- التأجيل يسيطر .. والحوار محشور بين عيد الاستقلال و«شهود الزور»
بيروت ـ عمر حبنجر ـ داود رمال
يبدو ان استراتيجية التأجيل ستكون الملاذ والمرتجى في هذه المرحلة اللبنانية الصعبة تبعا لتعذر الحلول المعقدة فمن تأجيل جلسة مجلس الوزراء يوم امس الأول على خلفية تغييب ملف شهود الزور الى تمرير جلسة الحوار الوطني في القصر الجمهوري بغياب اقطاب المعارضة على وعد اجتماع آخر قريب لهذه الهيئة لا يتجاوز يوم 22 الجاري الذي يصادف يوم استقلال لبنان مشروطة من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يقاطع مع المقاطعين، بتسبيق اجتماع لمجلس الوزراء يحسم فيه موضوع شهود الزور.
إلى ذلك حدد البطريرك الماروني نصر الله صفير اليوم الجمعة موعدا للاجتماع المسيحي العريض الذي كشف عنه رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع لـ «الأنباء» في الحوار الذي أجرته معه.
وعلمت «الأنباء» ان العديد من الشخصيات المسيحية البارزة ستحضر هذا المؤتمر الذي ستصدر عنه وثيقة سياسية مهمة.
وبالعودة إلى جلسة الحوار المنقوصة فقد غاب عنها معظم ممثلي المعارضة وهم النواب: ميشال عون، محمد رعد، سليمان فرنجية، اسعد حردان وطلال ارسلان فيما حضر من خط المعارضة الرئيس نبيه بري بوصفه احد دعاة الحوار ولإبلاغ وجهة نظر المعارضة في المواضيع المطروحة، أما النائبان وليد جنبلاط وأغوب بقرادونيان فقد غابا بداعي السفر.
واستهل الرئيس ميشال سليمان الجلسة بمداخلة عارضا المستجدات منذ جلسة الحوار الحادية عشرة التي انعقدت في المقر الصيفي لرئيس الجمهورية في بيت الدين في الشوف وما استجد محليا واقليميا مذاك.
المعارضة متضامنة مع جنبلاط
وسبق افتتاح الجلسة خلوة بين الرئيس سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري العائد من اغادير المغربية حيث عاد ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وعند وصوله انضم اليهما الرئيس نبيه بري الذي بادر مستغربا لكثرة الاعلاميين فرد هؤلاء سائليه عما اذا كان يمثل المعارضة الغائبة عن هذه الجلسة فأجاب: المعارضة متضامنة مع وليد جنبلاط.
بدوره، الرئيس الحريري وقبل دخوله القاعة سئل: هل ستكون نصف جلسة؟ فأجاب: بل جلسة كاملة.. ومن لم يحضر فهو خاسر.
أما رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، فقد سئل عن غياب العماد ميشال عون فأجاب متكل علي وأنا قدها وقدود.
تأجيل مؤقت
وبعد جلسة استمرت ساعة صدر بيان عن المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية يعلن رفع الجلسة الى موعد لا يتجاوز 22 نوفمبر الجاري تخصص لمتابعة مناقشة موضوع الاستراتيجية الوطنية الدفاعية.
وعلمت «الأنباء» ان التداول جرى حول موعد يسبق عيد الاستقلال الوطني في 22 نوفمبر ويلي عيد الاضحى المبارك حيث تعطل الدولة ثلاثة ايام متتالية.
ولم تستبعد المصادر المتابعة تمرير جلسة الحوار هذه قبل الأضحى اذا سمحت مواعيد الرؤساء في ضوء اصرار المعارضة التي تحدث عنها الرئيس بري على ان يسبق اي جلسة حوار جلسة لمجلس الوزراء يجري فيها حسم الموقف القضائي من قضية شهود الزور، وهذا ما يضائل التفاؤل بانعقاد حواري قريبا.
الرئيس سعد الحريري وتعليقا على غياب المعارضة قال بعد لقائه الرئيس سليمان ان الحوار هو الأساس في البلد، ومن المؤسف أن يتغيب البعض عن جلسة هيئة الحوار الوطني لأنها حوار بين كل الأطراف ونحن نتحاور حول استراتيجية دفاعية، ونحن منذ البداية نقول اننا نواجه تحديا كبيرا وهو التهديدات الاسرائيلية واليوم ماذا نقول للإسرائيليين؟ انه حتى هيئة الحوار لا تجتمع على موضوع بتلك الأهمية وهو الاستراتيجية الدفاعية، هذا أمر مؤسف وسلبي.
رئيس الجمهورية كان واضحا في الكلام الذي قاله حيث سيحدد موعدا جديدا يجب على كل اعضاء هيئة الحوار ان يشاركوا فيه وعدم ربط الامور ببعضها لأن الاستراتيجية الدفاعية شيء والتهديدات الاسرائيلية ضد لبنان شيء، والامور الاخرى التي تناقشها في مجلس الوزراء امر آخر، محاولة تبسيط الامور هي جريمة ضد الوطن بكل ما للكلمة من معنى ويجب عدم المزايدة على بعضنا البعض في بعض الامور وخاصة فيما يتعلق بهيئة الحوار، التي بدأ بها الرئيس بري منذ العام 2006، لأنه كان يرى بوجوب الحوار بين اللبنانيين، وشاهدنا ماذا حصل بالبلد عندما انقطع الحوار، نحن نريد ان يستمر الحوار لمصلحة كل اللبنانيين.
من جهته، اعتبر الرئيس امين الجميل ان المعارضة تمثلت بالرئيس بري وان الجو كان ايجابيا ولم ندخل في التفاصيل لا لشهود الزور ولا سواهم، هيئة الحوار هي هيئة جامعة للمؤسسات وملاذ لكل اللبنانيين ومقاطعة الحوار شيء غير طبيعي.
واضاف: طمأننا الرئيسان سليمان وبري الى ان الامور غير مقطوعة ولنعتبر ان هذا الاجتماع تأجل ريثما تكتمل الاتصالات اللازمة ثم نعود للاجتماع بمعزل عن كل القضايا التطبيقية التي يحاول البعض وضعها على طاولة الحوار وهي ليست من صلاحياتها.
وردا على سؤال، نفى ان يكون الرئيس بري قد عرض نقل ملف المحكمة وشهود الزور الى طاولة الحوار، وقال: لم ندخل في اي تفاصيل ابدا، انما بحثنا في ضرورة استمرارية الحوار.
الربط بين «شهود الزور» والحوار
من ناحيته، لفت عضو كتلة المستقبل النيابية النائب هادي حبيش الى ان مناقشة سلاح حزب الله ليست لالغائه ورميه في البحر، انما للاستفادة منه تحت مظلة الدولة اللبنانية وامرتها، مضيفا: ما نطلبه هو ان يتواضع حزب الله ويصبح كباقي الشعب اللبناني في الحقوق والواجبات، فالمسيحيون كان لديهم سلاح في الماضي وتواضعوا وسلموا سلاحهم للدولة وقبلوا باتفاق الطائف وكذلك الدروز والسنة. وفي حديث الى قناة «الجديد»، شدد حبيش على وجوب الانتباه خصوصا من قبل الذين يدعون الى تعديل طاولة الحوار من تحولها لتحل مكان المجلس النيابي ومجلس الوزراء. واضاف: لا يجوز ربط طاولة الحوار بجلسة مجلس الوزراء حول ملف شهود الزور، فاذا كان هناك من قضية ما في مجلس الوزراء فلتتم المناكفة داخل المجلس، وترك طاولة الحوار تعمل.
بيد ان المنحى التصعيدي للمعارضة الذي تمثل في مقاطعة جلسة الحوار اثار المخاوف من ان تطال عمل المؤسسات الدستورية من دون اغفال التحركات الميدانية التي دأبت بعض اطراف المعارضة على التلويح بها، علما ان قنوات الاتصال بقيت مفتوحة على الصعيد الديبلوماسي، العربي والاقليمي، وكذلك على الصعيد المحلي. وفيما يشتد الخلاف الداخلي حول القرار الاتهامي قبل صدوره، نفى مكتب رئيس المحكمة الدولية انطونيو كاسيزي ان يكون توقع صدور القرار الشهر المقبل، وقال ان كاسيزي تحدث عن صدور القرار متى اصبح جاهزا.
في تلك الاثناء، التقى رئيس مجلس النواب، سفيرة الولايات المتحدة نورا كونيللي اول من امس، وقالت صحيفة «السفير» ان بري انتقد خلال اللقاء سياسات الولايات المتحدة تجاه المنطقة، خصوصا فيما خص المحكمة الدولية وقرار الاتهام، متوقفا عند الكرم الاميركي على المحكمة ما دفع السفيرة كونيللي الى مخاطبته بالقول: لقد جئت اليك بريئة وها انا اخرج متهمة!
بيد ان رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي اعرب عن اطمئنانه الى ان الاوضاع في البلاد لن تتحول نحو العنف رغم بعض الممارسات، اذ لا مصلحة لاحد في ايصال الامور الى الشارع.
واكد ميقاتي، في تصريح له امس، انه لا بديل عن حكومة الحريري لأن اي استقالة لها تعني فراغا طويلا.