، كيف ينظر د.جعجع الى هذا المشهد الجديد؟
بالرغم مما نبديه من احترام للهيئات غير اللبنانية أيا كانت فأنا لست مقتنعا بكل هذا الحراك من قبلها، لأن أزمتنا في الوقت الحالي أزمة داخلية كوننا لسنا في حالة حرب الا مع اسرائيل، وبالتالي كل هذا الحراك لن يؤدي الى أي مكان، وإذا كان هناك من شيء مطلوب من هذه الدول التي هي على علاقة مع تنظيمات مسلحة داخل لبنان، فهو ألا تسمح لتلك التنظيمات باستعمال العنف في هذا البلد، ماعدا ذلك، أي اجتماع ثنائي أو ثلاثي أو اتصالات على مستوى إقليمي أو دولي لن تؤدي الى أي نتيجة لأن مواقف الأطراف محددة، وعلى سبيل المثال فإن موقفنا من جميع الأمور المطروحة واضح جدا ونابع من عدة اعتبارات وطنية متعلقة بنا، وقد سمعت عن الاجتماع المذكور، وأنا على اتصال مستمر مع السفير السعودي علي العسيري الذي تتمنى بلاده للبنان وشعبه كل خير ولا تتأخر في دعمه عند كل استحقاق على جميع المستويات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية دون ان تسمح لنفسها بالتدخل في الحياة السياسية اللبنانية الداخلية.
من الواضح ان هذا الاجتماع لتهدئة الأمور؟
ربما يعمل الطرف الآخر على تهدئة الأمور، لأننا من جهتنا نحن هادئون أساسا، والفارق بيننا ان تحركاتنا كقوى 14 آذار متعلقة بالحسابات الداخلية فقط، أما تحركات الفريق الآخر (8 آذار) فقائمة على حسابات اقليمية كبيرة تبدأ من إيران ولا تنتهي بالمتوسط، من هنا نؤكد انه إذا كانت هناك من إفادة لهذا الاجتماع فهي ان توعز الأطراف الداعمة للتنظيمات المسلحة في لبنان الى هذه الأخيرة بعدم اللجوء الى استعمال العنف في الداخل اللبناني.
ألا يمكن ان يكون هذا الاجتماع احدى نتائج الاتصالات بين الرئيس الايراني أحمدي نجاد والملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز وكذلك نتيجة لزيارة الرئيس الأسد الخاطفة الى الرياض؟
بحسب معلوماتي فإن الزيارة الخاطفة للرئيس الأسد لم تكن ناجحة جدا، وعلى ما اعتقد فإن الاجتماع الثلاثي يقف وراءه الاخوة السعوديون والهدف منه البقاء على التواصل مع السوريين والإيرانيين لحثهم على ضبط جماعاتهم لثنيهم عن استعمال العنف في لبنان.
الخط السياسي التاريخي للمسيحيين
هناك كلام عن وثيقة سياسية لمسيحيي قوى 14 آذار سيتم الإعلان عنها بمباركة غبطة البطريرك صفير ما مدى صحة هذا الكلام وما مضمونها؟
قوى 14 آذار جسم متكامل يعمل بدقة وتناسق فيما بين أعضائه في المواجهة الوطنية الكبرى الحالية، أما فيما يتعلق ببكركي فهناك اجتماع مسيحي عريض لكل من يؤمن بخط بكركي التاريخي سيخرج بوثيقة سياسية في السياق نفسه لقوى 14 آذار.
يعني قرنة شهوان جديدة؟
طبعا لا، بوجود قوى «14 آذار»، انما هو كناية عن تظهير من جديد للخط السياسي التاريخي للمسيحيين في لبنان، وطبعا ان أفضل تظهير له يكون من خلال اجتماع كبير في بكركي.
ألا يفسر هذا اللقاء بنوع من التمايز عن قوى 14 آذار مجتمعة؟
لن يكون هناك أي تجمّع جديد أو هيئات جديدة متفرعة عن قوى «14 آذار».
متى سيُعلن عن الوثيقة؟
قريبا جدا خلال الأيام القليلة المقبلة.
طروحات عون ورأس المحكمة
صرح العماد عون قبل الغاء جلسة مجلس الوزراء بـ«ان لم يُبت ملف شهود الزور في مجلس الوزراء فلن يكون هناك من اجتماع لهيئة الحوار».
اعتدنا على أفكار وطروحات العماد عون غير المبشّرة بالإيجابيات التي تريح المواطنين وتطمئنهم لحاضرهم ومستقبلهم. أما إذا أردنا العودة الى الواقع، فلا وجود أساسا لما يسمى بملف شهود الزور، لأنه بالمنطق المبسّط لا يمكن تحديد شاهد الزور قبل صدور القرار الاتهامي إن لم نقل قبل صدور الأحكام، والسؤال في هذا الإطار هو بماذا نستطيع مقارنة الشهادات المزورة قبل صدور القرار الاتهامي؟ يحاول الفريق الآخر تغييب بعض الواقعات وعلى سبيل المثال لاحظ المحققون سنة 2006 ان شهادة المدعو ابراهيم ميشال جرجورة مشكوك بصدقيتها فأحالوه الى التحقيق وتبين انه شاهد زور حقيقي وأدخل السجن لمدة 3 سنوات، إذن الطريقة الواجب اتباعها في التعاطي مع الشهادات المشكوك بصدقيتها قد اتبعت أصلا تبعا للمنطق القانوني. لا أحد يستطيع تحديد شهادات الزور سوى المحققين وليس الأطراف السياسية لمجرد إصرارها على وجودهم، وبمعنى آخر انه اذا لم تتوافر المصداقية في شهادة الشاهد محمد زهير الصديق فإن المحققين لن يأخذوا بشهادته وبالتالي عدم الأخذ بشهادة من هو مشكوك بشهادته ينفي وجود شهود الزور أصلا. نظريا ما يجب فعله في هذا الملف إن وجد، هو ما جاء في مطالعة وزير العدل البروفيسور ابراهيم نجار التي تقدم بها الى مجلس الوزراء، جل ما في الأمر ان الفريق الآخر يريد إسقاط المحكمة الدولية، لذلك فإن ما حصل في الضاحية الأسبوع الماضي حصل في سياق منع التحقيق من الاستمرار، مع الاشارة الى ان تطرقهم الى ملف الاتصالات كان بهدف استعماله للتصدي للقرار الظني، وأتساءل هنا ما علاقة ملف الاتصالات بملف شهود الزور؟ يحاولون إيجاد حجج واهية بينما المطلوب واحد: رأس المحكمة الدولية.
الحملة على الحريري لن تصل إلى نتيجة
الرئيس الحريري يتعرض لهجمات تعدت المستوى الأخلاقي من قبل البعض، برأيك ما خلفية تلك الهجمات عليه؟
الهجمات السياسية والإعلامية على الرئيس الحريري تأتي في سياق الضغوطات المستمرة عليه في محاولة لحثه على تغيير موقفه من المحكمة الدولية ولحمله على قول ما يريدون هم قوله حولها بوصفها بالمسيسة والمتلاعب بها من قبل الأميركيين والإسرائيليين، وان أي قرار اتهامي سيصدر عنها سيكون بالتالي مسيسا. أؤكد انه مهما تصاعدت وعنفت تلك الموجات الهجومية على الرئيس الحريري فهي لن تصل الى أي نتيجة وتحت أي ظرف من الظروف.
لا جهاديين في طرابلس
يحكى عن وجود جهاديين في طرابلس وهو ما يقلق الجهات السورية بحسب ما تم التداول به أخيرا؟
اعتبر ان الكلام عن وجود جهاديين في لبنان وتحديدا في طرابلس هو من باب الدعاية ليس أكثر، ولو كان هناك فعلا جهاديون في طرابلس لبان وجودهم فعليا على الأرض، هذا عدا عن ان أجهزة الأمن اللبنانية كمديرية المخابرات وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة موجودة وتعمل على مكافحتهم، وان أي أحد يتم الاشتباه بانتمائه اليهم يخضع للتحقيق مباشرة ويبقى بعدها تحت المراقبة، لذلك اعتقد ان ما يقال في هذا الإطار غير صحيح ويرمي في الوسطين الإعلامي والسياسي لغاية ما في نفس يعقوب.
وماذا عما أدلى به السفير جوني عبدو بأن سورية تتحضر للدخول الى طرابلس لحماية أمنها من الجهاديين؟
السفير عبدو تحدث عن خطة سورية للتدخل في طرابلس تحت ذريعة وجود جهاديين ذوي ملامح عربية فيها، وفي الواقع ليس هناك من وجود جهادي في طرابلس وبفرض انهم موجودون فلماذا لا تعطي سورية أسماءهم الى مديرية المخابرات في الجيش التي لن تتهاون في توقيفهم بدلا من ان تتكبد مشقة الدخول الى طرابلس تحت عنوان حماية نفسها من التطرف والأصولية؟
أنا أعتقد ان الوجود الجهادي في طرابلس والشمال انتهى مع انهاء ظاهرة «فتح الإسلام» على أيدي الجيش والقوى الأمنية.
هل هذه الذرائع تشير الى ان سورية لم تقتنع بعد بأنها لن تعود الى لبنان؟
تصرفات البعض في سورية منذ سنة وحتى اليوم، خصوصا بعد الجهود الكبيرة التي بذلها الرئيسان سليمان والحريري تبين انهم غير مقتنعين بعلاقات سوية بين لبنان وسورية، وانهم يفضلون البقاء على علاقات تقوم بين النظام السوري من جهة وعدة فرقاء في لبنان، بمعنى انه لا يجوز من وجهة نظرهم أن تقوم دولة قوية في لبنان كونهم مقتنعين بأنه لا مبرر لوجود تلك الدولة، لاعتبارهم ان لبنان كيان اصطناعي أوجدته اتفاقية «سايكس بيكو» ويجب بالتالي تصحيح ما يعتبرونه خطأ تاريخيا من خلال عمل جغرافي أقله في الوقت الحالي، من المؤكد انه مع تفكير مماثل للسوريين لن نستطيع الوصول الى أي مكان.
سليمان وقهوجي والحساسية الأمنية
أقحم اسم د.جعجع في سيناريو الدخول السوري الى طرابلس بأن الجيش سيتدخل في كسروان لمنعك من السيطرة عليها أمنيا؟
مخيلة السوريين واسعة وكبيرة، فنحن من يطالب يوميا بأن يتسلم الجيش وقوى الأمن الشرعية الأمن في كل المناطق اللبنانية وخصوصا في المناطق المسيحية، واعتبر ان هذه المعلومات شبيهة بالمعلومات التي أعطيت منذ سنتين لقوى الأمن عن وجود مقبرة جماعية في حالات، انها معلومات ترمى في الاوساط الاعلامية والشعبية في سياق الاستهداف السياسي للقوات اللبنانية.
الرئيس سليمان وقائد الجيش تعهدا للبطريرك صفير ولكم ولكل القيادات المسيحية بأن أي انتشار غير شرعي في المناطق المسيحية سيتصدى له الجيش؟
في الواقع لم يحدثني أي منهما في هذا الموضوع انما ما أستطيع تأكيده في هذا الاطار هو ان الرئيس سليمان والعماد قهوجي لديهما حساسية عالية تجاه الموضوع الأمني وانه مهما كان الرئيس سليمان وسطيا في مواقفه ويحاول اصلاح ذات البين بين الاطراف السياسية، فهو لن يسمح لأي فريق لبناني بأن يهاجم فريقا لبنانيا آخرا أيا يكن هذا الفريق.
لكن في 7 مايو 2008 لم يتصد الجيش لمن هاجم بيروت والجبل؟
في 7 مايو كان الوضع مختلفا تماما عن الوضع الحالي، اذ لم يكن آنذاك للبنان رئيس، وكانت الحكومة بوضع مختلف عن وضعها اليوم، أنا متأكد ان الرئيس سليمان ورئيس الحكومة وقائد الجيش لن يسمحوا لأحد بالتلاعب بالأمن الداخلي أقله في المناطق التي تتواجد فيها الشرعية اللبنانية، أما عملية التلاعب بالأمن في المناطق الخارجة عن سيطرة القوى الشرعية فهي موجودة منذ ثلاثين سنة وهي ليست شيئا جديدا غير مألوف.
العودة إلى ما قبل 2005
منذ فترة تكلمت عن شعور يراودك بأن هناك انقلابا يتحضر في الأفق ضد الدولة اللبنانية فهل مازال لديك الشعور نفسه؟
ليس انقلابا بقدر ما هو محاولة لإعادة الامور الى ما كانت عليه قبل العام 2005، ومازلت عند رأيي بهذا الأمر.
السيد نصرالله يقول ان «حزب الله» لم يعد يحتمل ما يجري، وان القوى الحاكمة أوصلته الى هنا دون تحديد المكان الذي وصل اليه. هل هذا الكلام يعني انه قد يقدم على سحب وزراء المعارضة من الحكومة، مما يؤدي الى سقوطها، وهل لديه هذه الامكانية في ظل الاوضاع الاقليمية الراهنة؟
من حق المعارضة أن تقوم بأي عمل دستوري، ونحن مستعدون بكل ما للكلمة من معنى لتقبل نتائج أي خطوة دستورية تخطوها المعارضة ومن خلفها «حزب الله» في هذا الاتجاه، فإذا استطاعوا تأمين استقالة 11 وزيرا من الحكومة فعلينا حينها الاعتراف بدستورية خيارهم، كما سنعترف بحقهم الدستوري فيما لو استطاعوا بعدها تأمين الاغلبية في المجلس النيابي لتكليف غير الرئيس سعد الحريري، علما ان تأمينهم للاغلبية غير وارد لأنه عمليا غير موجود.
إسقاط الحكومة يقود إلى الفراغ
لكن من يحاول اسقاط الحكومة في ظل الحساسية الحالية هل يملك الرغبة أساسا في تشكيل بديل عنها؟
في الواقع من يحاول اسقاط الحكومة في ظل الاوضاع الراهنة يعني انه يتطلع الى أن يكون لبنان بدون حكومة لأنه من الناحية العملية اسقاط الحكومة سيأخذ لبنان الى الفراغ الدستوري على المستوى الوزاري، خصوصا ان الجميع يعلم ان ما يتعلق بإعادة تكليف الرئيس الحريري هو أمر مفروغ منه ولا أحد يستطيع تخطيه، وانما في المقابل سيكون الرئيس الحريري أمام المستحيل لجهة استطاعته تأليف التركيبة الوزارية، وبالتالي فإن من يُقدم على اسقاط الحكومة الحالية يتعمد وقوع لبنان في الفراغ الحكومي.
ماذا تتوقع أن تكون ردود فعل «حزب الله» حيال ما يواجهه ضد المحكمة الدولية والقرار الاتهامي؟
اعتقد ان حزب الله لم يتخذ القرار بعد في كيفية مواجهة صعوبات المرحلة الحالية، وبتقديري ان «حزب الله» لن يلجأ الى استعمال العنف على المدى المنظور، لأنه لن يحصد من لجوئه الى العنف سوى السيئات ولن يتسنى له قطف حسنة واحدة من فعلته، لذلك نرى ان «حزب الله» متريث في اتخاذ أي قرار عنفي وسيبقى متريثا حتى إشعار آخر، ولنفرض ان «حزب الله» نزل على الارض فلن يستطيع تغيير أي شيء في مسار الامور، بل سيثبت على نفسه الصبغة التي يحاول تجنبها من خلال نفيه لأي قرار اتهامي. أعتقد ان كل ما سيحدث هو الاستمرار في التهويل لتشكيل الضغط المطلوب على الرئيس الحريري وليس أكثر من ذلك.
لكن يقال في الاوساط الشيعية انه بعد عيد الاضحى المبارك سيعتمد الحزب لغة أخرى أسوأ من اللغة الحالية، لاسيما أنه ألغى سفر البعثة الرسمية و150 شخصا من كوادره الى الحج؟
لا أرى على المدى المنظور أي تبديل في الواقع اللبناني الحالي والامور ستراوح مكانها، وأعتقد انه من الممكن ان تكون الخطة التي وضعها حزب الله لمواجهة القرار الاتهامي هي رفضه تسليم أي شخص قد يشير اليه القرار الاتهامي وبالتالي سيستمر بالتصويب على مصداقية المحكمة الدولية، وفي هذه الحالة ستجرى المحاكمات غيابيا، مع استنباط المزيد من الحجج الواهية حول شهود الزور والاتصالات والادلة التي تقدم بها السيد نصرالله.
لا تفاهم سعودياً ـ سورياً في لبنان
أين التفاهم السوري ـ السعودي في ظل ما يحدث من تشنجات بين فريقي 8 و14 آذار؟
التفاهم السوري ـ السعودي غير موجود وإنما هناك مجرد قنوات اتصال، كان هناك محاولة لترسيخ تفاهم بين المملكة السعودية وسورية وأنجزت بعض التفاهمات على بعض الخطوات التكتيكية كتلك المتمثلة بزيارة الملك عبدالله والرئيس الاسد الى لبنان وبعدها أقفلت محاولات التفاهم على أثر تأييد السوريين للمالكي على المستوى العراقي، وفي لبنان موضوع المحكمة الدولية أدى الى ذهاب كل من المملكة العربية السعودية وسورية باتجاهين مختلفين.
برأيك الى أي مدى تفهم الرئيس الاسد وجهة نظر 14 آذار التي نقلها اليه الرئيس الحريري؟
برأيي ان الرئيس الاسد تصرف مع المبادرة وكأنه يريد اجتذاب الرئيس الحريري اليه وليس التعاطي معه على أنه رئيس حكومة لبنان، وبالتالي لم تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر.
يعني لا علاقات مميزة مع سورية على المدى المنظور؟
للاسف كما هو ظاهر اليوم، فلا علاقات مميزة قد تنشأ في الوقت القريب لأن السوريين لا ينظرون الى لبنان كدولة وانما كمجموعة فرقاء فقط. ومن وجهة نظري يجب الاستمرار في هذا المسعى لأن مصلحة البلدين تكمن في اقامة العلاقات الطبيعية بينهما.
لم يتباحث معك الرئيس سعد الحريري عن امكانية زيارتك سورية؟
لم يفاتحني الرئيس سعد الحريري في موضوع مماثل وكل البحث كان منذ البداية حول ذهابه هو الى سورية، شخصيا كنت داعما لفكرة زيارته سورية لأنه لا بأس في طرح وجهة نظر قوى 14 آذار هناك وهذا ما حصل. كان لابد من القيام بهذه التجربة والرئيس الحريري قام بها نيابة عن كامل فريق 14 آذار، وبالتالي ليس هناك من مجال للتخصيص.
ألم يحاول السفير السوري الاتصال بك؟
باستثناء الدعوة التي وجهتها السفارة السورية، كما تفعل باقي السفارات، الى «القوات اللبنانية» للمشاركة باحتفال العيد الوطني السوري، وتلبية نائبين ووزيرين من «القوات» الدعوة للاحتفال، لم يحدث أي اتصال بيننا.