بيروت ـ عمر حبنجر
السباق على اشده على «مرمح» مجلس الوزراء اللبناني المقرر عقده اليوم بين جياد المعارضة والموالاة إضافة إلى الجهود الديبلوماسية الاقليمية، وذلك بين دعاة محاكمة «شهود الزور» قبل صدور قرار الاتهام في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وحلفائه وبين الذين لا يرون من «شاهد زور» الا من اقسم اليمين امام المحكمة وحنث بقسمه، الامر الذي لا ينطبق على الحالة الحاضرة بحسب رأيهم.
واللقاءات المتسارعة تولد مواقف غير محسوبة وغالبا غير محسومة، كما الامر بالنسبة لمواقف الكتل الوزارية التوافقية في حال طرح الموضوع على التصويت في المجلس، حيث يلعب وزراء الرئيس ميشال سليمان الخمسة ووزراء النائب وليد جنبلاط الثلاثة دور بيضة القبان في ترجيح هذه الكفة او اسقاط تلك.
ماذا يحصل في مجلس الوزراء اليوم؟ كل الاحتمالات والسيناريوهات واردة من انعقاد الجلسة الى تأجيلها، من طرح الموضوع على التصويت الى سحبه من التداول، من تصويت وزراء الرئيس سليمان والنائب جنبلاط الى هذه الجهة او تلك مع ارجحية الامتناع عن ذلك والتزام جانب الحياد، كل هذه المتغيرات واردة في اي لحظة تبعا لاتجاهات الرياح الاقليمية والدولية.
المؤكد حتى صباح هذا اليوم انه تعذر على وسطاء الخير تكوين حل سياسي توافقي لموضوع شهود الزور، القضائي بطبيعته، وهذا ما ابقى احتمال الانسحاب من الجلسة او تطيير النصاب واردا بقوة، وكذلك احتمال التصويت بالتعادل على غرار ما حصل في جلسة العاشر من يونيو الماضي عند عرض الموقف الذي يتعين على لبنان اتخاذه من التصويت على العقوبات الاضافية ضد ايران في مجلس الامن، يوم ادى هذا التعادل الى امتناع مندوب لبنان في المجلس نواف سلام عن التصويت.
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان التعادل ربما كان الخيار الاخير لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بهدف دفع هذا الملف الى جلسة وزارية اخرى لأن الاساس عنده هو اجتماع مجلس الوزراء واستمرار عمل المؤسسات بغض النظر عن القضايا الخلافية المطروحة وهو هنا يلتقي مع النائب وليد جنبلاط.
وهنا وزير الداخلية زياد بارود قال انه ملتزم في مجلس الوزراء بتوجيهات رئيس الجمهورية في موضوع التصويت خصوصا، واضاف لصحيفة «السفير»: اعتقد اننا لم نستنفد بعد سبيل التوافق حتى نصل الى التصويت.
لكن ماذا لو حصل التصويت؟ رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي تحول من الرمادية الى لون 8 آذار في هذا الموضوع قال امس: اذا حصل التصويت فسنتقبل النتيجة، ربحنا او خسرنا، لكن من غير المقبول ان يبقى الملف عالقا.
بري حث اللبنانيين عبر تصريح لصحيفة «اللواء» على عدم الخوف من جلسة اليوم، وقال: لا يهم ان اصبحت القضية في عهدة القضاء العدلي او العادي، وليتحمل حينها كل فريق مسؤولية خياراته.
اجتماع 14 آذار في بيت الوسط
بدورها قيادات 14 آذار عقدت اجتماعا تنسيقيا في «بيت الوسط» بحضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والرئيس السابق أمين الجميل، ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والرئيس فؤاد السنيورة ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، والوزراء: بطرس حرب، ميشال فرعون، سليم وردة وجان أوغاسابيان، والنواب: دوري شمعون، سامي الجميل، جورج عدوان، احمد فتفت، سيبوه كلبكيان، انطوان زهرة وستريدا جعجع، والنواب السابقين فارس سعيد، سمير فرنجية، باسم السبع، الياس عطاالله، غطاس خوري، نايلة معوض، منصور غانم البون وصولانج الجميل.
ولم يصدر بيان عن الاجتماع، انما ذكرت مصادر مشاركة ان المجتمعين أكدوا عدم التنازل في موضوع المحكمة، وانه جرى تفويض الرئيس الحريري لمتابعة الاتصالات وتقرير ما يراه مناسبا ضمن معادلة متابعة موضوع شهود الزور في القضاء لكن ضمن عدم احالته الى المجلس العدلي.
وكانت «الأنباء» أشارت الى ان اجتماع الأمس، كان مقررا يوم الجمعة، أي بعد جلسة مجلس الوزراء، وبعد خطاب السيد حسن نصرالله الخميس، لكن الرئيس سعد الحريري ولمعطيات توافرت لديه قرر ان يكون الاجتماع قبل جلسة المجلس وما سيليها، لتدارس الموقف في حال طرح بند «شهود الزور» على التصويت.
وفي معلومات لـ «الأنباء» ان اجتماع بيت الوسط، اكد من حيث المبدأ على مقررات ونتائج لقاءات بكركي المسيحية وبيانات مواقف أمانة 14 آذار وكرس وحدة موقف هذه القوى، ثم تناول بالبحث نقطتين: الاولى تناولت الحديث عن طائف جديد، بهدف إثارة موضوع المثالثة في السلطة بدلا من المناصفة، وهذا أمر متفق على رفضه بالمطلق.
والثانية نقطة المحكمة، و«شهود الزور» وما سيدور حولها في مجلس الوزراء اليوم، الموقف من المحكمة قاطع وثابت، فهي قرار دولي، ولبنان ملزم باحترام القرارات الدولية. أما موضوع شهود الزور فقد اتفق المجتمعون على ان غاية الإصرار على طرح هذا الموضوع للتصويت في مجلس الوزراء كشف موقفي الرئيس سليمان والنائب وليد جنبلاط من مجمل المواقف، وليس من هذا الملف وحسب، ومن هنا يسعى الرئيس سليمان والنائب جنبلاط الى تجنب خيار التصويت.
أما موقف الرئيس الحريري وفريقه الوزاري داخل الجلسة حال طرح الملف على التصويت، فهناك من اقترح انسحاب الحريري ومن خلفه الوزراء، وهناك من رأى انسحاب الوزراء دون رئيسهم.
اجتماع وزراء المعارضة
بالمقابل عقد أمس اجتماع لوزراء «المعارضة» في الحكومة، بحيث جرى البحث في الموقف الواجب في مجلس الوزراء بخصوص التصويت أو عدمه في حال طرح الموضوع على التصويت، وكان الوقوف الى هذا الجانب.
وكان النائب وليد جنبلاط رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي عرض هذا الموضوع مع الرئيس ميشال سليمان ثم بحثه في دمشق أيضا في زيارة هي الثانية له في غضون أسابيع.
من جانب آخر، قال السفير السعودي علي عواض عسيري عقب استقباله رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع: لا مبادرات سعودية جديدة بل تمنيات بحوار هادئ بين اللبنانيين.
واضاف: لقد نقلت للدكتور جعجع اهتمامات خادم الحرمين الشريفين بالوضع اللبناني، «وايمانه القوي بان الحل اللبناني ـ اللبناني هو الابقى وليس الحل المستورد او المفروض».
لا أحد يؤخر عمل المحكمة
في هذا الوقت كان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي جون كيري، يقول خلال محادثاته في بيروت انه لا لبنان ولا سعد الحريري يمكنهما التأخير في عمل المحكمة الدولية.
ويبدو ان هذا ما جاء كيري ليقوله في بيروت، وهو ما كان يأمل ان يقوله لوزير الخارجية اللبنانية علي الشامي، عندما دعاه، حينما كان ضمن الوفد الرئاسي اللبناني في افتتاح دورة الامم المتحدة للانتقال الى واشنطن وحضور اجتماع للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، لكن الوزير الشامي اعتذر بداعي عدم اتقانه اللغة الانكليزية، كما ذكرت المصادر المطلعة لـ «الأنباء» في بيروت.
بدوره وزير الدولة ميشال فرعون رأى ان «كل المواقف خرجت عن اطار الكلام والحوار المعقول الذي يهدف الى الوصول الى محاسبة شهود الزور»، مشيرا الى ان «وزراء الاكثرية سيدخلون الى جلسة مجلس الوزراء مع مبدأ اساسي هو فصل السلطات».
اما عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي المقداد فقد اكد اصرار المعارضة على موقف موحد لاخذ ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، مشيرا الى ان المعارضة سترضخ لنتائج التصويت داخل مجلس الوزراء، لافتا الى انها ستقبل بتحويل الملف الى القضاء العادي.
وشدد المقداد على ان هدف المعارضة كشف الحقيقة ودحض الفتنة لا التعطيل ولا وضع العصي في الدواليب.
لكن عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب فادي الاعور، قال انه عندما يخرج رئيس الحكومة سعد الحريري من جلسة مجلس الوزراء بحال التصويت على ملف شهود الزور، لا يعود رئيس حكومة، وان خروج وزرائه هو بمثابة ضربة للبلد، مؤكدا انهم سيتقبلون النتائج الديموقراطية للتصويت.