الخرق الوحيد الذي حصل لأجواء الجلسة «الهادئة والمضبوطة الايقاع» من الرئيس ميشال سليمان كانت المشادة الساخنة بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الاتصالات شربل نحاس، فالوزير نحاس قدم مداخلة قال فيها إن المنطق يفترض حصول إجماع في مجلس الوزراء على احالة شهود الزور الى المجلس العدلي بعد الذي ظهر من سير التحقيق الدولي، وأشار الى ضغوط المجتمع الدولي على لبنان في موضوع المحكمة والخضوع لهذه الضغوط.
ومما قاله نحاس أيضا إن المجتمع الدولي ليس طوباويا، فهو يمارس نفوذه من خلال الحروب أو الضغوط، ورأى أن البعض في لبنان يخضع للضغوط، فيما نحن كسلطة سياسية لا نملك في مواجهة هذه الضغوط سوى التضامن عبر إحالة ملف شهود الزور الى المجلس العدلي، مستغربا النقاش في هذا الشأن، وأضاف «ان غايتنا من ذلك تحصين أنفسنا، لأننا دولة ضعيفة في لعبة الدول الكبرى».
وقال نحاس في حديثه عن ملف شهود الزور: «إننا على كل حال نعلم أن هناك ضغوطا تمارس»، فقاطعه الحريري قائلا: «أوضح، ضغوط على من؟» فاكتفى نحاس بالقول: «ضغوط..»، وسأله الحريري: «من الذي يضغط»، فلم يجب، وأضاف الحريري: «تريد أن تقول إن إسرائيل تضغط علينا؟»، فأجابه نحاس: «نعم»، فاستشاط الحريري غضبا وقال: «أنا لا أسمح لك بهذا الكلام وهذا كلام غير مقبول ونحن تحملنا الكثير من هذه الاتهامات المرفوضة ولم نعد مستعدين لتحمل إشارات وتلميحات كهذه، وأنا لست مضطرا لأن أكون في موقع كهذا لأرد على هذه الأمور».
ويبدو أن حديث نحاس عن خضوع البعض للضغوط أثار حفيظة وغضب رئيس الحكومة الذي قال أيضا: «إن ابن رفيق الحريري لا يخضع لأي ضغوط، وهو يتخذ قراراته باقتناع كامل»، وزاد الحريري: «على كل حال نحن نعرف من يضغط عليكم ولدينا كل التفاصيل في هذا الصدد ونعرف ما الأهداف الكامنة وراء كل هذا الضغط والحملات التي تحصل»، وأضاف: «احترم نفسك، لا أسمح لك بهذا الكلام، لا أمامي ولا أمام مجلس الوزراء، «واحد متلك ومتل أمتالك بيتعرض لضغوط من إسرائيل، انتهينا من اسطوانة اتهامات العمالة والتخوين». وهنا تدخل الرئيس سليمان وطلب من الوزير نحاس ان يوضح ما قاله فرد نحاس: «انا لم اقصد ان أتهم احدا بأنه يتعامل او ان اسرائيل تضغط عليه»، الا ان هذا التوضيح لم يرض الرئيس الحريري الذي ظل غاضبا وبدا عليه الامتعاض الشديد بشهادة العديد من الوزراء.
وقال وزراء إنهم رأوا الحريري يشير إلى نحاس بإصبعه عند مغادرته القاعة وسمعوه يخاطبه: «اسمع يا شربل نحاس، هذا الكلام ستدفع ثمنه غاليا»، فرد نحاس بالمثل، إذ التفت إلى الحريري وأشار بإصبعه إليه، مخاطبا إياه: «هذا الكلام لا يليق أبدا بشخص يريد أن يكون رئيس حكومة».
وانتقلت السجالات بين الوزراء الى خارج قاعة الاجتماعات، حيث قال وزير العدل ابراهيم نجار لدى خروجه من الجلسة لإجراء اتصالات انه «لا يوجد ملف أصلا عند القضاء اللبناني بما يتعلق بشهود الزور»، فرد عليه الوزير الحاج حسن «بالتأكيد أن هناك ملفا وإلا كيف كان لوزير العدل ان يعد تقريرا وكيف تنتظر الحكومة 86 يوما لتعلن للشعب انه لا يوجد ملف يسمى «شهود الزور».
من جهته أيد الوزير جان أوغاسبيان مقولة نجار إنه لا يوجد ملف، وحصلت مشادة كلامية بينه وبين الحاج حسن حول أحقية القضاء العادي أو العدلي، وقال الحاج حسن ان ما يعد للبلد أخطر بكثير مما مر به لبنان خلال السنوات الخمس الماضية.
من جهته اكد عضو تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب آلان عون ان «الوضع لا يحتمل المزيد من التأجيل، لاسيما ان الاعياد المقبلة هي التي جمدت الانفجار ويجب الحصول على حل في الملفات المطروحة، ولكن حتى الآن هذا الامر ليس متوافرا، معتبرا ان «الحكومة عاجزة عن تغطيتها وكان يجب اللجوء الى التصويت لطي هذه الصفحة ولكننا وصلنا الى حائط مسدود».
وعن السجال الذي حصل بين الوزير شربل نحاس والرئيس سعد الحريري في جلسة مجلس الوزراء، قال عون: «الوزير نحاس وصف واقع الامور، والموضوع ليس شخصيا، ولكن في جو التشنج الموجود اخذ الرئيس الحريري الموضوع بصورة شخصية».
وعن كلام النائب عقاب صقر امس حيث طالب نحاس بالاعتذار، قال عون: «نأسف ان يكون الزميل صقر الذي اعطي فرصة لكي يمثل الشعب اللبناني ان يتحول الى ناطق باسم وسام الحسن، فبدلا من ان يكون نائب الامة اصبح نائب الشعبة».