بيروت ـ عمر حبنجر وداوود رمال
بدأت رادارات ضبط سرعة السيارات في لبنان العمل منذ يوم أمس، لكن الرادارات السياسية، مازالت عاجزة عن ضبط التجاذبات الحاصلة والمتفاقمة حول الاستحقاق الساخن المتمثل بقرار الاتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وصحبه، والذي يقابله حزب الله وحلفاؤه في «المعارضة» بإثارة موضوع «شهود الزور». وفي هذا السياق، نشطت المساعي والاتصالات الداخلية والخارجية، لكن رغم كل ذلك فإن حدود التفاهم على حل وسط، بخصوص «شهود الزور» وهو الملف الضاغط من طرف المقاومة، أوحت بانعدام امكانية عقد اجتماع مجلس الوزراء غدا تبعا لوجود ملف شهود الزور على جدول أعماله. لكن مصادر رئاسة الجمهورية أكدت لـ «الأنباء» ان «مجلس الوزراء سيعقد جلسته غدا الساعة 5 مساء» وذلك خلافا لما أشيع عن عدم عقد جلسة. واضافت المصادر «ان المصلحة الوطنية تقتضي استمرار عمل المؤسسات الدستورية وكل شيء يطرح داخل المؤسسات ويتم نقاشه لتأمين التوافق حوله».
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان اتصالات ولقاءات الرئيس الحريري الأخيرة، وفرت له المزيد من الدعم لمتابعة مساره الراهن في موضوع المحكمة الدولية، و«حتى نهاية المطاف».
حزب الله يتعهد لسليمان
وفي هذه المعلومات أيضا ان قيادة حزب الله تعهدت للرئيس ميشال سليمان بعدم القيام بأي عمل عسكري، و«ان جل ما قد يحصل سيكون عبارة عن تحركات شعبية واحداث شغب هنا وهناك وليس أكثر».
وتقول مصادر المعلومات عينها ان الحزب مجبر على القيام برد فعل على ما سيرد في القرار الاتهامي، والأرجح ان يحصل ذلك قبل صدور القرار الذي لا يعرف أحد متى قد يصدر. وفي رأيها ان مثل هذه «التنفيسة» الداخلية، أقل خطرا وضررا ووطأة من أي عمل عسكري خارق للقرارات الدولية ضد اسرائيل.
أما عن السيناريوهات التي سُربت، حول أعمال عسكرية واغتيالات وسواها، فإنما كانت لجس النبض والتهويل.
وبالعودة الى جلسة مجلس الوزراء المفترضة غدا، يشار الى انه يصادف اليوم الثلاثاء التاسع من نوفمبر الذكرى السنوية الأولى لهذه الحكومة.
من جهته، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري انه لا سبب يبرر تأجيل هذه الجلسة لتكون ثاني جلسة لمجلس الوزراء، يجري تأجيلها مشددا على وجوب عقدها بجدول اعمالها المؤجل، اي الذي يتضمن بند شهود الزور.
أما في حال عدم انعقاده أضاف بري: اقول للجميع اللهم اشهد اني بلغت.
ونبه بري الى ان المزيد من التأجيل لمجلس الوزراء سيترك تداعيات سلبية على الوضع العام وعلى الجلسة المقبلة للحوار وسيعني ان البلد مزرعة... وقال: ان الرئيس سليمان بذل جهدا كبيرا لكننا لا نستطيع ان نستمر على هذا المنوال وقتا اضافيا معربا عن خشيته من صدور القرار الاتهامي فيما نحن غارقون في هذا الخلاف.
ودعا بري الى التصويت على هذا الملف في مجلس الوزراء، من حيث مرجعية التحقيق فيه: المجلس العدلي كما تقول المعارضة ام القضاء العادي، كما يشير وزير العدل، وقال: ليفز من يفوز بالتصويت ونحن مستعدون لتقبل النتيجة واحترامها اذا خسرنا، فالخسارة ليست نهاية العالم.
وحول إمكانية انسحاب الحريري حال طرح الملف الى التصويت لتعطيل النصاب لفت بري الى انه لا يمكن للحريري ان يفعلها لاعتبارين: الاول هو انه رئيس الحكومة ومن غير المألوف ان ينسحب رئيس الحكومة من جلساتها، والثاني هو اننا اتفقنا في الدوحة على وجوب الا يعطل اي فريق مجلس الوزراء.
وتقول مصادر 14 آذار لـ «الأنباء» ان الاصرار على طرح الموضوع للتصويت في مجلس الوزراء من جانب المعارضة لا يعني ان هذه المعارضة باتت تملك الاكثرية في المجلس، وإنما لكشف حقيقة موقف وزراء رئيس الجمهورية الاربعة فضلا عن وزراء وليد جنبلاط، الذي زار رئيس الجمهورية امس، وعرض معه الوضع مشددا على افضلية التوافق وبعيدا عن اختبار التصويت في مجلس الوزراء.
ونقل له رسالة دعم وتأييد لموقفه التوافقي ودوره المحوري في هيئة الحوار الوطني وحكومة الوحدة الوطنية بحسب مصدر وزاري مرافق لجنبلاط، الذي اضاف ان جنبلاط ابلغ سليمان انه لا يريد مقاطعة هيئة الحوار وهو سبق ان اعتذر مسبقا عن حضور الجلسة السابقة بداعي السفر.
آخر الدواء التصويت
وبعد اللقاء تحدث النائب جنبلاط فقال: لابد من التذكير ببعض الوقائع كي لا نضيع بين تصريح متشنج من هنا وتصريح اهوج من هناك قال الرئيس الحريري ان هناك مشكلة شهود الزور وان شهود الزور ورطوا العلاقات اللبنانية ـ السورية وجعلوا تشنجا هائلا بين لبنان وسورية، اذن اعترف الحريري بشهود الزور وقال في لندن ان سورية لا تتحمل مسؤولية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو على استعداد برأيي ان يناقش وبشكل توافقي قضية القرار الظني لأن علينا ان نفصل بين القرار الظني وبين المحكمة فالمحكمة قرار دولي، لا تلغى إلا من خلال قرار يصدر عن مجلس الامن.
وتابع: القرار الظني يواجه ولكن بالتوافق وليس بالتشنج والقرائن التي قدمها حزب الله فيما يتعلق بأنه استطاع ان يخرق الرصد الاسرائيلي وان عملية أنصارية هي خير دليل، ومهمة جدا وقد اعترفت اسرائيل بذلك وهي مخترقة للشبكات اللبنانية، لذا لا يمكن إلا العودة الى الحوار وفقط الحوار يعالج القرار الظني بالتضامن والتوافق وليس بالتصويت.
فليكن التصويت آخر الادوية، ولكن علينا ان نتحاور للوصول الى الصيغة المثالية لمواجهة القرار الظني حفاظا على الامن الداخلي.
وتعليقا على تصريح الرئيس بري بأنه اذا لم تنعقد جلسة مجلس الوزراء، قال ان الرئيس بري سعى ويسعى كما اسعى للوصول الى توافق والوصول الى الحد الادنى، وعندما ننظر الى المشهد العام في المنطقة، نرى الامور متدهورة، لا يمكن للمرء ان يسير بالبلاد الى هذا التوتر، وهذا مستحيل، فأنا لا اقول ان الرئيس بري يريد التوتر ابدا ولكن هناك بعض الحلفاء في اليمين او في اليسار يخرجون علينا بهذا التوتر ولأنني قلق كي لا استشهد بكلام انسي الحاج، الذي قال إنني خائف، نعم انا خائف وقلق على الوحدة الداخلية والموضوع لا يعالج الا بالحوار.
الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لحزب الله سأل بدوره، امس عن مبرر الخوف لدى البعض من إحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، مشددا خلال احتفال تأبيني في البقاع على «اننا لن نتوافق على الا يكون هناك مجلس عدلي، والا شرفوا الى التصويت ونحن قابلون بالنتائج مهما كانت».
وقــال قاســم ان اي قـرار اتهـامي يعتمد على نتائج التحقيقات مع شهود الزور لا جدوى منه ولا نعترف به مهما كان ويكون.